ثلاث صحفيات أمريكيات التقين بعد تخرجهن من الجامعة في مدينة نيويورك، ليخضن تجربة 4 أعوام في بلاط صاحبة الجلالة، إلا أن هذه المدة من الزمن لم تحقق أحلامهن وطموحاتهن في التعرف على العالم الآخر الذي تصل إليهن أخباره ملونة، “لم تعد الشاشات تقدم شيئا مغرٍ، ولا حتى الصفحات الملونة من صحافة ثورة المعلومات تقول إحداهن. فقررن أن يخضن تجربة جديدة تستمر 365 يوم حول العالم، خاصة العالم الموسوم ب “الثالث". إتفقت الصديقات الثلاث على الاستقالة، نتيجة الإحساس بالضياع في زحام نيويورك وبأنهن ضللن الطريق مما دفعهن للرحيل بحثا عن أنفسهن. وقررن أن تكون البداية من النقطة الأقرب جغرافيا والأبعد ثقافيا واقتصاديا عنهن: أمريكا اللاتينية.من نيويورك إلى القاهرة، كان عنوان الهروب بحثا عن الحرية التي وجدنها في الأرجنتين التفاحة الكبيرة بجنوب أمريكا. عندما وصلن “بيونس أيرس" المدينة التي تزدحم بالسياح القادمين من أنحاء العالم، وقعن بسرعة في الحب مع الثقافة الجديدة ومع حرارة الشمس التي تنعكس على سلوك أبناء الأرجنتين. قادهن الأنترنت وكتب المعالم السياحية إلى شلالات الإيكوازو، وفجأة وجدن أنفسهن غارقات في المياه البيضاء الهابطة بسرعة من أعلى الجبل وسط حديقة الإيكوازو الوطنية. استمرت جولتهن في الغابة حتى غروب الشمس وتناولن شطائر اللحم من المطاعم الواقفة في كل أركان الغابة. قطعة اللحم الكبيرة لا يتجاوز ثمنها ثلاث دولارات، فالأرجنتين أكبر منتجة ومصدرة للحم العجل. لم تستغرق إقامتهن في العاصمة الكينية نيروبي أكثر من يومين، الطبيعة هنا تسحر الزائر، وفي أورونكاي التقين بايمانويل وزوجته ليلي المسؤولين عن تنظيم برنامج زيارتهن، وقد سبق أن طلبا منهن أن يحضرن في الأسبوع الأول من أفريل لحضور الاحتفال السنوي لأبناء قبيلة الماساي، الذي يقام بأعلى الجبل ويشارك فيه كل رجال ونساء وأطفال المدن والقرى المجاورة. المساحة لا تتسع لعرض بقية الرحلة في آسيا. لقد تعلمن اليوغا في الهند، وفي بكين سرقتهن الدهشة على شعب يعمل كالنمل دون كلل، أما في المتحف الوطني في فيتنام، فقد وقفن على جانب من جرائم الأمريكيين هناك أثناء الحرب. لكن في أستراليا ونيوزيلندا، اختلفت تماما الرحلة، فالضيافة تختلف بين الأغنياء والفقراء. نقطة البدء في العودة كانت هنا على سفح الهرم بقاهرة المعز، هالهن هذا المتحف المفتوح على الهواء، استحضرن كل قصص قدماء المصريين من رمسيس إلى نفرتاري وكليو باترا، التي لم تعد قابعة خلف الصور النمطية، المتعلقة بمستحضرات التجميل والساونا والجاكوزي. هنا حكمت تلك السيدة قبل آلاف السنين. من القاهرة قررن العودة إلى “زحام نيويورك في رحلة استمرت عاما من التجربة.