هل ضيع المثقف فرصة تصويب القاطرة عبر المحطات المختلفة؟ مكانة ودور المثقف في المجتمع والدولة محفوظة ومهمة، أنا لا أعتقد أن المثقف قد ضيع أو فوّت الفرصة لتوجيه المسار وتصحيح الانحرافات، ولكنه شارك بقدر امكانياته واستطاع في بعض الأحيان أن يساعد بتوجيهات استراتيجية للمجتمع الجزائري، ولكن هناك موازين قوى لم تسمح للمثقف أن ينجح دائما في نظرياته وفي توجيهاته، وكانت هناك قوى أخرى داخل السلطة وقد تمكنت من تقليص دور المثقف وتحجيم أدائه. هل تقصد هيمنة القبعة داخل مراكز القرار؟ لا، أنا لست مع فكرة القبعة والمثقف، يجب أن تكون لنا دولة ومؤسسات فيها كل تيار وكل اتجاه يساهم في بناء الدولة وإرادة ضرب المثقفين الجزائريين بالفئات الأخرى خطأ كبير. وعندما نعتقد أن المثقف يقبل أن يوظف من أي طرف نحن نهينه لأن المثقف بالأساس هو إنسان ذكي، يفكر ويتعامل مع الأوضاع كما هي بشكل عقلاني وله قدرات، وعندما نأخذ نموذجا ابن خلدون كنموذج للسياسي المثقف نجد أن الذي بقي منه هو المثقف، إذا عبر التاريخ وعبر القرون نجحت السلطة الثقافية لابن خلدون وليست السلطة السياسية. أين يكمن الخلل إذا؟ مع الأسف الشديد، فإن بعض المثقفين عندنا تخلوا عن واقع المجتمع الجزائري، فهم لا ينسجمون مع الثقافة الجزائرية كما أنهم لا يستخدمون لغة الشعب ويأتون محملين بأفكار غربية وهم يسعون لممارسة الأبوة على المجتمع، ونفس الشيء لدى المثقفين المعربين بعضهم طبعا ولا نعمم، استحوذت عليهم الوصولية، فهم يسعون للوصول إلى السلطة باستخدام كل الوسائل مع قبول الفاتورة الباهظة التي تدفع في سبيل الوصول، وفي النهاية هذه الوصولية تقلص من أهمية الرؤية الجيدة والإيجابية عند الرأي العام.