خلال جلسة جمعتنا بعميد الشرطة عميد أحمد الذي تولى مهمة أمن الملاعب خلال السنوات الماضية قبل أن يخرج إلى التقاعد، تطرق إلى عديد ذكرياته مع نهائيات كأس الجمهورية التي عاشها كمسؤول عن أمن الملاعب، بالإضافة إلى بعض النقاط الأخرى التي أجابنا عنها. منذ أن نلت التقاعد عينت في جمعية متقاعدي الشرطة بعد 40 سنة كاملة قضيتها في العمل، وحاليا أشغل منصب الكاتب العام للجمعية بالإضافة إلى إشرافي على مدارس الشرطة التي أقدم فيها دروسا لأفرادها. بكل صراحة سوف لن أتواجد بالملعب يوم اللقاء، إذ رغم الخدمات التي قدمتها في ملاعبنا عبر كامل التراب الوطني وتعاملي الطويل مع الفاف والرابطة الوطنية لكرة القدم، إلا أن الجميع نسيني، إذ لم تصلني ولا دعوة من الهيئتين لحضور مثل هذه المواعيد، وبالتالي فأنا غاضب جدا من هذا الإجحاف في حقي، حيث لم يتذكرني أي أحد رغم الخدمات والتعاون الذي قمت به من أجل تأمين الملاعب، فلولاي رفقة أفراد الشرطة لما كان النشاط في الملاعب ليستمر بهذا الشكل، وهنا بودي الإشارة إلى أن النشاط السنوي الكروي أصبح حقيقة بفضل ما قدمناها في هذا المجال. دعني أولا أثير نقطة كثيرا ما شكلت مادة دسمة في وسائل الإعلام من خلال وصفها مواعيد لقاءات الداربي ونهائيات كأس الجمهورية بالخطيرة في حين كنت دائما أقول إن المواجهات التي تجمع المولودية والإتحاد هي بمثابة عرس كروي على منوال كل اللقاءات الأخرى، وبالتالي لا خطر ولا خوف على الأجواء التي ستسود اللقاء، وبالعودة إلى نهائي الأربعاء أقول إن أحسن المقابلات التي عشتها وحضرتها كانت تلك التي جمعت بين المولودية والإتحاد لأنهما فريقان كبيران يتواجد أنصارهما بباب الوادي، القصبة، وسوسطارة وفي مختلف أنحاء العاصمة والجزائر، بل هناك في أفراد العائلة الواحدة مشجعون للفريقين ومع ذلك لم يحصل أي مكروه لحد الآن. وأتوقع أن يسير نهائي الموسم في ظروف جيدة، وبالمناسبة أقول للجماهير إن لقاءات الكرة هي قبل كل شيء فرجة وفضاء للترويح عن النفس وبالتالي أطلب من المناصرين أن يحولوا اللقاء إلى عرس كروي حقيقي وبمثابة يوم عيد بالنسبة للعاصمة. وفي جانب آخر أقول إن كل النهائيات الكروية التي تجري في العالم تكون بمثابة أعراس يستمر الإحتفال بها لعدة أيام، وأتذكر أنني كنت أضمن أجواء احتفالات الرقص والغناء التي يقوم بها الأنصار وأسهر على تأمين حركة المرور دون أن تحدث أي مشاكل، وهذا عبر كل أحياء العاصمة. رغم أن كل النهائيات جرت في ظروف حسنة، إلا أن النهائي الذي جمع بين أولمبي المدية وشباب بلوزداد ما يزال عالقا بذهني، كونه جرى في ظروف أمنية خطيرة عاشتها الجزائر تطلبت فرض حظر التجول بعد منتصف الليل، غير أن أجواء الاحتفالات التي أعقبت اللقاء جعلت المناصرين يطلبون مني السماح لهم بمواصلتها إلى بعد منتصف الليل وقد وافقت على ذلك، حيث استمرت الهتافات إلى غاية الثانية صباحا دون أن تحدث أي تجاوزات. ما من شك أن وجود الآلاف من الأنصار في بعض الملاعب والذين يصل عددهم إلى 50 ألفا من شأنه أن يتسبب في وقوع بعض التجاوزات والحوادث المؤلمة، إذ هناك أنصار يتسببون في وقوع الفوضى والتجاوزات، فلا يعقل أن يصعد المناصر إلى العمود الكهربائي ويشجع فريقه، وهي المظاهر التي لم تكن موجودة عندما كنت أشرف على أمن الملاعب. وفي هذا الإطار أقول إن التعاون بين الشرطة ومسيري الأندية والأنصار ضروري لتفادي مثل هذه الحوادث المؤملة، وأنا أتذكر أننا طلبنا من الأندية تكوين لجان أنصار تتكفل بتوجيه الجماهير وتأطيرها. إن المتعارف عليه هو أن خلال كل مقابلة كروية تتم عملية تفتيش الأنصار، غير أنه يمنع على الشرطة تفتيش جيوب المناصرين بل يقتصر دورها على لمس جسم المناصر لتجريده من أي سلاح أو شيء لا يسمح به القانون من السكاكين والحجارة. كما تهتم الشرطة كذلك بتفتيش المدرجات قبل انطلاق اللقاءات. هي بالتأكيد وسيلة فعالة تستعمل خاصة في اللقاءات التي تعرف توافدا كبيرا للجماهير، حيث تجوب عدساتها كل المدرجات وأرجاء الملاعب، ويتم التركيز على تكبير عدسة الصورة عندما تحدث تجاوزات من الأنصار لتحديد الفاعلين الذين يتسببون في الشغب ومعرفة هويتهم، وهذا من خلال الإتصالات التي تتم بين أعوان الشرطة المتواجدين بالمرجات الذين يحددون المكان بالضبط وتستعمل في هذه المجالات أجهزة الأمن كالتلفزيون والراديو. وبالمناسبة أستطيع القول إن الكاميرا لعبت دورا كبيرا في الحد من ظاهرة الشغب على نحو ما يحدث في مختلف دول العالم، حيث تتواجد مراكز مراقبة متطورة جدا لتحديد هوية ومكان المشاغبين بوسائل متطورة. عادة ما تستعمل في تحديد اتجاه الأنصار ومحيط الملعب بهدف تنظيم حركة المرور واتخاد الإجراءات التي يمكن اتخاذها عندما تسير الجماهير نحو الملاعب، حيث يعلمنا طاقم الطائرة بحجم الأنصار الراجلين أو على متن السيارات والحافلات، وعلى ضوء المعلومات نتحكم في الوضع وعملية دخول الأنصار إلى الملعب. بودي هنا توضح أمر مهم، وهو أن العملية لا تعني بتاتا انسحاب أجهزة الأمن، وباعتبار أن المقابلات الكروية هي في الأساس أعراس، فإن المطلوب من مسؤولي الملعب ومسيري الفريقين تنظيم هذا العرس، فيما تبقى الشرطة متواجدة خارج الملعب، متمركزة في شكل مجموعات داخل الملعب كذلك في أمكنة معينة، ويتولى أعوان الملعب المهمة في المدرجات، حيث يتوجب تكوينهم بطريقة جديدة، لأن المتواجدين اليوم هم في الأساس عمال البلديات أو الفرق ليس إلا. إن أعوان الملاعب يجب أن يتمتعوا بكامل لياقتهم لمراقبة الأنصار في المدرجات من خلال وضعيتهم داخل الملاعب كذلك، وإذا لم يتمكنوا أحيانا من احتواء تجاوزات الأنصار فإن تدخل مجموعات الشرطة يتم بطريقة آلية من خلال تدخلهم في المدرجات بالإضافة طبعا إلى مهمتهم خارج الملعب. بالتأكيد فإن قرار انسحاب الشرطة سيتم تدريجيا موازاة مع تكوين أعوان الملاعب الذين سيتولون لاحقا المهمة. أنا لا أنحاز لأي فريق لأنني محبوب كل الجماهير الجزائرية وتربطني علاقات طيبة مع كل الفرق. لدي أبناء منهم من يناصر المولودية ومنهم من يشجعون الإتحاد وشباب بلوزداد، وغالبا ما تحدث مناوشات كلامية لكنها لاتصل إلى حدود غير معقول. أقول لجميع محبي الفريقين إن اللقاء لا يتعدى ال 90 دقيقة وهو فرصة للجميع للتمتع بالفرجة والترويح عن النفس ليس إلا.