عندما نعود بالذاكرة لرؤية القيصر الألماني فرانز بيكنباور نشعر بالمتعة ويكون من الصعب مقارنة هذا اللاعب مع أي لاعب غيره، حيث استطاع القيصر بيكنباور أن يزرع شيئا في مخيلة محبيه ومتابعيه، فقد كان لاعبا وقائدا في الملعب على حد سواء، وهذا يعني أنك عندما تشاهده في الملعب فإنك تشاهد العظمة والمهارة والمجد. بيكنباور المحبوب من الصغير والكبير في ألمانيا بل في أوروبا والعالم، هو دون أدنى شك أحد أعظم اللاعبين والمدربين في التاريخ، اشتهر بإعادة تحديد دور الليبيرو والدور القيادي والتأثير المباشر في اللاعبين الذين كانوا يرونه المدرب الثاني للفريق سواء في البايرن أم المنتخب. هو من طينة المحاربين الذين تنطبق عليهم مقولة رجل بألف فحمل على عاتقه لواء قيادة البايرن لسلم المجد المحلي والقاري والعالمي. ولد فرانز بيكنباور في ميونخ العام 1945، وقد عشق كرة القدم منذ الصغر، وكانت له رغبة في اللعب لنادي بايرن ميونخ، وقد تحقق له ذلك في سن 13 سنة حيث انضم إلى فريق الناشئين ومن خلال ذلك برزت مواهب بيكنباور مما ساعده على اللعب مع الفريق الأول وهو في سن 18 سنة، وبعد ذلك استدعي للعب مع منتخب ألمانيا وكانت مشاركته الأولى في مباراة ألمانيا وسويسرا، حيث فازت ألمانيا بخمسة أهداف نظيفة وقد سجل بيكنباور هدفين في هذه المباراة، ففي ذاك المونديال طلع علينا المدرب الألماني هيلموت شون بمفهوم الليبرو من خلال لاعب حر وأوكلت تلك المهمة للاعب استثنائي لم يبرز بعد وهو فرانز بيكنباور الذي دخل مغموراً وخرج نجماً كبيراً يشار إليه بالبنان، وتكفي الإشارة إلى أنه هدّاف المدافعين في كأس العالم حتى الساعة. مشاركته التالية في المكسيك عام 1970 كانت لا تُنسى، فكان عنصراً فاعلاً في الثأر من الإنجليز بربع النهائي عندما سجل هدف التقليص، وعندما لعب في نصف النهائي أمام إيطاليا بكتف مخلوعة، وقد لف ذراعه المصابة بضماد، وآلمه ذهاب تفانيه سدى إثر خيبة الخسارة أمام الآزوري 3/4 في مباراة اشتهر وقتاها الإضافيان بأنهما الأشهر عبر التاريخ، ليكتفي الألمان بخوض مباراة تحديد المركز الثالث. بعد صعود منصة التتويج دون ملامسة اللقب جاء عام 1974 جالباً معه المجد لبيكنباور حينها، كان يلعب في مركز الليبرو الذي طوّره بنفسه، فينظّم الفريق من الخلف، ويتقدّم أثناء هجوم فريقه لأن التقدّم إلى الأمام من طبيعته؛ فلم يكن قادراً على إيقاف نفسه. القيصر كان مدرباً ثانياً داخل الملعب، بل كان الشخصية الأكثر تأثيراً، فبعد الخسارة أمام نظرائهم الشرقيين وانطواء المدرب شون على نفسه، أعطيت صلاحيات للمدرب المساعد ديرفال والكابتن بيكنباور صاحب التأثير القوي داخل المستطيل الأخضر وخارجه، فذللت العقبات وعاد الوئام للمانشافت الذي سار بثقة نحو اللقب، حيث صمد بيكنباور وباقي الفريق في وجه الضغوط لقيادة ألمانيا الغربية إلى اللقب المونديالي الثاني، فأصبح بيكنباور أول لاعب يحمل كأس العالم الجديدة، بعد احتفاظ البرازيل بكأس جول ريمي إلى الأبد عام 1970 والقيصر كان يدرك حجم الضغوط بسبب الاستضافة والمطالبة بالكأس. وقد لعب القيصر لأندية عريقة عدة مثل بايرن ميونخ وكوزموس الأميركي وكذلك نادي هامبورغ، كما أشرف على تدريب نادي أوليمبك مارسيليا وكذلك نادي بايرن ميونخ والمنتخب الألماني. وقد حصل مع نادي بايرن ميونخ على لقب الدوري أربع مرات وكذلك على كأس ألمانيا أربع مرات أيضا. لعب بيكنباور في الدوري الألماني 424 مباراة، سجل فيها 24 هدفا ولعب مع المنتخب الألماني 103 مباريات سجل فيها 13 هدفا، وحمل شارة الكابتن مع المنتخب في خمسين مباراة. في جويلية 1984 وبعد إخفاق يوب ديرفال في الدفاع عن لقب كأس الأمم الأوروبية، عُيّن بكنباور خلفاً له، وعلى غير المتوقع قاد المانشافت إلى المباراة النهائية لمونديال المكسيك الثاني، ورغم فوز الأرجنتين باللقب، إلا أن القيصر ظهر كأنه مدرب منذ وقت بعيد، فبدأ الإعداد للنهائيات الأوروبية التي لم تكن بمستوى الطموح، ولكنه تمسك بالأمل لرفع كأس العالم في إيطاليا عندما فاز باللقب دون خسارة فدخل القيصر كتب الأرقام القياسية، إذ أصبح الأول الذي يحرز كأس العالم كقائد ومدرب. التحق بتدريب مرسيليا الفرنسي ثم البايرن، ثم تقلد منصب رئيس نادي بايرن ميونيخ حتى 1998 ثم نائب رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، ثم أشرف بنجاح على كأس العالم 2006 كرئيس للجنة المنظمة وهو الآن الرئيس الشرفي للبافاري.