عندما غادر مولود حمروش الحكم، كانت الجزائر في مفترق طرق حقيقي، دقيق وخطير·· كان الفيس يعتقد أنه قاب قوسين من الحكم، خاصة وأن عباسي مدني كانت له اتصالات مع جهات داخل النظام التي أوحت إليه، أنه على عتبة قصر المرادية لو يدري كيف يحقق نوعا من الإجماع لصالحه إذا ما أدرك كيف يجلب إلى صفه عددا من الرموز المؤثرة التي ساهمت في صنع النظام مثل الراحل قاصدي مرباح، ومحمد الشريف مساعدية·· وشريف بلقاسم وعدد من وجوه المعارضة·· وكانت كل هذه الوجوه متفقة على إزاحة الشاذلي بن جديد ورجله مولود حمروش من الطريق، خاصة وأن هذا الأخير كان من جهته يسعى إلى تحصين نفسه بنواة صلبة تساعده على الإطاحة في آخر دقيقة بالشاذلي بن جديد وذلك من خلال الدفع بالفيس إلى أقصى حدوده في معارضة الشاذلي بن جديد وبالتالي تجريده من قوته على الأرض·· لكن الفريق المقرب من خالد نزار، وزير الدفاع، آنذاك، أحس بالخطر يتهدده من خطة مولود حمروش الطامح إلى منصب الرئاسة، فكان رد فعله كشف خطة حمروش الذي كان يحظى بثقة الشاذلي أمام هذا الأخير، ودفعه للتخلي عنه، وكان ذلك ما حدث، عندما طلب الشاذلي بن جديد من حمروش تقديم استقالته وتعويضه بسيد أحمد غزالي الذي كان يحظى بدعم من الجنرال العربي بلخير ورفاقه من العسكريين والمدنيين·· وشعر حمروش الذي رابض في مسكنه أنه خسر معركته المزدوجة ضد الإسلاميين من جهة وضد منافسيه داخل دائرة الحكم·· وأدى به ذلك إلى التصالح مع عبد الحميد مهري وإلى فتح الجسور مع آيت أحمد وإلى الإقتراب بشكل عام من مجموعة سانت ايجيديو·· وقبيل الرحيل المبكر لليامين زروال تلقى حمروش رسالة من جناح داخل النظام ليعد نفسه لدور جديد، ولم يكن هذا الدور، إلا خلافة ليامين زروال، وهذا ما شجعه على الدخول إلى سباق الرئاسيات إلى جانب طالب الإبراهيمي وسيفي وجاب الله وآيت أحمد، ويوسف الخطيب ضد بوتفليقة لكن سرعان ما أدرك حمروش أن اللعبة تم طبخها مسبقا، وهذا ما جعله إلى جانب المترشحين الآخرين ينسحب في آخر دقيقة من السباق، لكن في 2003 تمت اتصالات سرية بينه وبين بوتفليقة ليكون رئيس حكومته إلا أن هذا الإتصال أثار مخاوف داخل النظام، وبالتالي ظلت هذه الورقة التي كان يراهن عليها بوتفليقة غير موظفة لما كان يمكن أن تثيره من مخاوف تنعكس سلبا على آليات ميزان القوة آنذاك·· فهل سيتم اللجوء إلى هذه الورقة بعد كل هذا الوقت الطويل، خاصة بعد أن تعرض كل من بلخادم وأويحيى إلى نوع من التضييق خلال فترة حكم بوتفليقة في عهدتيه الأخيرتين··؟! هل سيكون حمروش رئيس حكومة ما بعد التشريعيات ليفتح أمامه الباب للدخول مجددا في سباق رئاسيات، .2014؟!