تراجعت محافظة مهرجان جميلة العربي، عن اعلان "طلاقها" النهائي من الموقع الأثري للمدينة الأثرية كويكول، بعد أن تبين تدهور حالتها العامة، هذا ما أكدته المحافظة نصيرة عباس في ندوتها الصحفية البارحة، بقاعة الأطلس، حيث لم تكن واضحة بشأن قرار وزيرة الثقافة خليدة تومي بمنع احتضان التظاهرة بجميلة التاريخية "منعا باتا". هكذا إذن سيعود المهرجان العربي إلى أحضان الأثار القديمة التي تبعد عن مقر ولاية سطيف بحوالي 30 كلم، وسيتجدد الموعد مع رحلات "الصفا والمروة" من 15 إلى 24 أوت الجاري، في طريق ملتوي قيل إنه خضع للتعبيد بفضل هذه المناسبة الفنية. وعلى مسار الطريق الطويل الذي ينتظر الإعلاميين والفنانين والتقنيين، تتبدد تصريحات المسؤولين على القطاع والمشرفين على إقامته، مع غبار الطريق، ويصبح كل ما استمعنا إليه في السنتين السالفتين في خبر "كان"، وهم الذين أكدوا لنا أنهم استجابوا أخيرا لتحذيرات خبراء الأثار في سطيف والتابعين للوزارة الوصية، من تبعات الضغط الممارس على المدينة الأثرية، بفعل المعدات التقنية من شاحنات المولدات الكهربائية، وشاحنات البث المباشر التابعة للتلفزيون الجزائري، وغيرها من المعدات التقنية الضرورية لأي منصة فنية جديرة بالأسماء التي تحتضنها. وقد سمعنا القرار من لخضر بن تركي نفسه، يعلمنا أن سطيف يمكن أن تستوعب تظاهرتها في أي مكان آخر، دون أن تطلق المرجعية التاريخية والثقافية التي تشكلها "جميلة" بالنسبة لسكان المنطقة. كما تابعنا في نوفمبر 2011 زيارة ميدانية لوزيرة الثقافة إلى سطيف، عرجت خلالها على "جميلة"، وهناك خاطبت الصحافة تعلمها أن المهرجان سيخرج من المدينة الأثرية من أجل الحفاظ على الموقع الأثري العالمي وحمايته من المخاطر المحيطة به. وأكدت تومي حينذاك، أن هذه الخطوة "أصبحت اليوم أكثر من ضرورة حتمية"، بعد أن اقتنعت بتقارير المختصين يدقون فيها ناقوس الخطر، واحتمال "هلاك" ما بقي من تلك المدينة الغابرة، بل صرحت الوزيرة يومها أنه "ممنوعا منعا باتا" ابتداء من هذه السنة (2011) إقامة المهرجان داخل الموقع الأثري أو ساحة "سيبتيم سيفير" التي اعتادت على احتضان التظاهرة. كل هذا الكلام تجنبت محافظة المهرجان الحديث عنه البارحة، مكتفية بالرد أن أسباب خروج التظاهرة من الموقع الأثري "زالت" بعد "تدارك النقائص"، دون شرح ينير الرأي العام السطايفي والوطني، ومكتفية بالقول أيضا: "لن نستعمل المسرح الأثري، ولكننا سننصب مسرحا جديدا داخل المدينة الأثرية"؟ علما أن تجربة اخراج المهرجان من مكانه الطبيعي، وإدخاله ملعب محمد قصاب، عرفت فشلا ذريعا، بالنظر إلى الشكاوى العديدة التي رفعها السكان ضد التنظيم وانزعاجهم من صوت الموسيقى وأجواء الوافدين إليه. 167 فنان سيتداولون على منصة جميلة طيلة عشرة أيام، يتقدمهم عبد الحليم كركلا وفرقته الراقصة، ثم رويدا عطية (سوريا)، رضا عبد الله (العراق)، فايز السعيد (الإمارات)، معين شريف (لبنان)، كاظم الساهر، الشاب خالد والشاب بلال ووائل جسار، وهي أسماء قالت بخصوصها المحافظة، إنها قبلت شروط الجهة المنظمة، خاصة ما اتصل بالميزانية والأجندة الفنية، فيما لم توفق عباس في إقناع النجمة الإماراتية "أحلام" أو "اليسا" في قبول الدعوة، لأسباب مالية محضة. ولمزيد من المبررات، قالت لنا المحافظة، إن مهرجانها ما زال "فتيا" رغم سنواته التسعة، وأنها عاجزة عن إقناع المؤسسات الخاصة لتمويل التظاهرة، ولا يجب أن نحاسب الفعالية لأنها لا تفكر في أساليب اتصالية حديثة لترقية المناسبة: "لم نصل بعد إلى هذا المستوى المتقدم لتكون لنا خطة تسويقية"، وعن الأداء السيء لمؤسسة التلفزيون الجزائري الشريكة الوحيدة والتقليدية لتظاهرات وزارة الثقافة، اعترفت المتحدثة أن التلفزيون يقدم صورة سيئة عن المهرجان لحظة تسجيله الحفلات، في إشارة منها إلى المستوى التقني للصورة والصوت، الذي لا يعكس المستوى الحقيقي للسهرات في موقع الحفل.