أخيرا، وبعد سنوات من العمل، جرى مساء أول أمس، العرض الشرفي الأول لفيلم "الأندلسي" للمخرج محمد شويخ، الذي يحاول عبر أحداثه أن يستعيد صفحات من التاريخ الإسلامي في الفردوس الأندلسي المفقود. فيلم "الأندلسي" من انتاج "Acima Film" وهو ناطق باللغة العربية الفصحى، تتخلله بعض المقاطع بالإسبانية، يتطلع شويخ عبره إلى "زمان الوصل في الأندلس"، لصياغة فيلم يثمّن تجربة التسامح والتعايش بين الأديان في الأندلس. تتابع قصة الفيلم آثار مجموعة من العائلات الغرناطية المسلمة واليهودية وحتى المسيحية، التي هُجِّرت من الفردوس الأندلسي بعد سقوط المدينة، ومنها سليم إبن أبي حمزة (محمد بن بكريت) الفقيه المسلم، الذي كان أصغر سكرتير للملكة عائشة (بهية راشدي ) أم أبو عبدالله (طارق حاج حفيظ )، وماريا رودريغار المسيحية. يبدأ الفيلم بلحظة سقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، بعد تسليم أبو عبد الله محمد الثاني عشر، مفاتيحها للملكين فرناندو الخامس وإيزابيلا، وبعد التسليم بأيام، يدخل الملكان في خيلاء قصر الحمراء الكبير ومعهما الرهبان، وفي أول عمل رسمي يقومون بتعليق صليب فضي كبير فوق برج القصر الأعلى، ويُعلن من فوق هذا البرج أن غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين، وأن حكم المسلمين قد انتهى من بلاد الأندلس. وفي طريقه إلى منفاه، من على ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء، يتطلع أبو عبدالله، وإلى ذاك المجد الذي قد ولَّى، وانطلق يبكي، لتقول له أمه «عائشة » كلمتها الشهيرة: "فلتبك كالنساء مُلْكا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال" .. فر إسحاق مع عائلته وأمه المسيحية وعائلة صديقه إسحاق الخياط اليهودي إلى مدينة مستغانم أو "مسك الغنائم" كما كان يطلق عليها في تلك الحقب، ليستقر هناك، رافضا مرافقة أبو عبدالله إلى منفاه في المغرب، مفضلا الوجهة الجزائرية، التي رسى بسواحلها ويجد كل هؤلاء على اختلاف أعراقهم وديانتهم ملاذاً آمناً في ضيافة ملك المدينة عبدلي (حسن كشاش)، ويختاره الملك ليكون سكرتيرا خاصا لبناته الثلاثة ثم أمينا عاما على المملكة، وليقع أثناءها في هيام وعشق الأميرة منصورة (مليكة بلباي) ويتزوجها لنعيش قصة حبهما في موازاة عرض الفيلم للأحداث التاريخية التي عصفت بالمنطقة في تلك الفترة التي غيرت تاريخ المغرب العربي والتي كان سليم في بؤرتها.. فكان قريبا من الصراع بين عدد من الأمراء المتخاصمين وساهم بحل عدد من نزاعاتهم كما أهلته لغته الإسبانية ليكون صديق ومترجم القائد الإسباني مارتن دارغوت في حروب الإسبان مع العثمانيين، الذين زحفت جيوشهم للإستيلاء على المدن الجزائرية.. حاول محمد شويخ أن يستمد من الأحداث التاريخية لتلك الفترة، ظلالا لما تعيشه المنطقة هذه الأيام .. ولكن ضاعت رؤيته مع مشاكل السيناريو المكتوب والقرب من الحالة التلفزيونية، سواء عبر التصوير التي كانت تتطلب حالة مشهدية أو الزمن السينمائي وزمن اللقطة على الشاشة الذي يختلف عن الزمن التلفزيوني.. ولد المخرج والممثل محمد شويخ، عام 1943، وفي عام 1965 إشترك في تمثيل "فجر المعذبين" الذي أخرجه رينيه فواتيه وأحمد راشدي، ولعب دور الأخضر في "رياح الأوراس" للأخضر حامينا الذي نال جائزة "كان".. ويخرج فيلمه الأول "الإنقطاع" 1982، وبعد ذلك ينهمك شويخ، وبالتعاون مع زوجته المونتيرة التي تحولت للإخراج، يمينة بشير شويخ، في الكتابة والإخراج وإنتاج بعض أهم الأفلام الجزائرية. عام 1989، قدم فيلمه (القلعة) ثم يخوض شويخ غمار الفانتازيا في فيلمه المميز "يوسف، أسطورة النائم السابع" 1993 كما ينجز محمد شويخ فيلم (عرش الصحراء) عام 1996..