“كما هو معروف لقد صادقت الجزائر عن الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، وهو ما يتطلب قوانين داخلية من شأنها أن تحمي الطفل من كل الجوانب وفي كل المجالات ومنها على وجه الخصوص التربية. كما أن مسؤولية حماية الطفل تقع في المقام الأول على الأولياء والدولة هذه الأخيرة التي تتحمل مسؤولية كبيرة كونها هي التي تقع على عاتقها مهمة وضع آليات من شأنها أن تعالج كل المشاكل والصعوبات التي تواجه الأطفال في الأساس، بالمنطق يقول إن الطفل يبقى مكانه اليوم هو المدرسة وهذا يتطلب انتهاج سياسات تتكفل به من خلال البحث عن معالجة كل المظاهر التي تلحق الضرر بالطفل من مصدرها فلا يخفى على أحد أن الأطفال والنساء هم من الشرائح الضعيفة في المجتمع، وعلينا حمايتها ورعايتها بما يضمن لها الأمان والعيش الكريم، فنحن مثلا عندما نرى المقياس الأول في الاهتمام بالطفل ممثلا في التمدرس لم يعد مضمونا حسب القوانين التي سنت في الثمانينيات والتي حددت سن ال 16 سنة لخروج الطفل من المدرسة، فإننا نصطدم بواقع آخر وهو آن هناك شريحة كبيرة أقل من هذا السن موجودة اليوم في الشوارع وهذا ما يتعارض مع القانون خاصة ما تعلق بعمالة الأطفال أقل من 16 سنة". “إن الحديث عن وضعية الطفل في الجزائر يجرنا حتما إلى التطرق إلى دور الأولياء، الشارع والمدرسة وكذا الدولة، وإذا كانت هناك عوامل موضوعية جعلت الطفل يعيش في مجتمع غير آمن، فإن أول نقطة يمكن الإشارة إليها تتعلق أساسا بغياب التكفل به سواء تعلق الأمر بالجانب التربوي أو الأسري أو حتى دور المسجد. وإذا كان الحديث اليوم حول واقع الطفل يجرنا حتما إلى دراسة الوسط الذي يعيش فيه فإن دور الدولة يبقى غائبا إذ أن المسؤولين الذين يتداولون على المؤسسات التي تعنى بالطفل لا يبحثون سوى عن مصالحهم ولا يعملون على خلق المناخ المناسب الذي يضمن للطفل العيش في ظروف حسنة. وفي هذا المجال لا نضيف شيئا إن قلنا إن هناك أطفالا اليوم في الريف يقطعون مسافات طويلة للالتحاق بالمدارس مع كل ما يشكله ذلك من خطر على حياتهم وصحتهم وتحصيلهم العلمي، وهذا يفسر إلى حد كبير غياب الحماية اللازمة له. وفي جانب آخر بودي الإشارة إلى عمالة الأطفال الذين لا يتعدى سنهم الست سنوات خاصة في الطرقات السريعة وهذا أراه تعدٍ على حقوق الطفل البريء. كما أن العنف الذي يمارس اليوم ضد الأطفال يطرح تساؤلات كثيرة عن دور جمعيات حماية الطفولة التي لا تقوم بدورها كما يجب". “حقيقة الطفل الجزائري أصبح، إذا نظرنا إلى الإمكانيات المتوفرة حاليا، التكنولوجية منها، أصبح يعيش حياة سهلة لكن هناك العديد من الصعوبات التي لايزال يواجهها، خاصة لما تكون الإمكانيات والقدرات غير متكافئة. كذلك الطفل أصبح يعاني من الإهتمام والحماية الزائدة، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد بروز ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم، حيث أصبح الأولياء يبالغون في حماية أطفالهم، وهذا يؤثر سلبا على نفسية الطفل من كافة النواحي، فالخوف الشديد للأولياء على حياة أبنائهم يؤدي في كثير من الحالات إلى ارتفاع الخوف لدى الأطفال، وأحيانا تصبح “فوبيا"، وهذا الأمر أصبح يشكل خطرا كبيرا على الأطفال، وهذا يستدعي خلايا للتكفل النفسي بالطفل، إلا أن هذه الخلايا لا توجد في الجزائر، ولابد على وزارة التربية الوطنية والصحة ووزارة الداخلية الجماعات المحلية، التعاون لوضع وإنشاء خلايا للتكفل النفسي بالطفل وعائلته أيضا، خاصة أن أطفالنا ليسوا محميين نفسيا". “الطفل الجزائري حاليا يعيش في بيئة غير آمنة جراء الانتهاكات التي يعيشها يوميا، سواء من اعتداءات جنسية أو لفظية، أوالعمل الشاق والتسول.. وهذا بدأ في الإرتفاع أكثر خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعني أن هناك رصيدا كبيرا من الحقوق الأساسية للطفل في تدهور مستمر، خاصة الأطفال من ذوي الفئات الهشة في المجتمع، “وهذا بعد أن تم تحليل أربع خطوات أساسية للطفل تتمثل في المصلحة الفضلى للطفل أهي محترمة أم لا، ومقاييس الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل إن كانت محترمة، وعدم تمييز مشاركة الطفل وتنميته في كافة المجالات خاصة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد استنتجنا في هذه النقطة بالذات أن الطفل غير قادر وغير مؤهل في صنع القرار بداية من المنزل إلى المدرسة. كما أنه من بين الخطوات الأساسية التي تمت دراستها هي هل الدولة الجزائرية تتكفل بالفئات الهشة للأطفال خاصة الأطفال المولودين خارج الزواج، الأطفال العاملين، المتسولين.. كل هذا جلعنا نطالب في كل مرة السلطات العمومية بإعادة النظر ومراجعة قانون العقوبات، خاصة بعد استفحال ظاهرة الإختطاف، وهناك حاليا مشروع قانون لحماية الطفل تتم دراسته. كما أن قانون الأسرة فيه ثغرات كثيرة تضر الطفل، وهوما يتطلب من الحكومة مراجعته، وأخيرا ما يجب التأكيد عليه هو أن حقوق الطفل في الجزائر في مفترق الطرق، فما حققناه من مكتسبات لصالح الطفل، يعادل أو يقل عما لم يتحقق، وهذا لا يخدم المصلحة الفضلى لهذه الفئة". “صراحة الطفل الجزائري ليس على ما يرام، رغم جهود الدولة وبعض الجمعيات التي تتكفل بالأطفال، لكن لم نصل إلى الاهداف المرجوة للعناية بمشاكل الطفل، وبالأخص الأبوان. بصريح العبارة الكثير من الأولياء أهملوا حقوق الطفل، حيث أن هناك بعض الأولياء يفرض السيطرة على أبنائه دون شفقة أو رحمة، ومنهم من لم يعط العناية الضرورية من حيث التربية وتوفير الإمكانيات واللامساواة داخل المنزل لأطفاله، إضافة إلى أن هناك فئة الأطفال خارج الزواج واليتامى ضحايا الإرهاب وحوادث المرور. هؤلاء محرومون من أدنى حقوق الطفولة، وعلى هذا الأساس نؤكد أن الطفل الجزائري ليس في أحسن أحواله، خاصة أن هناك إهمالا كبيرا من طرف الأولياء ونقصا كبيرا في المرافق الضرورية، ويجب على الحكومة إنشاء وخلق وزارة تعنى بالأطفال، خاصة أنه لا توجد عناية كبيرة من طرف السلطات العمومية بهذه الفئة، ما دفع بالكثير من الأطفال إلى اللجوء إلى الشارع والإنحراف والتجارة الموازية والحرڤة والإجرام بشتى أنواعه".