وجدت الإتحادية الجزائرية لكرة القدم مرة أخرى نفسها أمام مشكل عويص وهي في طريقها إلى استكمال تطبيق قوانين الاحتراف، حيث وبعدما اصطدمت بثورة رؤساء الأندية التي سميت بالهاوية، ها هي اليوم تدخل في مواجهة علنية مع الأندية المحترفة المطالبة بحقها من أموال الدعم التي ظلت تتغنى بها هيئة روراوة لمسايرة مشروع الاحتراف، إذ أنه ولحد الجولة التاسعة لم يكتشف الجمهور الرياضي أي جديد عن هذا المشروع، بل بالعكس لا يسمع سوى شكاوى الرؤساء لغياب الأموال وما تبعها من مقاطعات واحتجاجات متواصلة للاعبين، ولم يستثن من ذلك حتى أكبر الأندية في البطولة وأغناها، وهو وفاق سطيف، الذي عرفت إدارته مشاكل كبيرة مع اللاعبين بسبب المستحقات المالية. هذا الوضع دفع بالرؤساء إلى الاستنجاد بالفاف، في وقت كان من الأجدر أن توفر الأندية الأموال اللازمة لنفسها نظرا لكونها أصبحت جميعها في شكل شركات تجارية ذات أسهم، ولكن للأسف لا تزال تسير بمنطق الأندية الهاوية ولم يغير فيها الاحتراف سوى التسمية. هذا، وفي خطوة أولى ولامتصاص غضب الأندية، قررت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم منح قروض مالية بقيمة 100 مليون سنتيم لكل ناد من الرابطتين المحترفتين الأولى والثانية، وكذا إلى القسم الهاوي، بغرض تسهيل تنقل الفرق تحت 20 سنة في البطولة، علما بأن أكبر نسبة من الأموال تذهب في التنقلات. وقد تم اتخاذ هذا القرار بمناسبة اجتماع المكتب الفيدرالي للفاف، الاربعاء الماضي، بالمركز الفني لكرة القدم بسيدي موسى تحت إشراف رئيس الاتحادية، ويندرج القرار في إطار سعي هيئة روراوة لتشجيع وتطوير كرة القدم المحترفة. رؤساء الأندية المحترفة يريدون ملاقاة روراوة وجاء ذلك بعدما دق رؤساء الأندية المحترفة ناقوس الخطر في رسالة وجهوها إلى رئيس الفاف محمد روراوة، يوم الخميس الماضي، يطالبون من خلالها التعجيل في تطبيق القوانين المتخذة قبل بداية الموسم، والمتعلقة بمساعدة الدولة للفرق من الناحية المادية ومراجعة بعض القوانين الأخرى التي تعرقل الدخول الحقيقي للأندية الجزائرية إلى عالم الاحتراف. وكانت الإتحادية قد أعلنت، الخميس الماضي، أنه بإمكان كل ناد محترف انتداب خمسة لاعبين جدد خلال فترة الانتقالات الشتوية بين 2 و31 جانفي المقبل، وأن يضم في صفوفه لاعبين أجنبيين اثنين، بينما سيتم حرمان الأندية التي أدانتها لجنة فض النزاعات ولم تقم بتسوية وضعها المالي تجاه لاعبيها قبل فترة الانتقالات، من انتداب أي لاعب خلال فترة الانتقالات الشتوية. وخلال الرسالة الموقعة من طرف تسعة رؤساء لأندية من الدرجتين الأولى والثانية، يبدو أن هؤلاء المسؤولين يريدون مقابلة روراوة في أقرب وقت ممكن من أجل عرض رؤيتهم حول الوضعية التي تعيشها الأندية منذ تطبيق الاحتراف بالجزائر في بداية الموسم الكروي الجاري، معتبرين في نفس السياق أنه من الواجب أخذ مطالبهم بعين الاعتبار للخروج من الأزمة التي تعيشها الكرة الجزائرية.
غياب ثقافة التمويل الرياضي زاد من الأزمة ويرجع العديد من رؤساء الأندية أسباب غياب النتائج إلى مشكل التمويل الذي يجعل الإدارة عاجزة عن تسديد حقوق اللاعبين، و هو ما يؤدي بهؤلاء إلى عدم التركيز والمقاطعة، فإذا غابت الموازنة بين المداخيل والمصاريف بما فيها مستحقات اللاعبين يجعل العجز الدائم هو القاعدة، وأن تراكمه يؤثر على الفريق ككل. ويؤكد بعض العارفين بخبايا كرة القدم، أن المشكل في الجزائر هو غياب ثقافة التويل الرياضي لدى المؤسسات الإقتصادية، مما يجعل الأندية في رحلة بحث عبثية عن مصادر التمويل. ففريق طموح مثل مولودية سعيدة الذي يحقق نتائج باهرة، يبقى بدون ممول، وهذا أمر غير مقبول ومن الصعب عليه مواصلة النتائج الإيجابية بدون أموال، فكيف ننتظر منه انجاب لاعبين كبار في ظل تلك الأزمة، فهناك خلل كبير في موازين القوى المالية بين الأندية في البطولة، حيث أن هناك فرقا تتهاطل عليها عروض التمويل وأخرى لا تجد حتى ممولا واحدا، فالاحتراف يجب أن تسايره وفرة مالية لدى كافة الأندية ولا ينبغي أن تقتصر مصادرها على إعانات الدولة واشتراكات الأعضاء وهبات المحبين، ومن ثم يحق لنا أن نطالبها بالنتائج وبرفع المستوى.