تُنشئ الحكومة، اليوم، أول خلية لليقظة الاستراتيجية التي من شأنها تجنيب الدولة الخسائر المالية في إنجاز المشاريع سواء بسوء التخطيط لها أو إعادة تقييمها ماليا، حيث ستكون أول خلية لليقظة في قطاع حساس هو الاستشراف والإحصائيات، ما يجعل الرهان كبيرا أمام هذه الخلايا مقارنة بحجم وأنواع الفساد التي تضرب البلاد. لم تغلق أي إرادة في الدولة إلى حد الآن، الباب أمام مخطط إنشاء الأنظمة الذكية لخلايا اليقظة الاستراتيجية، بل ما هي إلا أشهر عن إعلان إنشاء هذا النظام من طرف كتابة الدولة للاستشراف والإحصاء التي رحل عنها حميد تمار وخلفه فيها بشير مصيطفى، حتى أُعلن عن إنشاء أول خلية بدءا بهذا القطاع بالغ الأهمية والحساسية، حيث ستُنصب غدا الأربعاء بمقر كتابة الدولة ببن عكنون في العاصمة. إذا كان النظام الذكي لليقظة الاستراتيجية، سيكون عبارة عن خلايا، فإن أول ما ستواجهه حتما لن يكون بحجم خلية، إذ كثيرا ما اتخذ الفساد بالجزائر أشكالا تبدو قانونية وشرعية كإعادة تقييم المشاريع ماليا، وطلبات أغلفة مالية تكميلية، والتراجع عن المخططات والدراسات الأصلية التي تكون استهلكت أموالا خيالية، دون المحاسبة عليها، وهو ما يصب في صميم عمل خلايا اليقظة الاستراتيجية، التي من المزمع أن تقضي على كافة أشكال الفساد المقنّعة، بإجراءات تبدو عادية وبعيدة عن الشكوك. هذه المهمة تجعل الرهان كبيرا على هذا النظام الذكي مقارنة بحجم الفساد المستشري، فالشق الأول من الرهان يكمن على مستوى ضرورة استمرار العمل به وتفعيله وتكريسه كآلية اقتصادية ضرورية ضمن مشاريع التنمية. أما شقه الثاني أن تكون "مناعة" خلايا اليقظة الاستراتيجية قوية في حال واجهتها إرادات داخل الدولة أو خارجها من أجل تحييدها في إطار المقاومة التي تبديها جيوب الفساد أمام آليات الرقابة وقوانين الجمهورية. يأتي هذا إثر مشاركة الجزائر في مؤتمر برنامج تبادل المعارف، المنعقد مؤخرا بعاصمة كوريا الجنوبية سيول، تطبيقا للاتفاق الاستراتيجي بين البلدين الموقع في 2006 ، والذي أثمر في 2013 صياغة تقرير رؤية الجزائر 2030 في عدة مجالات، والذي تم عرضه في المؤتمر المذكور، بحضور كاتب الدولة بشير مصيطفى. وتتلخص في التأطير النظري لرؤية الجزائر 2030، الاقتصاد المبني على المعرفة، نظام التعليم، نظام الصحة، وتخطيط الأرض والإقليم لتجاوز عوائق الاقلاع الاقتصادي. وتعكف مصالح كاتبة الدولة للاستشراف والاحصائيات على تصميم آليات تنفيذ نموذج النمو للفترة القادمة الجاري، المنتظر أن يعكس محتوى المخطط الوطني لتهيئة الاقليم ورؤية الجزائر 2030.