تم الكشف عن وثيقة حكومية من قبل موقع ”ميديابارت” للتحقيقات، تتحدث عن زيارات متعددة أجراها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى ليبيا بهدف تأمين تمويل الحملة الانتخابية التي جاءت به إلى الرئاسة. وأشارت الوثيقة إلى أن إحدى هذه الزيارات، التي ذكرها الموقع بتاريخ 6 أكتوبر 2005، أدت إلى تأمين تمويل حملة ساركوزي الانتخابية بشكل كامل. وأضاف الموقع أن ساركوزي تلقى ما يصل إلى 42 مليون جنيه إسترليني من العقيد الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية لرئاسة فرنسا عام 2007. ويقال إن الدليل الاستثنائي أصبح علنيًا في باريس لإثبات أن الحليفين الوثيقين السابقين كان لديهما ترتيب مالي غير قانوني دفع بساركوزي إلى السلطة. في ذلك الوقت كان ساركوزي وزير داخلية طموحا يجمع المال لحملته الانتخابية الرئاسية، حتى وإن عنى ذلك الحصول على المال من طاغية سيئ السمعة ينتهك قوانين التمويل السياسي. في هذا السايق، أشارت صحيفة ال”تليغراف” إلى أن الكشف عن هذه الوثيقة تثبت ما ورد على لسان نجل القذافي وولي عهده السابق سيف الإسلام القذافي، العام الماضي، عندما قال بوضوح إن ليبيا مولت انتخاب ساركوزي. وقال سيف الإسلام، المحتجز الآن في ليبيا عقب الإطاحة بنظام والده، ”يتعين على ساركوزي أن يعيد أولاً الأموال التي أخذها من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية، لقد مولناها، لدينا كل التفاصيل ومستعدون للكشف عن كل شيء”. وتابع سيف الإسلام يقول ”أول شيء نريد أن يقوم به هذا المهرج هو أن يعيد المال إلى الشعب الليبي، لقد قدمت المساعدة له كي يتمكن من مساعدتهم، لكنه خيب آمالنا، أعد أموالنا إلينا”. وأثار تكريم القذافي، أثناء زيارة رسمية إلى باريس في العام 2007، الدهشة للمرة الأولى عندما تمت الإشارة إليه على أنه الأخ القائد، من قبل القيادة الفرنسية، وسمح له بأن ينصب خيمته المميزة قرب قصر الإليزيه. والآن ظهرت أدلة الاتهام من خلال تحقيق شامل في أنشطة تاجر أسلحة يعرف باسم زياد تقي الدين، والذي أبلغ طبيبه، ديديه غروسكوبف، قضاة التحقيق في باريس بأنه ذهب في كثير من الرحلات إلى ليبيا وشاهد المفاوضات حول تمويل حزب ”الاتحاد من أجل حركة شعبية”، الذي ينتمي إليه ساركوزي. ويزعم موقع ”ميديابارت” أن ال 50 مليون يورو التي أشير إليها في المذكرة تم تبييضها من خلال حسابات مصرفية في بنما وسويسرا. وتم فتح حساب سويسري باسم شقيقة جان فرانسوا كوب، زعيم حزب ساركوزي الحاكم، وذراع الرئيس اليمنى. وتم توزيع المال حينذاك من خلال تقي الدين، الذي اعتاد العمل كوسيط بين بعض القادة العرب وسياسيين فرنسيين. كما تضمنت التحقيقات أحد الحلفاء الحكوميين القريبين لساركوزي، ويدعى برايس هورتيفو. غير أن الأخير أكد ل”ميديابارت” أن ”اللقاءات حدثت بالفعل” مؤكداً على عدم حدوث أي خطأ أو استلام أموال غير مشروعة، من دون أن يعلق أكثر من ذلك. وجاء التأكيد من شاهد آخر في هذه الفضيحة، وهي سيدة بريطانية تدعى نيكولا جونسون، وهي طليقة تقي الدين بعد زواج دام ثلاثين عاماً. وزعمت أن هورتيفو زار منزلهما الفاخر في باريس في العام 2005 للحصول على دفعة نقدية كبيرة من زوجها في ذلك الوقت. وتم تسريب مذكرة الاتهام المزعومة، والتي أصبحت في أيدي الشرطة الفرنسية فضلاً عن قاضي التحقيق رينو فان رويمبيك، إلى ”ميديابارت” إضافة إلى وثائق أخرى. وتتضمن الوثائق على الأقل 3 خطابات أرسلت من ساركوزي وزملائه إلى الزعيم الليبي في العام 2005 وحده، فضلا عن تفاصيل مفاوضات بين ساركوزي والقذافي على حدة. ولا يمكن الآن محاكمة ساركوزي وهو في منصبه، كرئيس لدولة فرنسا، لكن يبدو أنه سيخسر الانتخابات الرئاسية في ماي لصالح منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند. وستمهد هذه الخسارة الطريق أمام تحقيق شامل في أنشطة تمويل حزب ساركوزي. وتحول ساركوزي عن صديقه العقيد القذافي في بداية الربيع العربي. وكانت الطائرات الفرنسية أول من يهاجم دبابات القذافي في حملة عسكرية وحشية انتهت بمقتل الزعيم الليبي. ونفى ساركوزي مساء يوم الاثنين المزاعم بأنه تلقى أموالاً من القذافي. وأضاف ”إذا كان (القذافي) قد قام بتمويل حملتي الانتخابية، إذا فأنا لم أكن ممتناً له ولم أكن وفياً لمساعدته. القذافي معروف بأن كلامه فارغ ويتحدث الترهات. وإذا كان ابنه يقول أن لديه شيكات بالأموال فعليه أن يتقدم ويبرزها للعلن”. وقال المتحدث باسم قصر الاليزيه رداً على سؤال من صحيفة ”لو موند” الفرنسية حول المطالبات من قبل سيف الإسلام: ”نحن ننفي ذلك، والأمر واضح تماماً”.