قدّم رئيس حركة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله محتوى وثيقة مشروع تعديل الدستورالمقترحة من حزبه، أمس، التي استمدها من دستور 1996، حيث فضّل الإبقاء على 77 مادة منه من أصل 188. وجاءت في الدستور المقدم من طرف جاب الله 297 مادة ركز فيه خبراء القانون الذين أُسندت لهم مهمة وضعه، منذ سنة، على تكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتخصيص هيئات رقابة بمختلف أنواعها وتوسيع دائرة الهيئات المخولة بمهمة الإخطار عن الفساد أو التجاوزات بمختلف أنواعها كذلك. وقال رئيس الحركة في الندوة الصحفية التي نشطها بنادي المجاهدين بالعاصمة، إنه “تجنب الاعتماد على دستور 2008 لأنه غير شرعي" في اعتقاده “على خلفية أن التعديل الذي أجري عليه لم يتم وفق استفتاء شعبي رغم أن التعديل كان جوهريا، وقد مس مبدأ استقلال السلطة التنفيذية، التي حولت صلاحياتها إلى رئيس الجمهورية، وألغى منصب رئيس حكومة وعوضه برئيس وزراء غير مسؤول سياسيا بل هو مجرد موظف مهمته تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية. وأضاف المتحدث بأن “واضع غالبية دساتير الجزائر منذ الاستقلال لم يكن يؤمن إطلاقا بمبدأ استقلالية السلطات لأنه لم يعط أهمية لمسألة الرقابة، بدليل أن دستور 1996 جاء مركزا على مسألة تقوية السلطة الرئاسية من خلال تجميع كل صلاحيات باقي السلطات في يد رئيس الجمهورية، مما جعل هذه السلطات مجرد سلطات وظيفية فقط". ومن بين ما تضمنه مشروع دستور جاب الله “ضرورة أن تخضع كل أجهزة الجيش والأمن للسلطة المدنية منعا لتغولها، وإنشاء منصب رقيب إدارة لوضع حد لبيوقراطية الإدارة ومحاربة الرشوة والنظر في الشكاوى المرفوعة ضدها"، وأشار جاب الله إلى أن مشروعه تبنى النظام السياسي المختلط لأسباب، أولها أن الشعب ملّ من النظام الرئاسي الذي يسيطر فيه رئيس الجمهورية على الصلاحيات وكل السلطات، وأن الجزائر حوكمت بهذا النمط من الأنظمة منذ الاستقلال، ولكن النظام ازداد إيغالا في تهميش السلطتين التشريعية والقضائية في دستور 1996 لأن ذلك يخدم استراتيجيته في محاربة التيار الإسلامي الرسالي، وثانيا هو أن الجزائر تفتقر إلى نخبة صادقة الولاء للدين والأمة متشبعة بثقافة قيم الديمقراطية، وبالتالي فهي أكثر جنوحا إلى الأنانية، ثالثا هو ضعف وعي الشعب بما له من حقوق وما عليه من واجبات، وهذه بيئة مناسبة لانتشار الفساد والاستبداد، ولم يتبن مشروع الحركة النظام البرلماني بحسب جاب الله لأن هذا النوع يحتاج إلى شيوع الوعي السياسي والدستوري لدى عموم الشعب. وعاد المسؤول للحديث عن مرض الرئيس، حيث قال “بأن المرض لا شتيمة عليه لأن لا أحد يسلم منه، فحتى أنبياء الله أكثر الناس ابتلاء بالمرض"، واستغرب المتحدث أسباب التكتم عليه مما أعطى المجال لتضارب الآراء بشأنه، ولماذا لم تبث صورة الرئيس، مؤكدا أن تصرف السلطة دليل على استعلائها على شعبها التي تفعل كل شيء باسم الشعب ولا تستشيره. ورد جاب على سؤال “الجزائر نيوز" بشأن مشاركته في الرئاسيات المقبلة، بأنه لن يترشح في ظل هذه الأوضاع لاعتقاده أن ما تنظمه الجزائر من انتخابات هو مجرد مسرحيات انتخابية يستغل فيها المرشحون لتمرير مرشح السلطة، مشيرا إلى أن القرار الأخير يرجع إلى مجلس الشورى.