تحول المطلب الشفوي للعديد من الساسة المتضمن إحالة جبهة التحرير الوطني على متحف التاريخ، إلى مبادرة ميدانية ملموسة، بإصدار أول لائحة دعم لهذا المسعى بتوقيعات مفتوحة، دشنتها شخصيات وطنية سياسية ثورية واعلامية. المبادرة جسدتها الهيئة الجزائرية للدفاع عن الذاكرة التي يقودها الناطق الرسمي، أحمد لخضر بن سعيد. وبدأ مضمون اللائحة بالاعتراف الصريح بالدور الكبير الذي لعبته جبهة التحرير الوطني في تحرير الجزائر. وأثنت الوثيقة أيضا على جبهة التحرير الوطني “حيث أصبحت نموذجا عالميا يحتذى به في التحرر وأدت بكفاءة عالية دورها الثوري والتاريخي وتحملت بروح مسؤولة واجباتها إزاء الجزائر شعب وبلدا، وأكملت دورها بتحقيق هدفها يوم الخامس من جويلية 62". ومن هذا المنطلق ترى المبادرة أنه يتعين “على كل الوطنيين الأحرار في الجزائر العمل الجاد للحفاظ على ذاكرتهم وتراثهم، وذلك بتجسيد هذه الحماية في الدستور القادم وجعل جبهة التحرير الوطني هيئة غير متحزبة تسهر على هذا الإرث التاريخي المجيد وتضمن استمرارية روح نوفمبر الذي ستبقى الأجيال القادمة تحتفي وتحتفل بإنجازاته التي لا تقدر بثمن". وزاد أصحاب اللائحة على دسترة الحفاظ على الأفلان كهيئة غير متحزبة، أن يتم تجريم الاستعمار دستوريا “لأننا نعتبر أن الجريمة لاتزال مستمرة في حق الشعب الجزائري"، يضيف مضمون اللائحة، معتبرة في سياق متصل أن “استقلال الجزائر يتآكل وحان الوقت لحماية سيادة الجزائر والدفاع عن مصلحة الشعب". وجاء في مقدمة الموقعين على اللائحة أسماء شخصيات وطنية، يتقدمهم رؤساء ثلاثة أحزاب سياسية، هم عبد العزيز غرمول وفاتح ربيعي وأحمد بن عبد السلام، ومجاهدين قدامى وأبناء شهداء وإعلاميين بارزين، يتقدمهم علي ذراع، محمد بغالي والعربي زواق ورشيد فضيل ومحمد مسلم. وفي اتصال مع علي ذراع، صرّح هذا الأخير:"رغم أنني أفلاني التوجه إلا أن الجبهة بالنسبة لنا هي الجزائر، والجزائر أكبر من كل شيء، وما ورود اسمي ضمن قائمة الموقعين سوى دليل على حبنا للجبهة التي يكون حري بنا الحفاظ عليها كإرث تاريخي على أن يتم تحويلها إلى سجل تجاري للفساد على حساب المناضلين". وقال علي ذراع إن طرح دسترة الأفلان قبيل تعديل الدستور “ليس أمرا غير منطقي بل كلما أسرعنا لتحقيق ذلك كلما أنقذنا سمعة الجبهة، ولا يحتاج تحويلها لإرث تاريخي وقتا طويلا كما يعتقد البعض". وتضمنت اللائحة المفتوحة للتوقيعات أسماء أشخاص آخرين من مختلف الشرائح الاجتماعية، من البطالين إلى المتقاعدين مرورا بنخبة المجتمع من سياسيين وإعلاميين وثوريين، وحتى أبناء شهداء.