عرفت الأعمال السينمائية للمخرجين الجزائريين في 2013 حضورا ملحوظا في المهرجانات الدولية، ميزه حصول العديد من هؤلاء على جوائز وتقديرات نظير أعمالهم التي قلما تعرض في الجزائر بسبب نقص قاعات السينما، وعدم وجود شبكة توزيع. فبعد الحضور المميز للفيلمين الطويلين "السطوح" لمرزاق علواش و«ثورة الزنج" لطارق تقية ونيلهما جوائز في عديد المهرجانات، وفوز فيلم "عائد إلى مونلوك" للمخرج الجزائري محمد زاوي بجائزة "الخنجر الذهبي" في مسابقة الأفلام التسجيلية بمهرجان مسقط السينمائي، ها هو فيلم "الأيام السّابقة" للمخرج كريم موساوي يحصد جائزة "الحضر موت" الذّهبي في فئة الأفلام الطّويلة ضمن المهرجان الدولي للطّفولة والشباب بمدينة سوسة التّونسية، وذلك في دورته العاشرة من 23 إلى 29 مارس. ويتطرق موضوع العمل، وهو إنتاج مشترك جزائري فرنسي، في 47 دقيقة؛ لقصة مراهقين، ياسمينة وجابر "سهيلة معلم ومهدي رمضاني" من حي عاصمي تدور أحداثها في بداية التسعينيات، حيث يحاول البطلان في ظل القواعد الاجتماعية المقيدة والمطبقة منذ زمن طويل التوفيق بين طموحاتهما وقوانين المجتمع. قسم الفيلم إلى لوحتين؛ الأولى بعنوان "جابر"، تطرّق فيها إلى حياة هذه الشخصية من خلال نظرتها المتفردة للمحيط الذي تعيش فيه واحتكاكها بالأشخاص المحيطين بها، أما اللوحة الثانية فجاءت بعيني "ياسمينة"، اعتمد فيها على تقنية أخرى تتمثل في "الراوي" بصوت جابر وياسمينة. وكريم موساوي من مواليد 1976، وقام بإخراج فيلمين قصيرين آخرين هما "بتي ديغوني"، 2003 و«سو كوندوا فير"، 2006، وحاز عن الفيلم ذاته على جملة من الجوائز العالمية سنة 2013 من بينها جائزة أحسن فيلم في الأيام السينمائية الرابعة بالجزائر العاصمة، وأفضل فيلم قصير في المهرجان الدولي للفيلم الإفريقي بقرطبة (إسبانيا)، ومهرجان الفيلم العربي ب«فاماك" (شمال شرق فرنسا) و«الوهر الذهبي" للفيلم القصير بمهرجان وهران. أيضا، ستكون الجزائر ممثلة في الملتقى الثالث للفيلم الوثائقي بكلميم/المغرب الذي يشرف على تنظيمه مركز الجنوب للفن السابع بفيلمين اثنين، الأول في المسابقة الرسمية "ورشة في قمة القبائل" لكمال السحاقي والثاني في البانورما "أشعة الضوء" للفوخ يزيد. كما تسجل الجزائر مشاركتها في الدورة التاسعة لمهرجان جنيف للفيلم الشرقي بثلاثة أفلام، حيث يتنافس الفيلم الروائي الطويل "البطلة" لشريف عقون أمام تسعة أفلام طويلة لنيل الجائزة الكبرى في هذه الفئة، المخرج شريف عقون متحصل على شهادة ليسانس في الفيزياء، بدأ دراسة السينما بمدرسة التعليم العالي للفيلم بباريس سنة 1978، وفي سنة 1981 عاد إلى الجزائر واشتغل بالتلفزيون كمساعد مخرج أول، بينما قام بإخراج أول فيلم له بالأمازيغية سنة 1990، وفيلم "البطلة" يعد أول فيلم روائي مطول له، بعد الفيلم الوثائقي الذي أنجزه عن النوبة الأندلسية في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2012، وقد اختار فيه فترة العشرية السوداء ليستل من إحدى قصصها موضوعا يلج به تجربة الأفلام الروائية ويتناول قصة المرأة "حورية" (سامية مزيان) كمثال للمرأة الجزائرية التي لم تستسلم في وجه الإرهاب خلال سنوات الخوف والموت، وتروي أحداثه بطولة واستماتة المرأة التي عاشت مأساة حقيقية بسبب وفاة زوجها وعائلته على أيادي جماعة إرهابية، ثم تواجه مصيرا اجتماعيا صعبا، لكن رغم كل العراقيل استطاعت أن تربي ابنيها، وتقبل على الحياة بدل الوقوف على ربوة الحزن.. أما الفيلم الوثائقي للمخرج لمين عمر خوجة "أطلب من ظلك"، يجد نفسه أمام 12 فيلما يتطرق إلى الأحداث التي عرفتها الجزائر سنة2011 المعروفة بأحداث "السكر والزيت". ويتوقف الفيلم القصير "الأرجل على الأرض" للمخرج أمين حتو ضمن المنافسة لفئة الأفلام القصيرة مع تسعة أعمال أخرى، وفكرة العمل تتطرق إلى موضوع خيالي حول شاب مصاب بهوس عدم قدرته على وضع قدميه على الأرض، الأمر الذي يعيق ممارسة حياته بصفة عادية. يضم برنامج المهرجان أكثر من 100 فيلم. وستحمل الدورة عنوان "الجسد بين الخيال والأيديولوجيا"، تحتضنها مدينة جنيف بسويسرا في الفترة من 4 إلى 13 أفريل المقبل. ربما هذا الحضور المتألق للأفلام السينمائية الجزائرية في المهرجانات يعمل على تشجيع الإبدعات السينمائية الحديثة والدفاع عن سينما جريئة تعكس واقع المجتمع الجزائري.