يركز مخطط الحكومة الذي يُنتظر أن يعرضه الوزير الأول، عبد المالك سلال، غدا الأحد، أمام البرلمان، على المنظومة المصرفية والمالية، ويؤكد على ضرورة "التعجيل بالإصلاحات الرامية لتكثيف الشبكة البنكية وتكييف الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم النشاط المالي والاستمرار في تحديث منظومة الدفع والتقليص من آجال معالجة ملفات القروض وتحسين حكامة البنوك العمومية وتفعيل سوق القرض، خاصة عبر تطوير نشاط القرض الايجاري وترقية بورصة الجزائر"، ويشير مخطط عمل الحكومة بهذا الخصوص إلى التفكير في "إعادة هيكلة القطاع البنكي العمومي تحسبا لتحديد سياسة يتم التعامل بها على المستوى الدولي"، وهنا لا تبدو الاجراءات التي صنفت في خانة "التعجيل" بريئة إذا ما أخذت في سياق تصريحات وزير التجارة، عمارة بن يونس، أول أمس، بخصوص "جملة العراقيل التي شابت مسار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة منذ 1987"، حيث أكد أن "الشروط التي تفرضها المنظمة حاليا أصبحت أصعب مما كانت عليه من قبل". على مدار السنوات العشرين الماضية، ظلت مسألة انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة محط جدل، حيث يذهب الكثير من المختصين في عالم الاقتصاد إلى أن هذه الخطوة بمثابة "الانتحار الاقتصادي" - كما يقول البروفيسور عمر أكتوف- الذي يعد من بين وجوه كثيرة تحذر بشدة من إقبال الجزائر على هذه الخطوة في المرحلة الحالية التي تتميز بهشاشة الاقتصاد الوطني وغياب تنافسية مؤسساتها ناهيك عن الاعتماد شبه الكلي على قطاع المحروقات، فيما تصر الهيئات الرسمية على نظرتها المتفائلة وسعيها الدؤوب لتحقيق الانضمام إلى هذه الهيئة التي سعت منذ سنوات على تقديم الكثير لتصبح جزءا منها، حتى أن الكثير من الملاحظين اعتبروا أن سقوط اسم الوزير السابق للتجارة، مصطفي بن بادة، من قائمة الحكومة كانت نتيجة لاخفاقه في إدارة هذا الملف دون غيره، خصوصا وأنه قد أعلن عشية عقد الجولة ال12 للمفاوضات المتعددة الأطراف حول انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة في 31 مارس الفارط بجنيف، المخصصة لمناقشة الصيغة الجديدة لتقرير مجموعة العمل المكلفة بانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية، الذي نوقش فيه رد الجزائر على الأسئلة الإضافية لأعضاء مجموعة العمل والمخطط الجديد للإصلاحات التشريعية الذي قدمته الجزائر، حسب بن بادة انذاك، والتي ذهب فيه للقول متفائلا: "نأمل في أن تفضي هذه الجولة إلى انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة وأن تكون هذه السنة مثمرة فيما يخص هذا المسار"، ويبدو أن خيبة الوزير السابق لم تكن آخر محطات الخيبة في هذا الملف، حيث كانت تصريحات الوزير الجديد للتجارة، عمارة بن يونس، تحمل دلالة في السياق ذاته، حيث قال إن "الشروط التي تفرضها المنظمة، حاليا، أصبحت أصعب مما كانت عليه من قبل" في إشارة منه "إلى جملة العراقيل التي شابت مسار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة منذ 1987"، وهذا بمناسبة لقائه مع ممثلي دولتي نيوزيلاندا وأندونيسيا على هامش المؤتمر الوزاري ال 17 لحركة عدم الإنحياز لتبادل وجهات النظر حول المبادلات التجارية الثنائية و«الاستفادة من تجربتهما في مسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة"، هذا ما يفسر كل الاجراءات الاقتصادية التي ركز عليها مخطط حكومة سلال ب "إعادة هيكلة القطاع البنكي العمومي تحسبا لتحديد سياسة يتم التعامل بها على المستوى الدولي"، وكذا "انجاز مخطط استراتيجي عاجل لعصرنة المالية العمومية وتبنيه عبر قانون عضوي جديد يتعلق بقانون المالية". ورغم المساعي الملحة والجهود الرسمية الكبيرة لتحقيق هذه الخطوة، تبقى مرهونة بسؤال مدى جاهزية واستفادة الاقتصاد الجزائري منها، فهل ستكون فعلا النقلة النوعية والحل النهائي لمشاكله أم تكون "الانتحار" والضربة الأخيرة التي ينتظرها عقب الاخفاقات الكبرى التي تلقاها تباعا ؟ يحيى. ر قدم عبد الرحمن مبتول الخبير الاقتصادي قراءة أولية في مخطط الحكومة المزمع عرضه من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال على المجلس الشعبي الوطني الأحد القادم، خاصة ما حمله من خطوات جديدة بخصوص هيكلة القطاع البنكي العمومي تحسبا لتحديد سياسة يتم التعامل بها على المستوى الدولي، بالإضافة إلى عصرنة المالية العمومية عبر قانون عضوي جديد يتعلق بقانون المالية، حيث قال مبتول "بغض النظر إن كانت حكومة عبد المالك سلال ستغير بعد التعديل الدستوري أم لا فإن ما جاء به المخطط الحكومي يحمل نظرة تغيير عميق في إطار السياسة المالية والاقتصادية الجزائرية وهذا حسب ما أراه فإنه في إطار ذلك سيمنح هوامش كبيرة للبنوك الوطنية للعمل والانتشار على المستوى الدولي من ناحية الاستثمار كما هو حاصل مع بنوك بعض الدول الخليجية كدولة قطر". وشدد الخبير الاقتصادي في اتصال جمعه ب "الجزائر نيوز" على نقطة يراها الخبير تحمل في مجملها العديد من التناقضات في الاقتصاد الوطني ممن لم يبرزها البرنامج الحكومي، حيث قال "كان من المفروض أن يحمل هذا البرنامج الحكومي الجديد توضيحات أكثر بخصوص الخطوط العريضة التي يجب أن يقام عليها الاقتصاد الوطني هل هو اقتصاد السوق أو شيء آخر؟!، خاصة في نقطة أن الاقتصاد الجزائري يتماشى مع اقتصاد السوق، لكن من جهتها تبقى الدولة تعمل على تشجيع القطاع العمومي"، وتابع المتحدث "ننتظر من سلال لدى نزوله على البرلمان تأكيدات من الحكومة حول الجدل الذي تحدثه قاعدة تنظيم الاستثمار الأجنبي 49-51 والتي من الممكن أن يمسها تغيير، وكذلك بشأن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي شهدنا في الأسابيع الأخيرة تصريحات متناقضة بين وزير التجارة بن يونس والأمين العام للمركزية النقابية سيدي السعيد الذي نصح الدولة بعدم جعل هدف الانضمام إلى المنظمة أولوية مركزية". وفي موضوع إمكانية تحقيق توصية برنامج الحكومة الخاصة باستغلال الغاز الصخري في ظل الاحترام الصارم للبيئة، أكد مبتول بما شأنه أن "النقاش العام بين خبراء الطاقة في العالم اليوم يتمحور حول تكنولوجيا استغلال الغاز الصخري ومدى إمكانية التحكم في مقاليدها"، وتابع "كان هنالك تقرير سنة 2013 عرض بالجمعية الوطنية الفرنسية حول تكنولوجيا استغلال الغاز الصخري قبل الحديث عن هذه الثروة في حد ذاتها"، ويرى الخبير في الشؤون الاقتصادية أن المردودية الحالية من استغلال الغاز الصخري "لن تكون في القريب العاجل بما أن الأسعار متدنية والمرحلة تجريبية فقط" على حد تعبيره.