موندياليا هو عميد اللاعبين من حيث عدد المباريات بخمس وعشرين مباراة، وهو اللاعب الوحيد الذي لعب في بطولتين أوروبيتين للأمم يفصل بينهما عشرون عاما، بل تميز بأنه أكبر لاعب شارك في النهائيات. ولد أحد أساطير الكرة الألمانية لوثر هربرت ماتيوس وهذا اسمه الكامل في مدينة إرلانغن البافارية في مارس عام 1961 وبدأ قصة نجاحه مع كرة القدم منذ سن التاسعة، فحيث يقع مصنع المنتجات الرياضية الشهير أديداس في مدينة هرتسو غيناوراخ الهادئة خطا اللاعب الذي اعتادت الصحافة الألمانية تسميته (لودار) أولى خطواته في الملاعب مع النادي المحلي الذي يحمل اسم المدينة، ليصبح لاحقا واحدا من أفضل لاعبي جيله، وحتى هو نفسه لم يكن يتوقع هذا، وعندما ترك الكرة ليعمل في مجال الديكور الداخلي بعد أن ترك المدرسة، أدرك أن مكانه الحقيقي هو ملاعب كرة القدم وليس إحدى الورش فعاد لمعشوقته مدربا. لعب ماتيوس لمنتخب ألمانيا الغربية تحت 21 سنة عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، فأصبح محط أنظار أندية الدوري الألماني، فوقع صيف 1979 عقدا مع مونشنغلادباخ، النادي الألماني الأكثر نجاحا في السبعينيات بعد البايرن، فلم يرهبه اللعب مع الكبار لأنه كان واثقا من نفسه مؤمنا بقدراته، فنال إعجاب مدرب الفريق آنذاك يوب هاينكس، إلى أن أصبح أساسيا، فقاد الفريق لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي في أول مواسمه عندما خسر أمام آينتراخت فرانكفورت. تألقه مع مونشنغلادباخ خلال موسمه الأول 1979 / 1980 بلعبه 28 مباراة في البوندسليغا سجل خلالها أربعة أهداف، فرضه على مدرب المنتخب يوب ديرفال ليصطحبه معه إلى نهائيات أمم أوروبا 1980 في إيطاليا، وهناك احتفل بظهوره الأول مع المانشافت في الدقيقة الثالثة والسبعين أمام هولندا، كما احتفل في نهاية البطولة بأول لقب له مع المنتخب وهو بعمر 19 عاما و93 يوما، وهو بذلك حتى تاريخنا هذا الفائز الأصغر بكأس أمم أوروبا. رغم مشاركته في المباريات الثلاث خلال أورو 1984 إلا أن حقبته الذهبية بدأت صيف ذاك العام، وفجأة أصبح من خيرة لاعبي البوندسليغا الذين يشار إليهم بالبنان، نظير دوره في تتويج ناديه بالدوري، ثم بثنائية الدوري والكأس في العام التالي، وفي المنتخب كان ماتيوس إحدى الدعائم الأساسية لتشكيلة فرانز بيكنباور خلال تصفيات ونهائيات مونديال المكسيك 1986 فاحتفل بأول أهدافه الدولية ثم المونديالية فاكتفى مجددا بوصافة المونديال خلف منتخب التانغو، ويومها كلف مراقبة مارادونا، ومع اعتزال رومينيغي دوليا حمل ماتيوس على عاتقه أمر المنتخب فأصبح القائد ومنحه بيكنباور ثقته وأعطاه المزيد من الصلاحيات وكان عند حسن الظن قولا وفعلا وحقيقة واقعة. وتوجه ماتيوس لنادي الإنتر الإيطالي حيث دوري النجوم الأقوى عالميا ذاك الوقت، وهناك تحت قيادة الإيطالي جيوفاني تراباتوني تحول ماتيوس إلى نجم عالمي لامع فتوّج بالدوري في أول موسم له مع النادي ليحقق ما عجز عنه رومينيغه سابقاً، والمهم أنه اعتاد الأجواء الإيطالية قبل المونديال حيث الامتحان الكبير. في الملاعب الإيطالية برز كتلة نشاط في كتيبة بيكنباور، محققا حلما شخصيا ومجدا جماعيا من خلال التتويج بكأس العالم 1990 بعد لعبه كامل دقائق منتخبه بأداء لافت، استحق عليه جائزة أفضل لاعب ألماني، وأوروبي ومونديالي، وفي العام التالي واصل التألق بقيادته الإنتر للقب كأس الاتحاد الأوروبي وليكون ناخب النقاد لجائزة أفضل لاعب في العالم التي ابتدعت ذاك العام، ولم يكن موسمه الأخير مع الإنتر كما يحلو له لأنه أصيب برباطه الصليبي فضاعت الألقاب على فريقه وضاعت عليه فرصة المشاركة في النهائيات الأوروبية 1992. عاد ماتيوس إلى البايرن في سبتمبر عام 1992 فاحتفل مع مدربه المفضل بيكنباور بلقب البوندسليغا موسم 1993 / 1994 وهذا اللقب حققه ثلاث مرات أخرى، وذهب لقيادة الجوقة الألمانية في مونديال أمريكا 1994 بمعنويات عالية وسط ترشيحات لا تحدها حدود للاحتفاظ باللقب، ولكن أمواج المانشافت تحطمت على صخور المفاجأة البلغارية بربع النهائي، وعادت لعنة الإصابات تلاحق ماتيوس، فأبعدته إصابته في وتر أخيل عن الملاعب عدة أشهر خلال عام 1995 ما جعل خبراء كثيرين يتوقعون انتهاء مسيرته الكروية المتألقة قبل الأوان، فلم يلعب أي مباراة دولية ذاك العام، وبعد برئه من الإصابة لم يستدعه بيرتي فوغتس للمشاركة في يورو 1996 رغم مساهمته الفعالة بلقب اليويفا مع البافاري، والفوز باللقب على الأراضي الإنجليزية جعله يتجاهله عاما آخر وهو ما زال يتألق بصفوف البايرن حضورا وألقابا، ولكن المدرب فوغتس استدعاه ليشارك في مونديال فرنسا 1998 عندما كان عمره 37 عاما، وهناك صار قياسيا من حيث عدد المباريات وإن كان الختام علقما إثر الخسارة صفر/3 أمام كرواتيا. وعندما اعتزل الكرة كان عميد لاعبي العالم بمئة وخمسين مباراة دولية.