إذا كانت الديون المتراكمة للأندية لا تمثل في الأساس جديد هذا الموسم الكروي باعتبار أن القضية كانت وما تزال السمة الغالبة على نمط التسيير الذي ميز دخول الأندية الجزائرية في عالم الاحتراف، حيث تثار هذه النقطة في كل موسم دون أن تعرف تطبيقا صارما للقوانين، وهو ما جعل قضايا الديون تستمر في كل موسم وتتفاقم. غير أن المعطيات التي حملتها رياح الموسم الجديد تضمنت أساسا إصرار الفاف كما الرابطة الوطنية المحترفة على التعامل مع ديون الأندية بنوع من الجدية والصرامة حيث جاء اجتماع المكتب الفيدرالي الأخير ليضع الأصبع على الجرح ويصدر تعليمات في شكل تهديدات لكل فريق أو لاعب أو مدرب يوجد في نزاعات مالية وبالأخص الأندية المحترفة التي تنتمي للقسمين الأول والثاني، حيث أحصت الرابطة 13 فريقا محل نزاعات مالية نتيجة الديون التي تراكمت عليه ويتعلق الأمر بستة أندية من القسم الأول المحترف وهي شباب قسنطينة، مولودية وهران، مولودية بجاية، شبيبة بجاية، وبرج بوعريريج ووفاق سطيف وسبعة أندية من القسم الثاني المحترف وهي شباب باتنة، مولودية باتنة، اتحاد عنابة، وداد تلمسان، اتحاد بلعباس، ترجي مستغانم وجمعية الخروب. وقد حددت الفاف قيمة الديون لدى هذه الأندية المذكورة ب 81 مليون دينار خاصة بالموسم الفارط لتضاف إلى المبالغ القديمة التي تعاني منها الأندية مما يرفع ديونها الإجمالية 161 مليون دينار. وبالعودة إلى بيان المكتب الفيدرالي فإن ديون أندية القسم الأول المحترف للسنة الفارطة بلغت 16,1 مليار سنتيم فيما وصلت تلك الخاصة بالقسم الثاني المحترف إلى 25,7 مليار سنتيم وأوضخ البيان أن نهاية الموسم الماضي شهدت نشوب 65 نزاعا بقيمة مالية قدرها 8,1 مليار سنتيم تخص فقط مستحقات لاعبي الرابطة الأولى المحترفة وهو ما رفع المبلغ الإجمالي الذي يدين به اللاعبون لبعض الأندية إلى ما مقداره 16,1 مليار سنتيم. ورغم أن لجنة النزاعات قد استطاعت حل إشكال تسديد مستحقات اللاعبين وتمكين 111 لاعبا من الحصول على الوثيقة منهم 32 لاعبا ينتمون إلى القسم الأول المحترف و61 لاعبا في القسم الثاني المحترف و18 لاعبا في الرابطة الثالثة إلا أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالديون ما تزال على طاولة الفاف والرابطة الوطنية المحترفة. على غير العادة أبدت الرابطة اهتماما كبيرا وصارما بمسألة الديون حيث اعتبرتها غير مقبولة وتمثل خطرا على السير الحسن للبطولة الاحترافية ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الرابطة هي إحالة الأندية الممنوعة من الانتدابات بفعل الديون على لجنة الانضباط في أجل لا يتعدى 30 يوما لتطهير وضعيتها المالية طبقا للقانون قبل المرور إلى مرحلة خصم النقاط التي ستتم على ثلاث مراحل من خلال خصم ثلاث نقاط ثم 6 نقاط ثم 9 نقاط قبل أن يتم إقرار سقوط الفريق إلى القسم الأدنى. وفي جانب آخر شددت الرابطة المحترفة وبيان المكتب الفيدرالي على ضرورة أن تقوم الأندية وتلتزم بإعادة كشف رواتب لاعبيها والتصريح بموظفيها لدى الضمان الاجتماعي وتقديم بيان إثبات للرابطة المحترفة مثلما يقتضيه دفتر الشروط الخاص بالاحتراف. كما ستطبق لجنة النزاعات بالرابطة المادة 91 من قانون الانضباط حيث سيتعرض كل فريق أو لاعب أو مدرب لغرامة مالية قدرها 50.000 دينار قبل أن يحال على التحقيق من المصالح القانونية التابعة للرابطة والفاف أو أي مصلحة قضائية دولية. وموازاة مع تأسف المكتب الفيدرالي للفاف للتسيير الكارثي لبعض الأندية فيما يتعلق بعقود اللاعبين وأجورهم وما يترتب من ذلك من مساس بسمعة الكرة الجزائرية. ما تزال الأندية المعنية بالديون صامتة ولم ترد على القرارات والعقوبات التي ستطبق عليها، ما عدا نادي شباب قسنطينة الذي خرج رئيس مجلس الشركة ياسين فرصادو عن صمته عندما اعتبر أن قضية المدرب دانيال يانكوفيتش تخص النادي الهاوي لأن هذه الديون وقعت خلال فترة تواجد الفريق في قسم الهواة: "نحن الآن في شركة محترفة وأنا أمثل مجلس الإدارة وسنعين محاميا للفصل في هذه القضية نهائيا". كما اعتبر فرصادو أن منح أموال هذا المدرب من الرصيد المالي للفريق سيؤدي به إلى دخول السجن لأنه أمر غير قانوني. وإذا كان من الصعوبة بمكان تصور السيناريوهات القادمة للأشكال المطروحة حول ديون الأندية وعزم الهيئات الكروية عندنا الذهاب بعيدا في مقاضاتها للتجاوزات الحاصلة اليوم في الوسط الكروي فإن الثابت أن هذه القضية ستلقي بظلالها على المشهد الكروي الجزائري الذي لا يعاني فقط من ظاهرة المديونية لدى الأندية بل كذلك من عدة نقاط سلبية لتعاطي الأندية مع قوانين الاحتراف وجديتها في الانتقال من الذهنيات الهاوية إلى المحترفة.