في خرجة مختلفة لم يكن الكثيرون في انتظارها، برهن المترشح لرئاسيات أفريل الجاري، علي بن فليس، أن دعوته لأخلقة الحياة السياسية والاجتماعية على حد سواء ليست مجرد خطاب، حيث قال، أمس، لأنصاره بولايته الأم "باتنة"، التي عرفت غضبا شديدا في الفترة الأخيرة بسبب تصريحات مدير حملة منافسه في الاستحقاق، عبد العزيز بوتفليقة، "ارفعوا مستوى النقاش، وبينوا أنكم صناديد مهما كان زائركم وعاملوه بأخلاق". بهذه الخطوة يكون القاضي السابق المترشح لرئاسيات 2014، علي بن فليس، قد قطع الطريق على الكثير من الملاحظين الذين كانوا ينتظرون تجمعه بهذه الولاية ليدخلوا جولة جديدة من التعليق على حرب الملاسنات التي تعرفها حملة الرئاسيات الجارية، على خلفية تصريحات مدير الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، في المزحة التي أثارت استياء كبيرا بالمنطقة، لكن بن فليس اختار طريقا آخر في التجمع الذي نظمه بالقاعة متعددة الرياضات للمركب الرياضي "أول نوفمبر"، بولاية باتنة، التي توافد عليها أنصاره بقوة ملفتة حتى لم يتمكن الجميع من الدخول، فيما كانت أهم الرسائل التي وجهها لهم هي الحفاظ على الاحترام ومستوى النقاش الرفيع، دون أن يتوانى في الطلب منهم عدم ذكر أية إساءة أو أسماء في شعاراتهم التي رددوها أثناء إلقاء خطابه، مضيفا أن عليهم استقبال كل وافد على المدينة "كما كانوا دائماً صناديد"، مركزا في كلامه على الاحترام والتعامل بشكل أصيل، وهي إشارة واضحة إلى ما يشاع من تخوف حول زيارة مرتقبة لهذه الولاية من قبل منظمي الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة. هذا وجدّد المترشح، علي بن فليس، تأكيده على أنه يخوض معركته بكل ثبات ودون تراجع مهما كان الأمر "راني ماشي ما نيش حابس"، وكان قد شبه، صباح أمس، من ولاية بسكرة السكوت عن أي تجاوز في هذه المرحلة السياسية الحسّاسة ب«السكوت عن سرقة بيته". فيما رافع عن مشروعه ونظرته للدستور التوافقي التي ركز عليها هذه المرة بشكل خاص في حديثه عن ضرورة توحد الشعب الجزائري "هل من موحد وجامع لهذا الشعب، فمن يحب الجزائر لا يفكر في تقسيمها". خطاب بن فليس، بولاية بسكرة، صباح أمس، في التجمع الذي نظمه بالقاعة متعددة الرياضات، كان مختلفا، حيث واصل في خط الانتصار للذاكرة، الذي فاجأ به الجميع بولاية تيزي وزو عندما تحدث عن ضحايا أحداث 1963، وبعض الشخصيات التاريخية، وأمس اختار من بسكرة الحديث عن العقيد لطفي، الذي قال إنه "لم ينل حقه"، مؤكدا على ضرورة "رد الاعتبار له"، متعهدا بفعل ذلك إذا ما أصبح رئيساً للجزائر. وكانت بسكرة من أهم الولايات التي خصّها المترشح بخطاب دقيق حول التنمية المحلية، مؤكدا على استحداث وزارة خاصة ب "التمليك"، حيث ركز إلى جانب الحديث عن برنامجه ومشاكل الشباب، على المشاكل التي يعاني منها الفلاح، فبالنظر لطبيعة هذه الولاية، اختار المترشح ثلاث نقاط أساسية، أولها مشكل ملكية الأرض الذي يرى أنه لم يعالج منذ الاستقلال وهذا ما يجعل الفلاح -حسبه- لا يشعر بالاطمئنان، وكحل نهائي اقترح بن فليس إذا ما وصل إلى قصر المرادية استحداث "وزارة التمليك" التي من شأنها القضاء على هذا المشكل وتمكين المزارعين والفلاحين من امتلاك تلك الأراضي بشكل رسمي عن طريق تسوية عقود الملكية وحل النزاعات. أما النقطة الثانية التي طرحها فكانت مشكلة التنقيب عن الماء وما ينجّر عنه من مشاكل تعرقل الفلاح، وركز بهذا الشأن على الكهرباء التي تعد من أكبر الهواجس التي تؤرق الفلاح بعد الوصول للماء من جهة، وبسبب قسوة الطقس من جهة أخرى، لذلك وعد المترشح بحل أقلّه مراعاة خصوصية المنطقة وذلك بتخفيض تسعيرة الكهرباء للمناطق الفلاحية لدعم وتطوير الاستصلاح وتوفير الشروط الضامنة لإنعاش القطاع. والنقطة الثالثة من الخطاب الذي خص به المترشح علي بن فليس ولاية بسكرة هي توفير الآليات التي تجعل من تجارة التمور أكثر ازدهارا بتخليصها من عراقيل وبيروقراطية الإدارة حتى يصبح الفلاح قادرا على تصدير منتجه بشكل مباشر. ولتحقيق هذه المشاريع وغيرها من الوعود التي أطلقها علي بن فليس، عاد مجددا للتركيز على ضرورة المشاركة وحماية الأصوات، مؤكدا على أنه يخوض معركته "بدون خوف" ومستعد للذهاب بعيدا فيها.