يرى الأستاذ والباحث الجامعي عمار بلحيمر أن إعانات الدولة في المجال الإعلامي يعمل على منع الاحتكار من القضاء على كل طموح ديمقراطي، وقال عمار بلحيمر، وهو كاتب صحفي أيضا، إن السوق الإعلامية لها خصوصية، قياسا إلى أسواق منتوجات أخرى، من ناحية أن التنوع ينبغي أن يكون مضمونا فيها. منذ إطلاق العناوين الأولى للصحافة المكتوبة من طرف مجموعات الصحفيين الذين كانوا، قبل ذلك، في الصحافة العمومية، فإن كل فريق وصل إلى السلطة أضاف إلى المشهد طبقته الخاصة من الجرائد الخاصة وذلك ضمن الإطار الأصلي المحدد بقانون 90 - 07 الذي تمت إعادة تشكيله في اتجاه مزدوج: تنحية مؤسسات الضبط الخاصة بالمهنة وإعادة تأسيس نظام الرخصة المسبقة من أجل التحكم في الولوج إلى القطاع. لقد تشكلت ما يشبه القاعدة "المافياوية"، هي بالتأكيد احتكارية، وعلى النقيض تماما مع كل مبدأ للأداء والتشبيب والمنافسة: إنه مبدأ "أول من يأتي هو أول وآخر من تتم خدمته". إن انحرافا بهذا الشكل نتج عن غياب هيئات للضبط تكون في مستوى هذه التسمية أو بمعنى آخر السهر على ممارسة تعددية الآراء، كما أن هذا الانحراف نتج عن عدم التدقيق في أمور التوزيع وغياب التساوي في الوصول إلى الإشهار وإلى القراء.. لقد حدث ذلك على أساس قدوم لاعبين وفاعلين جدد: أصحاب الأموال، التي هي في الغالب تم اكتسابها بطرق غير شرعية، غير المثقفين والأميين الذين يستغلون عناوين تم منحها، قبل ذلك، إلى محترفين لا يملكون إمكانيات. إن منطق ومدعاة اقتصاد سوق، بأبعاد اجتماعية، تقتضي تأمين فرص الوصول إلى السوق لكل فاعل جديد يريد استثمار الإبداع ورؤوس الأموال. إن خصوصية السوق الإعلامية هي أنه، وبغض النظر عن الوصول إلى السوق، فإن التنوع ينبغي أن يكون مضمونا فيها.. تعددية تضمن التعبير عن كل عائلات الأفكار، وعلى هذا الأساس فإن العناوين الجديدة هي بحاجة إلى نفس المستوى من العناية والمساندة، المتعددة الأشكال، على غرار العناوين التي سبقتها . إن العون الذي تقدمه الدولة موجود حتى في الدول الأكثر ليبرالية، وهذا العون يأخذ أشكالا مباشرة وغير مباشرة ولولا ذلك فإن الغريزة الطبيعية للاحتكار سوف تقضي على كل طموح ديمقراطي. إن المنظومة التكوينية توفر القاعدة النظرية من أجل انطلاقة جيدة على مستوى المهنة، وكما بالنسبة للأجيال القديمة للصحفيين، فإنه يبقى تمديد مجهودهم من خلال التكقل المناسب الذي يتضمن الامتداد التطبيقي داخل المؤسسات الإعلامية. بخصوص الشق الثاني من سؤالكم فإنه يرتبط بمسألة، أكثر حساسية، لا تظهر للوهلة الأولى. إن توزيع الصحف هو تعبير عن توزيع غير عادل لعروض المعلومات، وهو "يعاقب" عناوين جديدة التي، مهما تكن مجهوداتها المهنية المبذولة، فإنها لا تصل إلى القارئ. لا يمكن أن يكون هناك صدى للاستثمار المبذول لتطوير منتوج إلا إذا كان يصل إلى الاختيار الحر للمستهلك. إن الغموض السائد في ميدان التوزيع مرتبط بالمعوقات الموضوعية ذات صلة بانقباض دائرة القراء الفرانكوفونيين، وضعف دائرة القراء المعربين بالنظر إلى تكاثر العناوين التي تتنافس عليها والمقدرة بحوالي 150 عنوان. إن العناوين الوهمية التي تستعمل كتغطية للحصول على الإشهار من طرف "لوبيات" استقرت حديثا في المستويات العليا للسلطة، جاءت لتؤكد قاعدة أنه ليس من الضروري امتلاك ثقل في النقاش حول الأفكار من أجل الحصول على الريع السياسي. الغريزة الطبيعية للسوق هو الاحتكار، هناك قاعدة عامة وثابتة تتضمن كون المقتضيات السياسية المرتبطة بإعادة الإنتاج الموسع لليبيرالية تنطبق على الكبح ومن خلال تدابير مكافحة المركزة. إن هيئات الضبط تشارك نظريا في الحفاظ على أبواب الوصول إلى السوق، مفتوحة. إن إعادة التشكيل النظرية هذه هي غريبة عن الواقع الجزائري والمميز بغياب قواعد غير تلك التي تعبر عن البقاء للأقوى، وعودة الهيمنة بشكل أكثر قسوة مما شهدناه في عهد الحزب الواحد، وتسلل لاعبين جدد، دون إيمان ولا قانون، والغموض السائد في قواعد التمويل وغيرها.. كل هذه الشروط الملائمة للتقاطعات التي لم تفصح بعد عن أسرارها التي قد تكون مع مصالح أجنبية.. المستقبل سيقول لنا أكثر. المقام والوقت لا يتسع كلاهما من أجل العودة إلى تجربتي الشخصية على اعتبار كوني ضحية، مثل آخرين كثيرين، للقوى المناوئة للمصالحة والتعددية والتغيير في بلادنا. ليس هناك مجال شكوى.. ينبغي فقط الوعي بذلك، معاودة النهوض والاستمرار في "المعركة" وذلك تحت الأشكال المناسبة التي تفرضها كل مرحلة.