19 عاما يمر على الاغتيال الجبان للمسرحي القدير والإنسان الرائع عز الدين مجوبي.. كأن ذلك حدث بالأمس القريب.. هذا الصوت الدافئ الذي غادرنا في يوم فجائعي يشهد على الزمن الصعب الذي عاشه الجزائريون حتى العظم، كيف لي أن أنساه؟! أتذكر أنني كنت في سنواتي الأولى في الصحافة، عندما التقيت به، وكنت أتابع تدريباته رفقة الراحل محمد بن ڤطاف، وزياني وصونيا على إعداد أعمال ظلت تشكل بصمة عميقة في مسار المسرح الجزائري، أذكر منها، الشهداء يعودون هذا الأسبوع و "العيطة" وأتذكر كذلك تلك الأيام الحميمة العامرة بالنقاش عندما التقينا في عنابة ذات يوم من عام 1993 بمناسبة مهرجان المسرح المحترف، وكنت يومها في طاقم لجنة التحكيم وتحصل على الجائزة الكبرى لمسرحتيه "عالم الباعوش" من انتاج مسرح باتنة ونص عمر فطموش، وكنت من بين المدافعين في لجنة التحكيم عن رؤية الإخراج وجودته، وأثارت الجائزة يومها الكثير من المناوشات والغضب في أوساط المتنافسين... وأذكر أيضا أنه ذات يوم جاء رفقة زوجته، وعرضا علي ترجمة وإعادة كتابة نص كتب بالفرنسية بالعربية الشعبية التي كان يقول لي عز الدين مجوبي أنه معجب بشاعريتها.. وكنت يومها أدير أسبوعية "الحدث" وتفرع نقاشنا حول النص ونحن نتناول غذاءنا في بيتزيريا غير بعيدة عن دار الصحافة بساحة أول ماي.. وبالفعل دفعني عز الدين لأعود إلى الكتابة المسرحية بعد أن افتكتني الصحافة من المسرح... وبقينا نؤجل لقاءنا المرتقب لمراجعة الأجزاء الأولى من النص المترجم من الفرنسية، أياما.. إلى أن جاءني ذاك النبأ المحزن... عز الدين قتلوه..! ظللت محتفظا بالنص إلى اليوم الذي فجرت سيارة مفخخة بالقرب من مسكني بحيث استهدف سوق الفلاح... فذهب النص مع ذلك الانفجار... آه، لكم أتمنى أن أكتبه من جديد بعد أن أضعتنا قلب المسرح الدافئ عز الدين... وذاك النص الذي أتمنى أن تعثر عليه زوجة عز الدين...