تحولت المسيرة السلمية التي نظمت صباح أمس بقسنطينة من أجل التضامن مع عائلتي هارون وابراهيم، وشارك فيها عشرات الآلاف من سكان المدينة وتلاميذ المدارس، إلى اشتباكات ومشادات بيت قوات الأمن والمتظاهرين خلّفت حوالي 50 جريحا، 20 منهم في صفوف رجال الأمن و 40 موقوفا من بينهم قصّر.. خروج المسيرة عن نطاقها السلمي جاء بعد قيام مجموعة من الشبان بالاندساس وسط المتظاهرين، لتتحول بذلك الوقفة من مطالبة بالقصاص من قاتلي الطفلين هارون وابراهيم، إلى تراشق بالحجارة والمقذوفات استهدف رجال الشرطة ومجلس قضاء الولاية وبعض المرافق العمومية المجاورة له، حيث ألحق بها المتظاهرون أضرارا جسيمة، وكذلك الحال بالنسبة لسيارات رجال الأمن والحماية المدنية. هكذا تحولت المسيرة من سلمية إلى اشتباكات ومشادات.. “لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله.. القصاص.. الإعدام.. شرع الله.." هي العبارات التي حملتها شعارات المسيرة السلمية التي نظمها صباح أمس سكان عاصمة الشرق، من أجل مطالبة الجهات القضائية في البلاد بتطبيق حكم الإعدام في حق قاتلي الطفلين هارون وابراهيم. وقد استمر هذا الوضع حوالي ساعة ونصف من الزمن جاب خلالها المتظاهرون مختلف أحياء قلب المدينة، وسط تعزيزات أمنية مكثفة، قبل أن يتوقف الموكب عند المدخل الرئيسي لمجلس قضاء قسنطينة، وبه طلب المتظاهرون مقابلة النائب العام والحصول على مكتوب منه يقضي بإعدام القاتلين، وهي الفرصة التي استغلها بعض الشبان الذين كانوا بالقرب من المجلس، في انتظار صدور الحكم لأفراد مجموعة أشرار، حيث اندسوا وسط المتظاهرين وبدأوا برشق المجلس بالحجارة والمقذوفات، لتتطور بعدها الأحداث وانتقلت من ساحة المجلس إلى قلب ساحة لابريش، التي تحولت بعد نصف ساعة من الزمن إلى “خراب"، حيث تم تحطيم كل المرافق العمومية الموجودة بها، بما فيها سيارات رجال الأمن والحماية المدنية، الشيء الذي استدعى طلب الدعم الأمني واستخدام رجال الشرطة للغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين. جرحى ومعتقلون وضرر كبير لحق بالمرافق العمومية خلّفت الاشتباكات التي تخللت المسيرة السلمية التي عرفت مشاركة عدد كبير من النساء والآلاف من طلاب المدارس والثانويات، خلّفت حوالي 50 جريحا، 20 منهم في صفوف رجال الأمن، حالة بعضهم خطيرة، وهو نفس الحال بالنسبة للمتظاهرين الذي أصيب بعضهم بكسور وآخرون بجروح أثناء عملية التراشق بالحجارة والمقذوفات، وهم الضحايا الذين تم نقلهم من قبل مصالح الحماية المدنية إلى مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي ابن باديس، حيث تحولت الأخيرة إلى شبه محشر في ظل التوافد الكبير للمصابين وأهاليهم، وهي الوضعية التي حاولت إدارة المستشفى التأقلم معها، من خلال إعلان حالة استنفار وتوجيه جميع الأطقم الطبية للمصلحة من أجل التكفل بالمصابين وتقديم الإسعافات الضرورية لهم. حدث هذا في الوقت الذي تمكنت مصالح الأمن من توقيف حوالي 40 شخصا، من بينهم قصّر، تم ضبطهم في حالة تلبس وهم بصدد رشق عناصر الأمن بالحجارة وكسر واجهات المرافق العمومية وسيارات الشرطة ومصالح الحماية المدنية. وحسب مصدر على صلة بالقضية، فسيتم التحقيق مع الموقوفين وإعداد ملفات في حقهم، على أن يتم عرضهم خلال الساعات القادمة أمام وكيل الجمهورية بتهمة الإخلال بالنظام العام والاعتداء على الممتلكات العمومية. والدا الضحيتين تبرءا مما حصل والدا الضحيتين، ردا منهما على ما حصل، تبرّءا من أعمال الشغب التي تخللت المسيرة، وأكدا أن غايتهما كانت من أجل الدفاع عن حق ولديهما والمطالبة بالقصاص من القاتلين، بعيدا عن أي أعمال شغب وإخلال بالنظام العام، وعبّرا عن أسفهما الكبير لما تخلل المسيرة السلمية. كما طالبا الجهات القضائية بالأخذ بعين الاعتبار مطلب إعدام القاتلين حتى يكونا عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالبرءاة. وهي نفس التصريحات التي جمعناها على لسان بعض من شاركوا في الوقفة، من بينهم إسلام: “كل ما حصل من شغب خلال المسيرة لا صلة لنا به، وهدفنا من الخروج إلى الشارع كان من أجل المطالبة بالقصاص من القاتلين فقط والوقوف بجانب عائلتي الضحيتين، أما ما دون ذلك فهو عمل جبان صدر عن مجموعة هدفها ضرب استقرار المدينة".. وهو نفس ما ذهب إليه شاب في العقد الثالث من عمره: “ ما تخلل المسيرة هو عمل مبيّت من قبل منحرفين لا يؤمنون بالسلم للمطالبة بالحقوق، ونحن متبرؤون منهم، لأن مشاركتنا في المسيرة كانت من أجل المطالبة بالقصاص من القاتلين فقط". ممثلون عن المجتمع المدني التقوا بالنائب العام وسلّموه طلبا رسميا للقصاص من القاتلين من جهته، ذكر أحد ممثلي المجتمع المدني، أن النائب العام بمجلس قضاء قسنطينة استقبل أربعة ممثلين عنهم قدموا له طلبا رسميا من أجل إصدار أمر يقضي بتطبيق القصاص في حق القاتلين، وذلك - حسبهم - نزولا عند طلب سكان المدينة الذي أظهروا منذ اللحظات الأولى لاكتشاف جثتي هارون وابراهيم تمسكا كبيرا بقرار الإعدام في حق القاتلين، وهو المطلب الذي خرجوا من أجله صباح أمس في مسيرة شارك فيها عشرات الآلاف. استجابة واسعة للإضراب وشلل تام بقسنطينة وقد لقيت الوقفة التضامنية مع عائلتي هارون وابراهيم استجابة واسعة، حيث امتنع غالبية التجار بالولاية عن فتح محلاتهم، وكذلك الحال بالنسبة للمخابز والبازارات، في الوقت الذي توقفت حركة السير بشكل شبه كلي بالولاية. كما كان تلاميذ المدارس الفئة التي سجلت حضورها بقوة. توقيف مصورين أجانب بدون رخصة أوقف رجال الأمن، خلال الاشتباكات التي تخللت المسيرة السلمية، مصورّين كان أحدهما بصدد التقاط صور والثاني كان يحمل كاميرا سجّل عليها مختلف أحداث الشغب، قبل أن يتضح بعد استجوابه - حسب مصدر على صلة بالقضية - أنه لا يحمل ترخيصا للقيام بذلك، وأنه أجنبي يعمل لصالح قناة أجنبية. وبناء على ذلك قامت الجهات الأمنية بمنع أي كان من تصوير الأحداث التي حصلت، بما في ذلك الصحفيين والمصورين المعتمدين، خوفا من استغلالها في التشويش على الوضع في الجزائر. روبورتاج :عبد الكريم لونيس