يعيش الشارع التركي منذ الاثنين الماضي على وقع احتجاجات عنيفة، خرج فيها الآلاف من المتظاهرين للتنديد بسياسة السلطات اتجاه المواطنين الذين يزداد تضامنهم، فيما يصّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على التمسك بقرار إقامة الثكنة العسكرية محل الخلاف. المشكلة تعود إلي قرار الحكومة منذ الاثنين الماضي باقتلاع 600 شجرة من منتزه بشمال اسطنبول، من اجل تجسيد ثكنة عسكرية على الطراز العثماني بساحة ”تقسيم” الأمر الذي رفضه سكان المدينة، وقرروا الاعتصام بالمدينة ثم سرعان ما انتقل الاحتجاج إلى اسطنبول لتضم إليها فيما بعد سكان مدن أخرى على غرار العاصمة أنقرة وأزمير، أين اجتمع صبيحة أمس أللاف المتظاهرين في منتزه جيزي وسط اسطنبول مما دفع قوات مكافحة الشغب التركية إلى التدخل لفض اعتصام المتظاهرين مستخدمة قنابل الغاز المسيلة للدموع، وخراطيم المياه، مما أجج الوضع أكثر ودفع بالمحتجين إلى مواجهة قوات الأمن ورشقهم بالحجارة، لتتحول شوارع اسطنبول إلى مناطق ملتهبة لاسيما أمام تعنت سلطات البلاد وتمسكها بإقامة المشروع الذي أشعل فتيل الاحتجاجات، كما لجأت قوات مكافحة الشغب إلى اعتقال عدد من المتظاهرين وكذلك سجلت عدد من الإصابات. من جهة أخرى خرج أمس رئيس الوزراء التركي الطيب رجب أردوغان بعد ستة أيام من الواقعة، ليعلن تمسكه بقرار الحكومة ورفضه القاطع للتفاوض مع المحتجين، والمساومة على خيارات أخرى، قائلا: ”على المتظاهرين أن يوقفوا تحركهم فورا، وأن لا يعرقلوا نشاط التجار والزائرين، وان الشرطة ستظل في الساحة للحفاظ على الأمن في تركيا وسلامة المواطنين وممتلاكاتهم..” مما يجعل الأزمة مفتوحة على العديد من الاحتمالات خاصة وأنها الاحتجاجات الأعنف ضد الحكومة التركية منذ وصولها إلى الحكم سنة 2002، لاسيما وتداعيات الجوار السوري إذ يرى الكثير من المحللين أن هذه الأحداث قد تكون الانطلاقة لبداية ثورة مماثلة في تركيا، وما لهذه الأخيرة من انعكاسات على الشارع التركي، خاصة بعد تغيير مواقف تركيا اتجاه القضية السورية وانقلابها على نظام بشار الأسد. يذكر أن الحدود السورية-التركية كانت عرضة لتفجرين بمدينة الريحانية التي تأوي الآلاف من اللاجئين السوريين الفارين من نيران الحرب، أين حملت السلطات التركية مسؤولية التفجيرات لقوات النظام السوري، مشيرة إلى محاولة دمشق نقل الأزمة إلى اسطنبول. وعلى الرغم من قرار أردوغان الذي وصفه بالنهائي، لا تزال الأمور في اسطنبول على حالها، وفي ردود أفعال دولية أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها من عدد الإصابات خلال التظاهرات في تركيا ودعت إلى احترام وتعزيز الحريات الأساسية للتعبير والتظاهر. وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي إلى أن مداهمات الشرطة واستخدامها للغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين حدث في أحد المراكز السياحية حيث توجد أكبر الفنادق، مؤكدة أن واشنطن تتابع عن كثب تطورات الأحداث. من جهته شدد الناطق باسم المفوضية الأوروبية ستيفان فولي على حماية المظاهرات، مؤكدا أن المفوضية تدين استخدام العنف المفرط من جانب الشرطة، بدورها أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن ما وصفته بأنه ”استخدام مفرط للقوة” من جانب الشرطة ضد الاحتجاج الذي بدأ سلميا. ووعد وزير الداخلية التركي معمر جولر بالتحقيق في تجاوزات الشرطة في تعاملها مع المتظاهرين.