الآن وقد انتهى مسلسل لقاء اتحاد الحراش ومولودية الجزائر، وسقوط العقوبات على العميد، يحق لنا العودة إلى القضية بنوع من التأني والدقة حتى نعطي كل ذي حق حقه وننصف كل الأطراف ونقصد بالتحديد اتحاد الحراش، مولودية الجزائر والرابطة الوطنية المحترفة لكرة القدم. ولنبدأ بالأحداث الأولى لهذه المواجهة المصيرية بين الفريقين لتحديد الرتبة الثانية المؤهلة لرابطة الأبطال الإفريقية، حيث أعلنت الرابطة في بداية الأمر عن برمجتها في 5 جويلية قبل أن تتراجع عن موقفها وترضخ للضغوط التي مورست عليها من طرف مسيري اتحاد الحراش، وهو ما أرغمها على تحويل اللقاء إلى أول نوفمبر بالحراش، لتتحول الاحتجاجات والرفض إلى الطرف الآخر ونقصد به المولودية التي لم تتقبل الأمر وهددت هي كذلك بمقاطعة اللقاء، وهو ما حدث. وفي خضم الجدل الكبير والحراك الذي ميز بيتي الفريقين، بقيت الرابطة تتفرج وتتابع فصول المسرحية عن بعد ربما ظنا منها بأن “الهوشة" التي تجري لا تعدو سوى سحابة عابرة في سماء الكرة الجزائرية وما أكثرها. ومع اقتراب موعد المواجهة ازدادت الأمور تعقيدا خاصة عندما تأكد مكان إجرائها وهو ما صعد من لهجة مسيري المولودية وجماهيرها الذين هددوا بعدم الانتقال إلى ملعب الحراش. لقد جرى كل هذا والرابطة تلتزم الصمت ولم يظهر رئيسها قرباج سوى يوم اللقاء عندما صرح قائلا: “إن إجراء اللقاء بملعب الحراش حق شرعي ولا يوجد تعد على حقوق المولودية، إننا نطبق القوانين ونحرص على تنفيذها، لأن مسيري المولودية هم من فتحوا الباب في مرحلة الذهاب خلال الجولة الثامنة عندما طلبنا من مسيري المولودية استقبال شباب قسنطينة بملعب بولوغين حتى نتمكن من برمجة لقاء الداربي بين اتحاد العاصمة واتحاد الحراش بملعب 5 جويلية لكنهم أصروا على الاستقبال بملعب 5 جويلية الأمر الذي اضطرنا إلى تحويل الداربي إلى ملعب البليدة، ومنذ ذلك الوقت فتحنا باب تحويل الداربيات إلى ملاعب". بهذه البساطة برر قرباج تحويل اللقاء إلى أول نوفمبر، لكن ما نسيه رئيس الرابطة هو أن الأعراف والتقاليد وحتى القوانين الكروية لا تسمح بتغيير نمط منافسة أو قرار بين عشية وضحاها في وسط الموسم الكروي. وأن القرارات التي تتخذها الرابطة أو أي هيئة أخرى في بداية الموسم عليها أن تتقيد بها إلى غاية نهاية البطولة. وهذا المنطق يؤدي بنا إلى التساؤل عن خلفيات رضوخ الرابطة لنزوات المولودية العاصمية التي أصرت كما قال قرباج على استقبال شباب قسنطينة بملعب 5 جويلية خلال الجولة الثامنة وعدم السماح بإجراء الداربي العاصمي بين الحراش واتحاد الجزائر بملعب 5 جويلية. ونحن نتحدث عن هذا الإشكال الذي طرح، علينا التذكير بأن قضية إجراء الداربيات بملعب 5 جويلية ليست جديدة طالما أن الرابطة فصلت في الموضوع خلال المواسم الماضية، والأمور جرت بطريقة عادية ولم يطرح هذا الخلاف بتاتا. إن ما أقدمت عليه الرابطة يعد سابقة خطيرة ستزيد من دون شك من تأجج مشاكل الكرة الجزائرية طالما وأن فتحت الباب على مصراعيه لشتى التأويلات، حيث اتهمت اليوم بالتعامل بمكيالين في أمر حرصت هي شخصيا على تنفيذه منذ مواسم عديدة، وإذا بها تغير موقفها دون سابق إنذار وتختلق الأعذار والنتيجة كانت أن أنهت الموسم الكروي بفضيحة لم يسبق أن شهدتها الملاعب الجزائرية وحتى العالمية.