- القاضي : المحكمة لها سلطة إحضار من شاءت من الشهود مهما كانت صفاتهم - ميلود براهيمي: توقيت المحاكمة جاء لتوظيف سياسي - محامون يتأسسون قبل 24 ساعة فقط في حق متهمين لا يعرفون أسماءهم ولا ملفاتهم - الأمن يمنع علي بن حاج من حضور المحاكمة أجلت محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة، أمس، الطبعة الثانية للمحاكمة في ملف “الخليفة بنك" إلى الدورة الجنائية المقبلة لاستدراك بعض الإجراءات الناقصة، كإثبات الوفيات وسط المتهمين، وعدم ورود أسماء بعض الطاعنين الذين أدرجتهم المحكمة العليا في قائمة خاصة بهم. وجاء تأجيل النظر في الطعن بالنقض من طرف النيابة والمتهمين، أمس، وسط اتهام كاله محامون ضد جهات لم يسموها بتوظيف سياسي للملف، ووسط تضارب كبير أيضا بين محامي الدفاع حول احتمال استمرار أو تأجيل المحاكمة. كان مجلس قضاء البليدة، صباح أمس، الهيئة الأشهر في أرجاء البلد باعتباره كان يحتضن أشهر المحاكمات في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث استوقفت كاميرات وسائل الإعلام عددا كبيرا من المارة الفضوليين، إذ لم يسمح النائب العام بدخول حامليها إلى قاعة الجلسات التي عجت بالحضور. وترصد الاعلاميون منذ الثامنة والنصف صباحا وصول المشاهير المعنيين بالمحاكة، سواء كشهود أو كمتهمين، إذ كانت تصل بعض الشخصيات تباعا، فرادى وجماعات، وشوهد بعض أعلام الرياضة الجزائرية مثل لخضر بلومي الذين كان رفقة سعيد عليق، رئيس اتحاد العاصمة سابقا، ومحند شريف حناشي، إذ أخذ الثلاثة مكانا في آخر القاعة بعيدين عن الأعين، وهو الموقع الذي تفاداه الحاج مسعود، رئيس مولودية الجزائر الأسبق، حيث كان طوال المحاكمة واقفا وسط الصحفيين ويجيب عن أسئلتهم بكل عفوية، بينما كان يقابلهم في المكان المخصص للمتهمين مزيان إيغيل اللاعب الدولي والمدرب السابق لأولمبي الشلف. هذا عن الوجوه الرياضية البارزة التي حضرت أمس. أما بالنسبة للأسرة الكروية فقد غاب، رغم ورود أسمائهم على لسان القاضي كشهود، كل من الإعلامي الشهير في القناة الثالثة معمر جبور، والحاج محمد روراوة رئيس الفاف، ورئيسا وفاق سطيف وأولمبي الشلف، عبد الحكيم سرار وعبد الكريم مدوار. ومن المشاهير الذين حضروا إلى المحاكمة - بصفتهم شهودا أيضا ليندة بن ويس، ابنة الطيار والرئيس المدير العام السابق للخطوط الجوية الجزائرية، الطاهر بن ويس. كما حضر مدير عام المطبعة الوطنية، عبد القادر مشاط، ومحافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي، ومنصف بادسي، مصفي بنك الخليفة، وفوداد عدة، مدير مدرسة عين البنيان للشرطة سابقا، الذي قضى العقوبة ويسعى لرد الاعتبار حاليا. أما من أشهر المحامين الذين لايزالون يرافعون في القضية، فقد جاء كل من فاروق قسنطيني ونورالدين بن اسعد وميلود براهيمي، وغاب كل من مصطفى بوشاشي وخالد بورايو وخالد برغل. الافتتاح.. جولة جديدة بين التأجيل والاستمرار استغرقت إجراءات افتتاح المحاكمة وإثبات مضمونها (الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في 2007)، وإثبات وجود أطرافها، الفترة الصباحية بأكملها، حيث شرعت هيئة المحكمة في المناداة على المتهمين والطرف المدني من شركات ومؤسسات وشهود. وتجاوزت هذه الأطراف الثلاثة مجتمعة، المائتي (200) اسم، إذ تضمنت قائمة المتهمين 74 اسما وقائمة الطرف المدني الطاعن 49 شركة ومؤسسة (أشخاص معنويين وماديين)، وما تبقى كانوا من الشهود الذين قارب عددهم ال 120 اسم. ومن أشهر من نادى عليهم القاضي كشهود، الرئيس المدير العام لشركة سونلغاز، والوزيران مراد مدلسي وكريم جودي، والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد، ورئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني. وكانت الأسماء الأخرى ترد على لسان القاضي بشكل غير واضح تماما، بسبب الفوضى التي كانت تسود القاعة وارتفاع الأصوات في كثير من الأحيان، اضطرت القاضي مرة أو مرتين لطلب الهدوء. وبعد استكمال إجراءات إثبات الحضور والغياب، جرت على هامش المحاكمة عدة نقاشات واستجوابات للمحامين مع الاعلاميين، لمعرفة مصير محاكمة الأمس، بعد أن اطلعت المحكمة على غياب عدد كبير من الشهود، ناهز المائة غائب. وكان الأستاذ بلخيد عبد الحفيظ قد أكد، على الهامش، أن المحكمة لها سلطة التقدير وباستطاعتها إحضار الشهود، “وبالنسبة لنا كمحامين لا نستبعد مقاطعة المحاكمة في حال طالبنا إحضار شهود مهمين في القضية، ولا يستجاب لمطلبنا، إلا أننا اليوم نفضل أن نضع هذا الكلام في سياق الاحتمال لأن المحاكمة لم تنطلق بعد". أما المحامي ميلود براهيمي، فقال صراحة إنه لا يستبعد توظيف المحاكمة لأغراض سياسية، “إذ لم أر ولم أسمع طيلة مسيرتي المهنية بقضية تم النظر فيها بعد ست سنوات من الطعن بالنقض في أحكامها، مع العلم بأهميتها القصوى في المشهدين الاقتصادي والسياسي"، مستغربا ذلك بقوله “إننا أمام حالة استثنائية في تاريخ العدالة الجزائرية"، قبل أن يضيف حول مصير المحاكمة:«أنا شخصيا نبذت طوال مشواري المهني تأجيل القضايا ولا أرى اليوم مانعا من استمراها إلا إذا رأت المحكمة غير ذلك". بعد أن تمت المحكمة إجراءات الإثبات، طمأن رئيس الجلسة دفاع المتهمين بقوله “إن للمحكمة إجراءات قانونية عديدة تمكنها من إحضار الشهود الذين ترى حاجة لحضورهم، وهذا ليس إشكالا البتة". وأردف:«من لم يحضر اليوم قد يحضر غدا، وحتى بالنسبة لأولئك الذين لم تردهم الاستدعاءات، عليكم أن تطمئنوا أنها سترد إليهم في حال قررنا ذلك". ليرفع رئيس الجلسة، الجلسة، معلنا أنها ستستأنف في الثانية ظهرا. وقبل عودة هيئة المحكمة في الفترة المسائية، كانت النيابة العامة قد طلبت من نقابة المحامين مساعدة قضائية في حق ثمانية متهمين لم يكن لديهم محامون يدافعون عنهم. وقال أحد محامي الدفاع ل«الجزائر نيوز" إنه تم توكيلهم في حق أشخاص لا يعرفون أسماءهم ولا ملفاتهم، وقد تم منحهم أقراصا مضغوطة 24 ساعة فقط قبل المحاكمة للإطلاع على ملفات موكليهم. واعتبر بعض المحامين هذا الإجراء بغير الإحترافي، وذكرت محامية أخرى أن هذا الإجراء يدخل في إطار مد يد العون للنقابة، وعادة هو مخصص للمحامين المتربصين.. لكن بسبب ثقل الملف أوكلت المهمة إلى محامين متمرسين. وفي الفترة المسائية عادت محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة لتعلن عن تأجيل المحاكمة إلى الدورة الجنائية المقبلة، لاستكمال الاجراءات، كإثبات وفاة وغياب أربعة متهمين، إذ قرر النائب العام أن يكون الإثبات بتقديم شهادة الوفاة، وليس بتصريحات محاميهم أو بعضا من أقربائهم. كما أكد رئيس المحكمة أن التأجيل مبني أيضا على ضرورة إدماج طاعنين بالنقض في قائمة هذه الفئة، سقطت أسماؤهم لخلفيات لم يعلنها. ليتأكد ما سبق أن كتبته “الجزائر نيوز"، وهو أن القضية في حاجة إلى استكمال كثير من أسرارها لتمهيد الطريق أمام محاكمة شفافة وغير منقوصة.