فقدت الساحة الأدبية أمس الأحد، الروائية المميزة يمينة مشاكرة، 64 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض. وبعيدا عن اهتمام الجهات المسؤولة على الثقافة والنشاط الأدبي، انطفأت شمعة مؤلفة “المغارة المتفجرة" بإحدى العيادات الخاصة، وستوارى الثرى اليوم بالجزائر العاصمة. وليدة مسكيانة بولاية باتنة سنة 1949، احترفت يمينة الكتابة باللغة الفرنسية، وأتقنت التعبير عن أفكارها بشكل مثير للاهتمام، ملفت في أسلوبها الحساس في نسج الأحداث الروائية. سحرتها الكلمات، رغم أنها درست الطب وتخصصت في الأمراض العقلية في قسنطينة، قبل أن تنتقل إلى الشلف للعمل، إلا أنها اختارت العودة إلى إحدى القرى بمسكيانة، لتمارس ما تعلمته في مجال اختصاصها. لا شيء عوض الجلوس إلى الورق الأبيض، لتعيد تشكيل الحياة على طريقتها الخاصة. «المغارة المتفجرة" هي أول نص روائي لها، أصدرتها في 1979، وقرر كاتب ياسين أن يوطأ لعملها، بعدما اقتنع بالجهد المنفرد لهذه السيدة الواسعة الخيال والعميقة الإحساس. كاتب ياسين كتب يقول: “في بلادنا، امرأة تكتب يساوي وزنها بارود". فهل فهمت الساحة الأدبية هذه الجملة؟ هل تمعنا في خلفياتها بعد كل تلك السنين؟ لا أعتقد أن الأدباء المفرنسين منهم والمعربين، توقفوا للحظة، واستفسروا عن هذه “المشاكرة" الفريدة. الكل غارق في سيل الركض وراء “مجده". في 2000 قرأ لها محبوها نصا ثانيا بعنوان “أريس" عن منشورات المرسى. يمينة كانت سيدة فخورة بأصولها الأمازيغية، غير منقطعة عن التحولات الاجتماعية والعلمية والنفسية لمجتمعها، تجدها في مواقع الكترونية تتبادل التعاليق وتسهم في حث الشباب ممن قرؤوا كتابها، أن يتأسسوا في جمعية أ مدونة أو موقع للدفاع عن هوية مسكيانة، بعائلاتها وأسرها العريقة المثقفة. في 2008، كتبت معلقة على مجموعة شباب من مسقط رأسها تخبرهم قائلة: “جد متأثرة بردودكم. الانسان الذي لا ينبذ أصولها أكن له احتراما وتقديرا كبيرين. قد أعرف بعضكم، وربما أعرف آبائكم وأجدادكم أكيد. أقترح عليكم إنشاء موقع يكون فضاء مشتركا للالتقاء والتبادل، حتى تعرفوا بثقافتكم. أظن أنه واجبنا جميعا". كان يمكن أن تنهل الجزائر من هذه القامة الإبداعية ما يلزمها لتتشبع بثقافتها الأصيلة، لتمنح رؤية مغايرة للسائد والمنتشر. إلا أن مشاكرة، انطفأ صوتها قبل أن ترحل نهائيا عن بلد تعسف في التعامل معها كقلم متحرر.