شهد التاريخ البشري قصص نجاحات تلهم كثيرين، ولعل أكثر هذه القصص تأثيرا تلك التي تتعلق بأشخاص عانوا من صعوبات لكنهم تحدوها ووقفوا أمام كل المعوقات التي واجهوها، لأنهم يؤمنون بأنهم يستطيعون تحقيق أفضل الإنجازات، وهذا ما أثبتته قصص لبعض هؤلاء الأشخاص الذين تركوا أثرا كبيرا على الحياة رغم إعاقاتهم المختلفة. لم يخطر أبدا على بال عائلة مشعل جاسم الرشيد أن ابنهم الذي ولد مصابا بداون سيندروم سيقود عائلته إلى هذا العالم الواسع الواعد ... عالم لم يحلم أي منهم أن يراه أو أن يكون عضوا من سكانه مشعل جاسم الرشيد. عندما عرفت عائلته في البداية الحقيقة القاسية بأن ابنهم معاق ذهنيا، لاحت في الأفق غيوم من الكآبة والإحباط، وملأ اليأس القلوب المعتصرة بالألم ونزلت الدموع من العيون الحزينة وكان الخوف من إيجاد مكان لمشعل في هذا العالم القاسي عديم الرحمة هو كل ما يفكرون به. ومرت الأيام بسرعة وبحزن شاهدت عائلة مشعل جاسم يكبر. وقد كانت الصدفة والمحاولة غير الجدية لخلق تغيير من الحالة الحزينة التي يعيشون فيها هو الذي قلب حياتهم رأسا على عقب. فقد بدأ مشعل يمارس الرياضة بدافع الترفيه. ولكنه بعد ذلك كرس نفسه للرياضة وحقق نتائج واعدة. والآن مشعل لاعب وبطل في كل من الجمباز والسباحة. ويرجع لمشعل الفضل في تغيير سياسة بلاده في التعامل مع الأفراد ذوي الإعاقة الذهنية ... وقد جعل المواطنين في بلاده يعتبرون ويعاملون المعاقين ذهنيا باحترام وتسامح لم يكن موجودا قبل ذلك. بدأت مسيرة الميداليات لمشعل الرشيد في لبنان 2002؛ حيث حصل على ميداليتين ذهبيتين للسباحة الحرة في ألعاب الأولمبياد الخاص للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي أيرلندا 2003 حصل على برونزية السباحة الحرة للأولمبياد الخاص. وحصل على فضية وبرونزية في سباحة الفراشة في تونس عام 2004. وحصد فضية رمي الجلة والمركز الرابع بالجري بألعاب دول الخليج التي أقيمت في قطر في نفس العام. كما حصل على 3 ميداليات، ذهبيتين وفضية، في السباحة الحرة وسباحة التتابع في أولمبياد دبي للمعاقين 2006. وحصد ذهبية سباحة التتابع في أولمبياد المعاقين في شنغهاي بالصين في 2007م. وبجانب السباحة حصل مشعل على شهادات عالمية بالكفاءة في الغوص بالمعدات، من عديد من مراكز الغوص في أوروبا؛ مما أهله للانضمام لأفراد رحلة الأمل التي قامت بجولات في الغطس في المحيط الأطلسي. طموح مشعل لم يكن له حدود، فبمثابرته وإرادته اللامحدودة، بدأ أيضا في تعلم الغوص. ويعتبر مشعل الآن أول فرد من ذوى الإعاقة الذهنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك في كل العالم، حيث يتدرب على الغوص في مستوى المحترفين. وقد كان يوما لا ينسى عندما تسلم رخصته الدولية وشهادته في الغوص باستخدام الأكسجين، وهي أول شهادة يحصل عليها فرد مصاب بالداون سيندروم من الجمعية الدولية للغطس وقد حصل عليها وسط الفرحة والتشجيع من الجمهور.