ما تزال قضية مقاطعة مولودية الجزائر للقاء الحراش تلقي بظلالها على الواجهة الكروية الجزائرية، بعد نقل الرابطة للمواجهة من ملعب 5 جويلية. ومع اقرار الرابطة العقوبات التي ستطال نادي المولودية العاصمية وفق ما تنص عليه القوانين، فإن الحادثة لم تنته عند هذا الحد، إذ أن خرجة رئيس الرابطة الوطنية المحترفة محفوظ قرباج التي أعلن فيها توقيف لعب الداربيات على أرضية 5 جويلية، جاءت لتؤكد حقيقة لا يمكن تغطيتها بالغربال، وهي أن القائمين على كرتنا وجدوا أنفسهم أمام وضع لا يحسدون عليه، وهم الذين اهتدوا خلال المواسم الماضية إلى نقل اللقاءات المحلية بالعاصمة إلى ملعب 5 جويلية قبل أن يشهد هذا الموسم خرقا صارخا لما أقرته هذه الرابطة الموقرة. ولا نغالي إن قلنا إن لجوء الرابطة إلى هذا الحل المتمثل في إجراء لقاءات الداربي في الملاعب العاصمية بدل 5 جويلية يحمل الكثير من الدلالات لأنه أكد على أن الرابطة وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه بعد أن وجهت لها جميع السهام كونها عجزت عن تسيير بطولة انتقلت منذ ثلاث سنوات إلى الاحتراف. وللخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه، لم تجد من حل سوى اللجوء إلى ما كانت عليه الداربيات العاصمية وهي إجراؤها في غير ملعب 5 جويلية، وهو ما يعني منطقيا أن الرابطة عادت إلى نقطة الصفر في التعامل مع إشكالية الملاعب الصغيرة بالعاصمة وتواجد العديد من الأندية خاصة بعد أن تم اضافة اسم أمل الأربعاء إلى قائمة النوادي العاصمية. ونحن نتحدث عن المستجدات التي أطلعتنا عليها الرابطة المحترفة بخصوص مكان إجراء الداربيات خلال الموسم القادم، يحق لنا العودة إلى الأجواء التي عرفتها جل الداربيات العاصمية التي جرت على ملاعب الأندية المستضيفة، وما عرفته من أعمال شغب وفوضى وتجاوزات خطيرة نتيجة صغر هذه الملاعب، ولا نضيف شيئا إن قلنا إن مدرجات ملعبي الحراش أو 20 أوت لا تكفي حتى لاستيعاب مناصري فريقي بلوزداد والحراش، وهو ما ينذر بتأزم الوضع، الأمر الذي سيطرح بالتأكيد مشكلة حقيقية. إذا سلّمنا بالقول إن برمجة لقاءات الداربي التي جرت بملعب 5 جويلية لم تخل هي كذلك من أعمال الشغب رغم شساعة المدرجات، فإن الإشكال الحقيقي الذي يطرحه هو حالة أرضيته الكارثية خاصة عندما تتهاطل الأمطار، حيث يتحول الملعب إلى ما يشبه مزرعة حقيقية على منوال فضيحة اللقاء الدولي الودي الذي أجراه منتخبنا الوطني هذا الموسم ضد نظيره البوسني، وهو ما يعني أن الابقاء على الداربيات في 5 جويلية خلال فصل الشتاء ليس حلا، كما أن برمجة لقاءين في ظرف ثلاثة أيام أو أربعة، لا تستطيع الأرضية تحمله ولا نعتقد بأن مسؤولي الرابطة يخالفوننا الرأي فيما يتعلق بهذه النقطة. ورغم أن الرابطة تركت المجال مفتوحا لإمكانية تنظيم لقاءات الداربي بملعب 5 جويلية إذا اتفق الفريقان المعنيان، فإن ذلك يعتبر في نظرنا نوعا من الهروب إلى الأمام واعترافا ضمنيا بصعوبة اجراء لقاءات محلية في ملاعب لا تتعدى سعتها ال 5 آلاف متفرج على منوال ملعب أول نوفمبر بالحراش. ولعل ما نخافه ومعنا الجماهير الكروية العاصمية هو أن يسقط جديد الرابطة القاضي بإنهاء مسلسل الداربيات ب 5 جويلية في الماء خلال المواسم القادمة، بعد أن تثبث التجربة القادمة فشلها، وعندها لا يبقى أمام الرابطة أي حل ممكن سوى الاقرار بفشلها ومغادرة الوسط الكروي الذي عاثت فيه فسادا. إذا استندنا على تجربة القائمين على الدوري الفرنسي الذين اتخذوا قرارا يمنع جماهير فريقي باريس سان جيرمان وأولمبيك مارسيليا من التنقل مع فريقيهما، بسبب التجاوزات الخطيرة التي تحدث سنويا والفوضى العارمة التي تنتهي عليها المواجهات بين الفريقين، هل يمكن تطبيق التجربة في بطولتنا وبالتحديد عندما يتعلق الأمر بالداربيات. ربما هذا سؤال يبقى عبارة عن مقترح إلا أن تطبيقه في الوسط الكروي الجزائري يحتاج إلى وسائل ناجعة وتنظيم محكم وتفهم من طرف الجماهير التي يمكن بأي حال من الأحوال أن ينجح القائمون على كرتنا في ردعها وعدم السماح لها بالانتقال مع أنديتها خلال المباريات الحاسمة والمصيرية التي تشتم فيها رائحة “كريهة"، وهو ما يجعل اللجوء إلى هذا الحل ضربا من الخيال، طالما وأننا لا نملك الذهنيات ولا الأفكار ولا الميكانيزمات التي تسمح لنا بإقناع الجماهير ثم منعها من التواجد في ملاعب أخرى، وهنا بيت القصيد.