يتناول رئيس قسم الإعلام والإتصال، يوسف تمار، في هذا الحوار، اشكالية مذكرة التخرج وتعاطي الطلبة مع حتمية إعداد البحوث لنيل شهادة الليسانس ،ويرى أنه مثلما توجد مذكرات رديئة، توجد أخرى في المستوى، غير أنه يؤكد على علاقة الجامعة ومحيطها الإقتصادي والإجتماعي، ويطرح سؤالا حول حاجة المؤسسات لنتائج مذكرات الطلبة· طلبة علوم الإعلام والاتصال يُعِدون مذكرات تخرج لنيل شهادة الليسانس، إجباريا، لماذا؟ تعتبر مذكرة التخرج، روح الجامعة، لأنها تعود الطالب على البحث العلمي، فالفكرة السائدة لدى الطالب في مختلف السنوات، أنه لا يجهد نفسه في البحث، وإنما يعتمد على الأنترنت في إنجاز البحوث، فإن قرار إنجاز مذكرة جاء للسيطرة على هذا الجانب، وأريد أن أشير إلى أن بعض مذكرات الليسانس ترتقي إلى درجة الماجستير، لكن يبقى هدفنا هو تعويد الطالب على البحث، أي كيف نجعل الطالب يبحث، بحكم أن إشكالية مذكرة التخرج تتضمن كيفية تطبيق الطالب لما درسه طيلة أربع سنوات، ومدى قدرته على التحكم في الأدوات المنهجية، ولا يطالب بأكثر من ذلك، عكس مذكرات الدكتوراه التي تركز، أساسا، على تقديم إنجاز معرفي مؤصل، بمعنى تقديم مقاربة جديدة مرتبطة بما يحتاجه المجتمع· في خضم التغييرات التكنولوجية الحاصلة، وهيمنة التكنولوجيا الرقمية، هل المواضيع المعالجة في مذكرات تخرج طلبة الليسانس تستجيب للتطورات التي يشهدها حقل الإعلام والاتصال؟ لا بد من التأكيد على أن هناك توجه جديد يختلف، باختلاف الوقت، غير أن وأول شيء يتم التطرق إليه عند مناقشة مذكرات التخرج، هو مدى قدرة الطالب على اختيار الموضوع المعالج، والضبط الدقيق للإشكالية، ومع ذلك، هناك مواضيع سيئة وضعيفة منهجيا ومعرفيا، ومواضيع أخرى متكاملة من كل الجوانب· كم بلغ عدد مذكرات التخرج التي تمت مناقشتها خلال الموسم الجامعي الجاري؟ العدد الإجمالي لمذكرات التخرج في كل التخصصات التي تتم مناقشة سنويا، يقدر ب 400 مذكرة، ويتراوح عدد المذكرات التي تمت مناقشتها خلال شهر جوان ما بين 150 إلى 200 مذكرة، على أن يرتفع خلال شهر سبتمبر· يخلص الطالب، في مذكرته إلى نتائج، فمذكرات التخرج في تخصص اتصال وعلاقات عامة، مثلا، تنصب على دراسة منظومة الاتصال داخل المؤسسات وعلاقتها بالمحيط الخارجي، ما مدى استغلال نتائجها من قبل الهيئات المعنية؟ ضعيف جدا، وأنا شخصيا، كرئيس قسم، عكفت على الاتصال ببعض المؤسسات والهيئات، وتمكنت من خلال عدة اتصالات من خلق علاقة مع منظمة اليونيسكو، على سبيل المثال، التي طلبت الدراسة التي أجريت حول الاتصال، من أجل استثمار نتائجها وبعض المؤسسات التي يبقى عددها محدودا جدا على غرار صيدال، فيما يخص الاتصال الداخلي والخارجي بالمؤسسات، مما يعني أن الإستفادة من مذكرة التخرج لها جانبان، الأول، يتمثل في مدى استغلال المؤسسة لنتائجها، والثاني يتعلق باستفادة الجامعة، في حد ذاتها، من المذكرة، حيث تعد مذكرات تخرج الطلبة من أكثر المراجع استخداما من قبل طلبة الجامعات، والدليل على ذلك أن أغلب طلبة المعهد يعتمدون عليها، وهناك مذكرات تخرج مطلوبة من قبل جامعات مختلفة من ولايات الوطن على غرار وهران، مستغانم، سطيف·· ألخ، كما أن المذكرات التي ترتقي إلى درجة علمية متميزة تتم سرقتها من المكتبة، ولا تجد لها أثرا نظرا لكثرة الطلب عليها. ذكرتم أن استغلال نتائج مذكرات التخرج محدود جدا، ما هي المؤسسات التي يتم التعامل معها؟ قامت كلية الإعلام بإبرام عقود شراكة مع بعض المؤسسات، كما أننا نتعاون مع الاذاعة والتلفزيون والصحافة المكتوبة، وتميل هذه الهيئات إلى طلب المذكرات التي تعالج مواضيع متعلقة بالمجتمع·· الإتصال الداخلي والخارجي، مقروئية الجرائد، مشاهدة البرامج وتحليل مضمونها، لكن المشكل الجوهري الذي يطرح بحدة، من يلجأ إلى الآخر؟ هل الجامعة هي التي تعرض نتائج بحوثها ودراساتها على المؤسسة، أم أن هذه الأخيرة، هي التي تتقدم بطلب وفقا لحاجاتها؟، وأذكر، في هذا المقام، بعض المذكرات التي قام من خلالها الطلبة، بإجراء سبر آراء، مجانا، لفائدة المؤسسات، لكن نتائجها لم تستغل، حيث تفضل الإعتماد على مراكز الأبحاث والدراسات بدلا من الجامعة؟ ما مدى احترام مذكرات تخرج الطلبة لمعايير ومقاييس البحث العلمي؟ أعتقد أن تقييم الجانب العلمي للمذكرة مرتبط بالأستاذ المشرف، الذي يتوقف على درجته العلمية، وذكاءه وقدرته، على توجيه الطالب إلى ما هو حديث، فقد وجدنا بعض مذكرات تخرج الطلبة التي تطبق أساليب إحصائية متطورة، وتستخدم مناهج مستمدة من علم الاجتماع وعلم النفس، لكن يبقى الطالب في مستوى الليسانس بحاجة، دائما، إلى تأطير، وهناك بعض الأساتذة الذين يسعون إلى تحقيق إنجاز مذكرة وفق ضوابط علمية محكمة، باعتبار أن إسم الأستاذ مقترن بمذكرة تخرج الطالب، لكن لا يمكن تعميم ذلك على الكل· يميل طلبة الإعلام، بحكم الأعباء والتكاليف المادية التي تتطلبها الأفلام الوثائقية والروبورتاج، إلى إعداد مذكرات نظرية، ما رأيكم في ذلك؟ يندرج هذا في إطار إنجاز مذكرة بالمفهوم الأكاديمي، لأننا نترك، دائما، المجال مفتوحا أمام الطالب، وبحكم الأعباء والتكاليف المادية التي يتطلبها إنجاز الروبورتاج المصور، فإن للطالب حرية الاختيار غير أن الأصل يبقى، دائما، في المذكرة الأكاديمية· يخضع تقييم الطالب عند مناقشة المذكرة لعدة اعتبارات، ما مدى صحة الفكرة القائلة بأن العلاقة بين الأستاذ المناقش والمشرف تؤثر على نتيجة تقييم الطالب؟ يخضع تقييم الطالب إلى عدة جوانب عند المناقشة، من بينها قدرته على التحكم في موضوع الدراسة.. وغيرها من المعايير المتعلقة بالجانب العلمي، أما فيما يخص ثأثير العلاقات الشخصية بين المناقش والمشرف، في تقييم الطلبة، فهذا مرتبط بشخصية الفرد في حد ذاته، وموضوعيته في إصدار الحكم، وفي هذه الحالة، لا يسعنا إلا أن ننصح الأستاذ الذي، بالرغم من أنه يتميز بدرجة علمية، أن يعدل عن مثل هذه التصرفات، التي يمكن حدوثها، لكن من الصعب القضاء عليها، في ظل عدم وجود قانون يحد من هذه التصرفات·