ينتظر الرأي العام الفرنسي يوم الخامس من سبتمبر الجاري، للاطلاع على ما كتبته الصحفية الفرنسية كاترين غارسيات، حول "ساركوزي - القذافي: تاريخ الخيانة السري"، عن منشورات "لوسيوي". تحقيق تكشف فيه الصفقات السياسية والتجارية المشبوهة، وعن طريق شهود عيان دبلوماسيين وتجار أسلحة ستبين اللعبة القذرة في منطقة شمال إفريقيا. على منوال البحث والتنقيب نفسه، الذي انتهجته كاترين غراسيات في إصدارها السابق "الملك المفترس" (2012)، الذي خلل هدوء المملكة المغربية طويلا، تعد دار "لوسيوي" بكتاب جديد لن يقل أهمية عن سابقه، وسيوفر عبر 272 صفحة وثائق بالغة الأهمية تسلط الضوء على علاقات فرنسية - ليبية "غير نظيفة" بتاتا. تبدأ خيوط الحكاية في نظر غراسيات من تاريخين مهمين مثيرين للتساؤل، الأول ديسمبر 2007 الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي يستقبل بحفاوة العقيد معمر القذافي بباريس. والثاني مارس 2011: فرنسا تعلن الحرب على ليبيا. خيوط متشابكة نسجت طيلة المدة الفاصلة بين 2007 و2011، لهذا قررت الإعلامية الفرنسية الانطلاق في تحقيق عميق وميداني ابتداء من سؤال واحد: ما الذي وقع بين هذين التاريخين؟ ستستعمل الكاتبة عبارات واضحة في تحقيقها الصحفي، لتظهر العلاقات الشائكة بين فرنسا وليبيا، وتحديدا بين الرئيسين السابقين ساركوزي والقذافي. من بين هذه العبارات نجد: "تمويل سياسي"، "بترول وغاز"، "متاجرة بالأسلحة". الكتاب يكشف أولا الظروف وطريقة عمل التمويلات الليبية للحملة الانتخابية للمترشح للرئاسيات نيكولا ساركوزي، في 2007، ومع هذه العملية بسط رجال الظل نفوذهم بين طرابلس وباريس، ونمت تعاملاتهم بشكل ملفت دون إحداث ضجة من حولهم. هؤلاء الرجال هم: زياد تقي الدين، ألكسندر جوهري وسهيل رشد، الذين سيؤثرون على السياسة الخارجية لفرنسا لمدة طويلة إلى غاية المنعرج الخطير للأحداث. وقائع تاريخية أخرى تعود إليها المؤلفة لتجعل منها خلفية أساسية تستقي منها شهود عيان سيظهرون لأول مرة أمام الملأ بوجه مكشوف، بلا مساحيق أو أقنعة. شهاداتهم يقول عنها ناشر الكتاب، إنها "المفاتيح الوحيدة" لفتح الأبواب الموصدة في وجه الباحثين عن الحقيقة. وعليه يعتبر ذكر الأسماء والمهن والمهمات الموكلة لهؤلاء الشهود، مؤشرا إيجابيا يعطي لعمل غراسيات موضوعية كبيرة، ومصداقية أيضا في تقصي الوقائع بعيدا عن المزايدات السياسية، علما أن الشهود ما زالوا محل بحث ومطالبين قضائيا، في ليبيا وآخرون فرنسيون دبلوماسيون سابقون وتجار أسلحة نشطاء. لأول مرة كذلك، سيطلع الرأي العام، على وثائق لم يسبق نشرها، تخص مفاوضات بيع الأسلحة الفرنسية لليبيا في الفترة الممتدة من 1999 إلى 2012. وأيضا حيثيات بيع 14 طائرة من طراز "رافال" لضمان تفجير السوق الليبية. ومعلومات أخرى حول عملية الكومندوس التي قادتها سيسيليا ساركوزي لتحرير الممرضات البلغاريات في 2007، وعن الخلفيات السياسية والمالية للقضية نفسها. ولم تنس الصحفية الفرنسية التوقف عند دور قطر في هذا المسار التاريخي المشؤوم.