إستمرت ساحات تركيا في التظاهر على وقع قرع الطبول والموسيقى، بمنتزه غيزي في ساحة تقسيم الشهيرة بمدينة إسطنبول، حيث أصبح المنتزه بيتا دائما للمتظاهرين منذ أكثر من أسبوع، على الرغم من طلب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وقفا فوريا لهذه التظاهرات التي شكلت أعنف اضطرابات سياسية منذ توليه السلطة قبل عشر سنوات، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن جماعات "إرهابية" تحرك هذه الاحتجاجات. وانقسمت أنشطة المتظاهرين حسب هواياتهم، فمنهم من يقرأ، ومنهم من يطلق الشعارات الداعية لاستقالة رئيس الوزراء، أما البعض الآخر فوجدها فرصة للتجارة. وقال أحد المتظاهرين، نحن هنا لوقف تخريب غيزي بارك، ثم تغيرت مواقفنا بسبب سوء معاملة الشرطة والحكومة وأصبح لنا مطالب منها زيادة الحريات. وأضاف آخر، منذ عشر سنوات كانت الأمور تسير بشكل جيد، لكن منذ سنتين، بدأت المشاكل والضغوطات تظهر، ويضيف: الحريات أصبحت مقيدة، هذا بلد صنعه أتاتورك، نحن مسلمون وعلمانيون.وصرح متظاهر ثالث قائلا: "أردوغان يقول إنكم مجموعة من العاطلين عن العمل، نعم نحن عاطلون عن العمل وسنبقى هنا دفاعا عن حقوقنا". وتتنوع أسباب الاحتجاج بميدان تقسيم كتنوع التوجهات الفكرية، وكانت الشرارة الأولى للقصة أن الأتراك يرفضون مشروع أردوغان بتحويل منتزه غيزي إلى مركز تجاري وإعادة بناء ثكنة عسكرية على الطراز العثماني. كما تحدث المعتصمون عن صراعات فكرية جذرية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والعلمانيين. ويعتقد المتظاهرون أن تركيا تتحول تدريجيا إلى دولة إسلامية محافظة، بعدما اعتبرت نموذجا في الشرق الأوسط بليبراليتها. ويسود اتجاه بين غالبية طلاب الجامعات التركية المعتصمين بأنهم غير مستعجلين لوقف التظاهرات، فعفوية الاحتجاجات في ساحة تقسيم وعلى امتداد تركيا تجعل إيقافها صعب، فلا يوجد مرجع داخل المعارضة أو خارجها يمكنه أن يقرر وقف الاحتجاجات أو استمرارها.