بعد مشاركتهم في التظاهرة الثقافية "نييفر تلتقي الجزائر" التي أقيمت من 15 إلى 25 نوفمبر بفرنسا، يعود أفراد "S.O.S باب الواد" إلى العاصمة بتجربة ثقافية وفنية جديدة، اغتنمت "الجزائر نيوز" الفرصة لزيارة مقر الجمعية والتعرف على أفراد مجموعة "الكويوت" (كما يلقبون أنفسهم) والاطلاع على أهم نشاطاتهم. عند وصولك إلى المكان يشد انتباهك المنظر الخارجي برسومات "الغرافيك ستيك"، ويثيرك تناحر الألوان الساطعة التي تكسو الحائط من الخارج، ملصقات لشخصيات تاريخية، أدبية، وسياسية. عبارات مشهورة تصرخ من الحائط الذي نقشت عليه بطرق مزخرفة لتؤكد لك أن هذا المكان الذي ستدخل إليه مختلف عن البقية، يدعوك هذا الخليط من الأفكار، الألوان، والرسومات إلى التخلص من "الكليشيه القديم" لمعنى كلمة "جمعية" لتجهز نفسك لرؤية عالم مخالف. الجو الداخلي للجمعية يعكس المنظر الخارجي لحائطها، حيث يغيب الطابع الإداري والمكتبي الذي تتعود عليه في باقي الجمعيات المنتشرة. على يسار المدخل يقبع مكتب بسيط للاستعلامات والتسجيلات، وعلى يمينه قاعة تجمع بعض الطلبة لتقديم دروس دعم لمن يحتاجها. يقودك الدرج لأعلى أين توجد قاعة فسيحة مؤثثة بأجهزة كومبيوتر، يلجأ إليها الأعضاء لتمضية أوقات فراغهم، أو أداء بحوثهم. بينما تحول قبو البناية إلى صالة تحوي عديد الآلات الموسيقية من بيانو، قيثارات كهربائية وأدوات إيقاع مختلفة، تحج إليها الفرق الموسيقية الشابة لتتدرب فيها على مقاطعها الجديدة كل أسبوع. لقاء أفراد الجمعية يبعث فيك دفئا عائليا ويشعرك بأمان البيت، عفويتهم تشجعك على التصرف على سجيتك لتتوطد العلاقات بسهولة بين أصحاب البيت والقادم الجديد. الأب الروحي أو الأخ الكبير هو السيد "ناصر مغنين"، رئيس الجمعية الذي خلف هيبته ووقاره يحضر قلب كبير وروح شابة، يعتبره الجميع الأب ذا الشخصية المتفتحة "cool dad". أما باقي الأفراد فهم عبارة عن "الأولاد المشاغبين" الذين يفيضون حيوية ونشاطا، ليجعلوا الحياة تدب داخل "البيت الكبير"، يلقبون أنفسهم ب "الكويوت" وهم مجموعة من الشباب أعمارهم في العشرينيات، ترعرعوا بين حيطان الجمعية، تتنوع مشاربهم الفنية فمنهم المغنون، العازفون، الرسامون... إلى غير ذلك من المواهب الواعدة، اختاروا منظمة "S.O.S باب الواد" ملجأ لهم يحميهم من تهديد الشارع ويزودهم بما يحتاجون إليه لتغذية مواهبهم وتنميتها. حدثنا عمي ناصر عن الجمعية التي أسسها أربعة أفراد في العشرية السوداء، وتاريخها الطويل مع سكان حي "باب الواد" قائلا "جمعيتنا جوارية قريبة من الشعب، تناقض الصورة الكلاسيكية حيث يغيب المسؤول، والمدير صارم طوال الوقت، والمعاملات الورقية البيروقراطية لا تنتهي، مقرنا بيت من بيوت الحي. نحن عائلة كبيرة أصبحت جزءا من السكان، نبقى على اتصال دائم بهم، نشاركهم الاحتفال بالمناسبات والأعياد ويرسلون أبناءهم لممارسة مختلف النشاطات الثقافية عندنا". رغم صغر المقر، إلا أن أفراد المنظمة يسعون إلى الاستفادة من كل "انش" بذكاء، حيث أصبحت قاعات "S.O.S bab elwad" غرفا متعددة الاستعمالات، يتغير دورها حسب الوقت المحدد لكل نشاط، فصالة الإعلام الآلي تتحول إلى روضة أطفال، وقاعة التدريبات تتحول إلى صالة دراسات بينما تضم القاعة الكبيرة مختلف النشاطات الثقافية المتنوعة من دروس دعم، إلى معارض، وورشات تعليمية وتثقيفية لروادها المهتمين. وبهذه الطريقة تمكنت المجموعة من احتواء 300 طفل حتى الآن، تسعى لفتح الأبواب الثقافية في مكان تنعدم فيه وسائل الترفيه التي تحمي الأطفال من الشارع، وذلك بتنظيم نشاطات ثقافية، بعضها يومي مثل دروس الدعم، المسرح، الموسيقى... وبعضها الآخر موسمي مثل المعارض، الورشات، الاحتفالات الوطنية والدينية... طلبنا من بعض الأعضاء الذين شاركوا في التظاهرة الثقافية الفرانكوجزائرية، الحديث عن التجربة الجديدة التي خاضوها مع شخصيات سياسية/فنية جزائرية وفرنسية، فأكد لنا "مولود" فرد في فرقة "قناوة كدا وكدا" وأحد المشاركين في تظاهرة "نييفر تلتقي الجزائر": "تعلمنا الكثير في رحلتنا، من الناحية الموسيقية ساعدتنا في لقاء فنانين أجانب وتطوير مواهبنا، ومن الناحية الاجتماعية، فتحت أعيننا للمقارنات بين الشعوب ومستوياتها. كما تعرفنا على بعضنا البعض بطريقة حميمية كوننا نمضي كل اليوم معا"، ليضيف المدير "ناصر مغنين" قائلا "هذا التبادل الثقافي الرابع الذي تقوم به جمعيتنا، تسمح لنا هذه التظاهرات الثقافية بالحديث عن بلدنا في الخارج، لنبرهن أن جزائر الغد تعد بمستقبل شاب باهر لا يستهان به". وهي كلمات وافقه عليها السيد "فريد عجاب" المسؤول عن التظاهرة الثقافية. للتذكير، فإن "الكويوت" ال12 شاركوا في عرض "نهر الرمال" الذي أدوه مع العديد من الموسيقيين والفنانين الفرنسيين بالمزج بين موسيقى الشعبي، القناوي، والموسيقى التقليدية للمنطقة، رفقة "حسان كربيش" الذي أبدع في تقديم مقاطع أيقونات الشعبي "العنقا"، "القروابي" و«العنقيس".