افتتحت أيام الفيلم المتوسطي في الجزائر بالفيلم التونسي "مملكة النمل"، الإطلالة الأولى للمخرج التونسي شوقي الماجري على شاشة السينما بعد حضوره الناجح في مسلسلات الدراما التلفزيونية. في قالب شاعري حافل بالرموز ويمزج الواقع بالخيال والحزن بالأهازيج، يتناول شوقي الماجري القضية الفلسطينية في فيلمه "مملكة النمل" حيث يسلّط الضوء على المعاناة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني من قبل قوّات الاحتلال الإسرائيلي وإصرارهم على بعث الحياة في قلوبهم، رغم الاحتلال الإسرائيلي، ويمضي بنا عبر متاهات المغاوير والسراديب تحت أرض فلسطينية من دون حواجز، فيها مياه ودهاليز ومنافذ، تؤدي إلى حيفا ويافا والقدس وعكا وغزة فيها الحياة الجديدة والمأوى الآمن للثوار، ويحضر هنا التشبيه الواضح عبر الإشارات والصورمع ممالك النمل تحت الأرض. لنعايش حالة عشق بين طارق وجليلة، ويتم زواجهما في هذه الأنفاق بعيدا عن أعين جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يطاردون طارق المناضل المندمج بمقاومة الاحتلال. حملت جليلة في مملكة تحت الأرض، يحرسها جدها الملقب "أبا نمل"، الذي يبدو خارجا من حكايا الأساطير. يتخفى بعدها طارق بين الأنفاق الفلسطينية والجغرافيا المستعمرة، وتعتقل جليلة للضغط عليها من أجل أن تبوح بمكانه. وفي السجن يولد طفلهما سالم الذي ينمو ويتفتح في طفولته مع أمّه محروما من أبيه. يشهد الطفل سالم اعتداء الاحتلال العسكري واستشهاد صديقه محمد أثناء قصف المروحيات على المدارس، ليشاركته مع باقي الأطفال في انتفاضة الحجارة ويستشهد برصاص الاحتلال في مواجهة أثناء إحدى المظاهرات. الفيلم حمل فلسطين الفكرة والحضور من خلال تلك الأسرار والطقوس التي تمّ تجريدها وتفتيتها داخل المشهد العام والصورة والإضاءة لتبدو مثل ملحمة تحمل في طياتها الموت والإصرار على الحياة والحرية. يصوغ الفيلم نسجه السينمائي، عبر حكاية وتفاصيل تمرّ مثل فلاشات حلمية، وتحمل إشارات أسطورية تشابك الحالات المتناقضة، حاول عبرها المخرج الاشتغال على الصورة الجميلة يدمج عبرها الواقع بالأسطورة، ويعتمد على الدلالات بلغة شعرية رائعة بجانب البعد الحركى .. بالرغم من جماليتها الخاصة على مستوى جمالية التكوين والتشكيل والديكور للصورة السينمائية في "مملكة النمل" فإنها استدعت الحديث والمقارنة بين اللغة التلفزيونية/ السينمائية، لاسترساله المطوّل في كثير المشاهد التي يمكن أن تختصر أو تكثف سينمائيا. الفيلم إنتاج مشترك بين نجيب عياد من تونس، الضفاف للإنتاج، المجموعة الفنية المتحدة، إيبلا الدوليّة للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، تمثيل صبا مبارك، منذر رياحنة، جميل عواد، جوليات عواد، عابد فهد، صباح بوزويتة، والسيناريو لشوقي الماجري وخالد الطريفي، وصمّم وليد الهشيم الموسيقى.