يبدو أن يوسف القرضاوي (رئيس اتحاد علماء المسلمين) الذي يسميه الكثيرون بمفتي ما يعرف بالربيع العربي، الذي عوّدنا منذ انطلاق هذا الأخير مطلع العام 2011، على الخروج في كل مرة بفتوى مثيرة للجدل أكثر من سابقتها، بداية من فتواه بإهدار دم الزعيم الليبي معمر القذافي وتعليقه برقبته إلى إهدار دم الرئيس السوري بشار الأسد. وهو الآن قد آثر الصمت إلى غاية كتابة هذه الأسطر. فمنذ آخر خرجة له بعد تنازل أمير قطر عن الإمارة لولده تميم، أين صرح تصريحا أثار غضب قيادات الإخوان في مصر واعتبروه انقلابا وتحولا في موقف رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي كان يعد واحدا من أكبر أنصار ودعاة الحكم الإخواني، حيث حمّل الرئيس المعزول محمد مرسي مسؤولية ما يحدث من انزلاقات وما يعرفه الشارع المصري من تجاذبات تنذر بالأسوأ مع لجوء الفرقاء إلى احتلال الشوارع وشحن وتجييش الأنصار، وكل فريق يريد فرض منطقه باستعراض قوته وقدرته على حشد أتباعه، وإن كان للقرضاوي من عذر، في التزام الصمت طيلة الفترة الماضية، فقد سقطت كل أعذاره مع أول قطرة دم مصري سالت في شوارع القاهرة وغيرها من المدن، والآن وقد تجاوز عدد القتلى بين الفريقين الثلاثين قتيلا، يواصل الرجل صمته وكأن الدماء التي تسيل ليست دماء مسلمين، أو أنها لا تعنيه، ولكن قد يكون القرضاوي المقيم في قطر منذ سنوات قد تلقى توجيهات بالتزام الصمت في الملف المصري خصوصا بعد الموقف الواضح للخارجية القطرية التي أكدت وقوف قطر الدائم إلى جانب الإرادة الشعبية في مصر. وإن كان البعض يرى أن موقف الصمت الذي اتخذه القرضاوي جاء تماشيا مع مواقف الأمير الجديد لقطر الذي يُروج عنه عدم ثقته في حركة الإخوان المسلمين وحذره الدائم منهم، حتى وصلت الإشاعات في وقت سابق إلى الحديث عن رغبة الأمير الجديد في مغادرة القرضاوي لقطر بشكل نهائي. فهل انتهى دور "مفتي الربيع" وخلد للصمت محمّلا بأرواح ودماء سيُسأل عنها لا محالة.