هل فعلا أصبحت النواة الصلبة في النظام، والمقصود بها مجموعة أهل التأثير والحسم في صناعة القرار من العسكريين والمتعاونين معهم من أصحاب النفوذ المالي والسياسي الرمزي، تعمل على التحضير لحقبة ما بعد بوتفليقة؟! مثل هذا التساؤل ازدادت حدته واتسعت دائرة إلحاحه مع الوعكة التي أقصت الرئيس بوتفليقة عن ممارسة مهامه وأخفته عن الأنظار لفترة تعتبر أطول فترة اختفى فيها الرئيس بوتفليقة عن الأنظار.. ولقد فتح مثل هذا الوضع غير المسبوق، خاصة مع شح المعلومات الدقيقة عن وضعه الصحي وقدرته في الأيام القادمة على ممارسة الحكم، كل التكهنات وكل التخمينات والمضاربات في سوق المناورات من حيث عملية التجاذب والتراشق، وإدارة خيوط اللعبة السياسية المحفوفة بالظلال والغموض وبقع الظلام.. إلا أن حقيقة وحيدة باتت شبه أكيدة، وهي نهاية الرهان على العهدة الرابعة التي ظل يروج لها عدد من أنصار الرئيس، والفئات التي استفادت من حقبته سياسيا ومصلحيا على مستوى التموقع في المجال المالي والإقتصادي.. فالرئيس الذي فقد منذ وقت طويل تلك الحيوية بسبب المرض، أفقدته الوعكة الصحية الأخيرة على الصعيد الرمزي في أعين الملاحظين لكن أيضا في أعين الغالبية من الشعب، تلك الصدقية في مواصلة الحكم والتقدم إلى مباريات الرئاسيات القادمة.. لكن ما الذي حدث بالضبط حتى تكون استراتيجية إعلام المواطن بهذا المستوى من السرية والبؤس في الوقت ذاته.. من المسؤول عن ذلك؟! هل هي النواة الصلبة؟! الحكومة؟! أم عائلة الرئيس؟! ثم من، وكيف تم اتخاذ القرار بنقل الرئيس بوتفليقة إلى المستشفى العسكري بفرنسا، هل تم ذلك بالتشاور أم بشكل منفرد؟! وهل فكر من أقبل على مثل هذا القرار، ما يمكن أن يترتب عن ذلك من نتائج سلبية على أكثر من صعيد؟! والدليل على هذا فالكثير من الجزائريات والجزائريين لم يفهموا لماذا مستشفى عسكري في فرنسا بالذات، خاصة ما يحيل ذلك إلى تلك العلاقة الحساسة بفرنسا، وما يمكن أن يثير ذلك من المخاييل المتعلقة بالذاكرة الحربية بين البلدين... ثم ما يثير ذلك من الشعور بالخجل والإهانة، أن يكون ملف الرئيس الصحي المفترض أن يكون سريا بين أيدي السلطات الفرنسية.. كل هذه الأمور ذات الطابع البسيكوسياسي قد تكون نتائجها سلبية على المناخ السياسي، وعلى صدقية السلطة، وعلى الخطاب الرسمي الذي طالما رفعه بوتفليقة نفسه، وأفراد جيله من النوفمبريين فيما يتعلق بإنصاف الذاكرة ومسألة الإعتذار.. وإذا تأكدت بعض المعلومات المستقاة من مصادر حسنة الإطلاع، فإن الدوائر الرسمية داخل النظام ليست بحوزتها معلومات واضحة ودقيقة عن صحة الرئيس، ولا تدري بالضبط متى يدخل الرئيس إلى الجزائر، وذلك بالرغم من انتشار الإشاعات عن عودته في الأيام القريبة. وقد يرجع القرار في ذلك إلى عائلة الرئيس الذي ضربت ستارا من الظلال، ويكون مثل هذا الأمر مربكا ومحرجا للسلطات الجزائرية، بل كان مربكا ومحرجا بالفعل، خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي هولاند.. وفي ظل غياب الرئيس يكون الحديث عن مسألة الخلافة وآلياتها ورزنامتها الزمنية غير مطروح في اللحظة الراهنة إذا عدنا إلى تقاليد المؤسسة العسكرية، التي أظهرت التزامها شبه المطلق تجاه الرئيس كرمز للنظام ووحدة السلطة.. هكذا يشير أحد المصادر الذين تحدثت إليهم.. وما يمكن أن يستنتج من هذه الفترة التي اختفى فيها الرئيس من شاشة الواجهة السياسية.. أن خارج المؤسسات الرسمية ونواها الفاعلة أن ظلال الحيرة والشك بل والجمود ألقت بثقلها على الإيقاع السياسي، بحيث أدى مثل هذا الأمر إلى فقدان للبوصلة السياسية، وحول التخمينات في غياب المعلومات إلى شبه حقائق متناقضة يسعى من ورائها ناشروها لتحويلها إلى قوة ضغط من جهة، وقوة توجيه للرأي العام ضمن لعبة الصراع على خلافة بوتفليقة.. وهذا ما يجعلنا نقترب بشكل حذر من القوى والعصب والشخصيات التي تخطط على تشكيل ميزان القوة لصالحها من خلال عملية لم تتضح خيوطها بعد.. ولد الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة عام 1956، جامعي، اشتغل أستاذا مساعدا بجامعة باب الزوار، كما كان ناشطا نقابيا بحيث كان من قادة الإحتجاج الذين أغلقوا جامعة باب الزوار لمدة أربعة أشهر.. وأصبح بعد صعود بوتفليقة إلى الحكم أحد مستشاريه الأقوياء في رئاسة الجمهورية، وتحول بحكم كونه شقيق الرئيس إلى رجل نفوذ وتأثير داخل دائرة الحكم، لكن أيضا في دوائر أخرى مثل دوائر النشاط الإقتصادي والسياسي والمالي والإعلامي. ولقد تمكن السعيد بوتفليقة من إزاحة الرجل القوي الراحل العربي بلخير من منصبه، كرئيس الديوان بالرئاسة. وبالرغم من حنكة الجنرال بلخير وشبكته وعلاقاته مع ممثلي النواة الصلبة من العسكريين إلا أنه رمى المنشفة وابتعد عن الرئاسة ليصبح سفيرا بالمغرب، ثم يرحل عن الدنيا بعد وعكة صحية في جو من اللامبالاة.. وخلال الفترة التي مارس فيها السعيد منصبه كمستشار للرئيس تمكن أن يصبح رجل الثقة، وصاحب التأثير في اختيار الرجال وإدارة الصراع داخل السرايا.. واستطاع أن يخلق حلقة عتيدة التف حولها عدد من الوجوه الحزبية والوزارية، مثل عمار غول الذي تحول في فترة وجيزة إلى نجم سياسي وشخصية كانت موعودة بمنصب وزير أول، ونائب للرئيس في حالة تعديل الدستور واستحداث هذا المنصب الجديد. وبسبب هذا التمتع بثقة شقيق الرئيس بادر عمار غول لإنشاء حزب بديل عن حمس متكون من رجال الأعمال والمقربين من دوائر السلطة القريبة من شقيق الرئيس.. كما انضم إلى هذه الحلقة عدد من رجال الأعمال الذين صنعوا مجدهم في عهدة بوتفليقة، وكذلك عدد من الوزراء الذين راهن عليهم شقيق الرئيس على الإطاحة بعبد العزيز بلخادم، وجعل جهاز الأفلان أداة من أدوات حلقة "السعيديين" في صناعة استراتيجية الإستيلاء على الحكم.. وسعى هؤلاء "السعيديون" إلى تشكيل جناح قوي ومؤثر داخل النظام، ليصبح هذا الجناح على مدى استراتيجي مركز الحكم ونواته الصلبة.. وكانت الوعكة الصحية التي ألمت برئيس الجمهورية بمثابة الضربة التي زعزعت استرايتجية السعيديين في التحضير للعهدة الرابعة كخطوة لبسط نفوذهم الشامل والسلطة الفعلية على حساب سلط منافسيهم الآخرين.. ومن هنا يمكن فهم عملية التعتيم التي سلطت على مرض الرئيس. وكان الهدف منها، حسب بعض المراقبين والمطلعين على خفايا السرايا، هو خلق ذعر في صف خصومهم يفقدهم أعصابهم ويجرهم إلى ارتكاب أخطاء تكون ضدهم وتعمل على إضعاف مواقعهم. تتشكل هذه المجموعة من المؤسسات الشرعية وقياداتها وما تبعها من أجهزة، مثل مؤسسات الجيش والأمن والحكومة والبرلمان ومجلس الأمة.. وتنقسم مهامها إلى الحفاظ على السير العادي في تصريف شؤون الدولة والحفاظ على الأمن، وتجلى ذلك واضحا في تدخلات ونشاطات الوزير الأول، وفي المعالجة للإحتجاجات والمناورات التي قد يتسارع إيقاعها في ظل غياب الرئيس.. (طالع مقال عبد اللطيف بلقايم). وتسعى في الظاهر مجموعة الشرعويين إلى الحفاظ على الأمن العام ودعم الإستقرار وسد الثغرات أمام مهندسي اللاإستقرار انطلاقا من رغبتهم في تحوير ميزان القوة الذي قد يعبد الطريق نحو وضع جديد قد يتجاوز الأطر العامة للصراع.. وتتكئ مجموعة الشرعويين في خطة سيرها على قوة المؤسسة الأمينة، لكن ذلك لا يعني أن الشرعويين بإمكانهم الصمود والحفاظ على الوضع القائم إذا طال هذا الوضع.. لأن كل جمود يؤدي بالضرورة إلى سيناريوهات قد لا تكون في الحسبان.. وما قد يجعل الشرعويين في وضع غير مريح، هي الثغرات المسجلة في الدستور والمتعلقة بإدارة مثل الوضع التي تعيشه الجزائر لأول مرة، منها غياب منصب نائب الرئيس.. ومنها تقلص هامش المناورة الذي كان بين أيدي الممثلين الفعليين للشرعويين.. فالإئتلاف الرئاسي الذي انفك عقده، كان يمثل قوة بديلة مؤقتة، خاصة الأفلان الذي كان على رأسه عبد العزيز بلخادم، والأرندي الذي كان على رأسه أحمد أويحيى، فكلا القياديين غادرا من الباب الضيق. هذان الذراعان اللذان كانت السلطة تعتمد عليهما، ونتج عن غيابهما صراع أضعف الحزبين، وترتب عن غيابهما فراغ كبير، بدا لامعا مباشرة بعد مرض الرئيس.. وبدا الممثلون الفعليون للشرعويين بدون بديل قوي وجاهز، خاصة أن الوقت المتبقي لموعد الرئاسيات أصبح يلعب ضد الشرعويين... تتشكل جماعة المخضرمين، أو قدامى النظام، من خمسة رؤساء حكومات سابقين ورئيس جمهورية أسبق، وهم مولود حمروش الذي قدم استقالته بشكل اضطراري عام 1991، إثر الإضراب العام والعصيان المدني الذي شنته جبهة الإنقاذ، وهو رجل عسكري سابق وقائد تيار الإصلاحات التي ترتبت عنها التعددية الإعلامية والسياسية في عهد الشاذلي بن جديد. وأحمد أويحيى، وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة والمحاور باسم الرئاسة في عهد ليامين زروال لقيادة الإنقاذ في السجن العسكري بالبليدة.. لكن المقرب من النواة الصلبة وصقورها في فترة الجزائر المأساوية، وصاحب القرارات الإقتصادية التي جعلت منه رجلا غير شعبي وشجب النظام الذي علقت عليه كل سيئات النظام.. والغريم الحقيقي لبوتفليقة باعتباره منافسه الحقيقي إلى أن قدم رأسه قربانا لاتفاق ضمني لوصول بوتفليقة إلى عهدة رابعة. وعلي بن فليس، الرجل الحقوقي الذي قدم استقالته في عهد سيد أحمد غزالي، وعاد بقوة مع عودة بوتفليقة إلى الحكم، ليصبح رئيس حكومته وأمين عام لحزب جبهة التحرير، ثم منافسا لبوتفليقة في عام 2004 للوصول إلى قصر المرادية. والتكنوقراطي أحمد بن بيتور الذي شغل منصب أول رئيس حكومة في عهد بوتفليقة، ليحدث بينهما طلاق مبين بعد أقل من سنة.. ثم العسكري ليامين زروال، المعروف باستقالاته الثلاث كعسكري، وكسفير وكرئيس جمهورية.. والسؤال الأساسي الذي يطرحه المراقبون، ما الحظوظ التي يحتفظ بها كل واحد من هؤلاء، وما هو وزن كل واحد منهم والبديل القادر على إنجازه والقوى الإجتماعية القادرة على استقطابها.. ثم ما هي مدى قوة كل واحد من هؤلاء من حيث استقطاب المؤسسة العسكرية على مستوى الداخل، ومن حيث كسب دعم القوى العظمى على صعيد دولي؟!. كان مولود حمروش في الثمانينيات بمثابة الطير النادر في رئاسة الجمهورية بالنسبة للشاذلي بن جديد، ولقد تمكن من أن يكون أحد الأعمدة الرئيسية التي راهن عليها الرئيس الشاذلي لإحداث إصلاحات عميقة اقتصادية وسياسية داخل النظام. وعندما خلف حمروش رئيس الحكومة قاصدي مرباح صانع الشاذلي بن جديد كرئيس، والذي كانت لديه طموحات في خلافة بن جديد، باشر في رسم وتنفيذ خطته مع الفريق الذي شكله في تعديل موازين النظام. وكان هذا التعديل متمثلا في إزاحة القوة الأمنية كفاعل رئيسي في صناعة الحكام، والتخلص من الشرعية الثورية ومن جيل ما تبقى من النوفمبريين، وخلافة الشاذلي بن جديد نفسه، وذلك من خلال ترويض الإسلام الراديكالي.. وانتظره منافسوه من العسكريين ومن حلفائهم من العلمانيين العصرانيين في منعرج الطريق للتخلص منه ومن مجموعته الإصلاحية، لكن حمروش الذي طرح شعار التغيير في رئاسيات 1999 في مواجهة النظام وبوتفليقة الذي استفاد من دعم العسكر، سرعان ما انفكأ على نفسه، وفقد الأمل وراح ينتظر أن يلعب بالوقت لصالحه بلجوء العسكر إليه في اللحظة الحرجة، لكن الوقت لم يلعب لصالحه وتمكن الزمن منه.. وبذلك فقد كل تلك الشبكات الإجتماعية والسياسية التي كانت مستعدة للإلتفاف حوله.. لذا تبقى حظوظه ضعيفة، خاصة أن خصومه من المؤسسة الأمنية لن ينسوا له عقوقه تجاههم.. أما بالنسبة لأحمد أويحيى، فأمامه عقبتان، الأولى طاعته العمياء التي كانت للعسكر أفقدته هامش المناورة، وأن محاولة تخلصه من هذه الطاعة جعلت جزءا مؤثرا من العسكر يفقدون ثقتهم فيه، وهذا ما جعله بين نارين، نار تخلي النواة الصلبة في النظام عنه، وقد يكون التخلي مؤقتا، ونار فقدان الشعبية، وذلك رغم اطلاعه على الملفات الحساسة للحكم وتمرسه في إدارة الحكم.. وفيما يتعلق بأحمد بن بيتور فالعقبة الرئيسية التي تواجهه هو تكنقوراطيته وبرود المؤسسة الأمنية تجاهه، وفقدانه لشبكة واسعة من الأنصار والموالين والمناضلين، فهو بدون آلة حزبية.. لكن بن بيتور يراهن على ورقتين مهمتين في تحليله وتقديره، وهي ورقة الجنوب باعتباره ابن المنطقة وممثلها على المستوى النخبوي، خاصة أن المنطقة بدأت تتحول شيئا فشيئا إلى معقل للإحتجاجات ضد تهميش الجنوب، وبإمكان أن تتحول هذه الورقة إلى سلاح للتفاوض مع أصحاب النفوذ الفعلي داخل جهاز الحكم.. أما الورقة الثانية، فهو رهانه على شخصيته شبه المستقلة بعد خروجه عن الحكم، التي قد تساعده في حالة ميلاد جديد لربيع جزائري، على أن يكسب رضا ودعما من قبل القوى العظمى الغربية، خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي رهانها على إسلاميي شعوب الربيع العربي، قد تهتدي إلى الرهان على شخصية حيادية إيديولوجية وقريبة من دوائر الخبراء الغربيين. لكن تبقى حظوظ بن بيتور هشة وغير مشجعة ضمن السياق العام لموازين القوة الراهنة على الساحة.. أما عبد العزيز بلخادم، الذي كان أوفر حظا في خلافة بوتفليقة خلال العامين الأخيرين وذلك بفضل ثقة الرئيس بوتفليقة التي كان يضعها فيه، بحيث فرضه فرضا كخليفة على رأس الحكومة لأحمد أويحيى، وكذلك عندما أعادت المؤسسة الأمنية مواقفها تجاهه، وهي التي دعمته بشكل غير مباشر لأن يكون الحزب الذي كان يقوده المنتصر الأول في التشريعيات السابقة، لم يتمكن من الإحتفاظ بهذا الدعم المزدوج، وذلك عندما أعلن عن طموحه في الزمن غير الحقيقي وشروعه في فخ استعمال القذر لدعم مواقعه للوصول إلى قصر المرادية، وهذا ما جعله يدخل في مواجهة مع حلقة السعيديين التي نشطت في إزاحته من على رأس الأفلان لتعويضه بأحد رجالاتها، وهو الوزير عمار تو، وعندما أخفقت فهي تعمل الآن على دعم سعداني ليحل محله على رأس الأفلان. وفي الوقت ذاته فقد دعم جزءا من النواة الصلبة التي كانت تراهن عليه كسيناريو محتمل.. أما ما يتعلق بحظوظ علي بن فليس، فقد تمكن هذا الأخير من استخلاص درس 2004، فلم يكشف عن أوراقه طيلة انزوائه الظاهر بمنزله، لكنه لم يقترف خطأ مولود حمروش.. لقد حافظ في صمت على السهر في التواصل مع أنصاره والموالين له داخل جبهة التحرير وداخل الأوساط المالية، ولم يكف عن الإنتقال إلى المناطق المختلفة من التراب الوطني لملاقاة مناصريه، من ناشطين ومقاولين وكوادر ومثقفين وعسكريين متقاعدين، كما عمل على التقرب من فئات مختلفة، بعضها من خاب ظنها في وعود عبد العزيز بوتفليقة، وظل متواصلا مع كل الفاعلين في مجال الإعلام بمختلف توجهاتهم، بل حتى من كانوا معادين له أيام المواجهة مع بوتفليقة في 2004.. ويكون علي بن فليس الذي اشتغل بشكل دائب ومستمر هو الأوفر حظا واستعداد لدخول معركة الرئاسيات حتى وإن كانت مبكرة، وقد يجعل من هذا التحضير والإستعداد بمثابة الرأسمال الرمزي الذي يريد من خلاله طرح نفسه كبديل لبوتفليقة، وذلك بالتوافق والتراضي مع من يطلق عليهم إعلاميا أصحاب القرار.. لكن هل ينجح بن فليس في كسب ثقة أصحاب القرار ليصطفوا إلى جانبه؟! هذا متعلق بمجرى التطورات القادمة خلال الأشهر المقبلة.. وبن فليس يراهن على إدارة شعرة معاوية بينه وبين النواة الصلبة، من جهة، وبينه وبين أنصار مرشحين مفترضين السابق ذكرهم، ليصبوا في مجراه إذا وجد نفسه في مواجهة مرشح المجموعة الشرعوية، وقد يكون عبد المالك سلال، أو إلى حد ما أحمد أويحيى.. وفي الختام يبقى السيناريو الذي طرحه المحلل السياسي شفيق مصباح منذ أيام في "فوروم ليبرتي"، وعلى أعمدة جريدة "لوسوار"، وهو ليامين زروال.. نرى أن السيناريو يعاني من نقطة ضعف أساسية، تتعلق بشخصية زروال نفسها، فالرجل هو ظاهرة قد لا تتكرر وذلك بزوال الظرف المحدد الذي أنشأه، وهل تلك اللحظة المتعلقة بالزمن الدموي الذي عاشته الجزائر، ثم إن الرجل لا يملك طموحا سياسيا باعتباره رجلا عسكريا تقليديا، لكن ذلك لا يمنعه أن يكون عرابا بشكل غير معلن لأحد المترشحين للرئاسيات، وقد يكون علي بن فليس أكثر حظا من أويحيى أو حمروش في حالة تقدم هذا الأخير.. ومن هنا نستطيع القول إن سيناريو زروال قد يكون طريقا مضللا لإخفاء المرشح الحقيقي في الزمن الحقيقي..