تستمر فعاليات المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب، لتحتضن ضمن نشاطاتها الثقافية والترفيهية المسطرة للجمهور، عدة سهرات فنية من بينها سهرة مساء أول أمس، التي أحياها النجم اللبناني "رابح أبو خليل" مع فرقته المكونة من عازفين ومغن. حيث استمتع حضور قاعة ابن زيدون بحفل موسيقي متميز يجمع بين عراقة موسيقى الشرق، وتنوع مشارب الغرب. رغم ثقل وطأة الخسارة التي مني بها الفريق الوطني، مساء أول أمس، على أنفس الجزائريين الذين علقوا آمالهم على تحقيق فوز معتبر في هذا المونديال، إلا أن هذا لم يمنع الوفود من تجاوز خيبتهم وقصد نشاطات أخرى تفرج عنهم. ولعل حفل النجم البناني "رابح أبو خليل" كان في وقته ليفي بهذه المهمة. فرقة متنوعة المشارب الفنية والتاريخية، أفرادها الأربعة متعددو الجنسيات، جمع بينهم حب الموسيقى ووحدهم انفتاحهم على الثقافات الأخرى، ليقرروا المزج بين هذه الاختلافات في قالب فني جديد يجمع بين عراقة الشرق بصوت العود الحكيم، وتنوع مشارب الغرب الموسيقية التي جسدتها في هذا الحفل آلتا الساكسوفون، والأكورديون. فعازف الساكسوفون "كافينو مورسيا" كان مطرانا في كنيسة، و«بيسانو بلانديلي" هو رحالة موسيقي، زار العديد من البلدان رفقة آلته الأكورديون، أو كما لقبها بالبرتغالية "أكورديولا" التي لا تفارق رقبته. أما المغني الرئيسي "ريكاردو ريبيرو" فهو برتغالي يتميز بخامة صوت متميزة، يتحكم في مخارجه بإبداع أثار إعجاب الحاضرين الذين أسرهم بطريقة صعوده ونزوله في سلم النوتات دون أن يواجه أي مشاكل في ذلك. وأخيرا صاحب الفرقة "رابح أبو خليل" الملحن اللبناني الذي درس في جامعة ميونيخ الألمانية. تمكن من جمع أفراد الفرقة عبر تنقله بين العديد من الدول، حيث وجد في الأفراد الذين اختارهم الطريق الأنسب لتحقيق حلمه في خلق نوع جديد من موسيقى الجاز، نوع موسيقي يجمع بين التراث والحداثة، تقوده آلة العود لتشق فيه الموسيقى كل الحواجز وتتجاوز الحدود الفاصلة بين المكان والزمان، حيث يسعى الملحن اللبناني لإيصال رسالة واحدة إلى جمهوره وهي دعوة إلى تقبل الاختلافات ونشر التسامح. افتتحت الفرقة الحفل بأغنية "como un rio" التي تعني "مثل النهر"، أغنية برتغالية يسودها طابع من المرح وحب الحياة، أبدع فيها "المطران السابق" في خلق إيقاع ريتمي بصوته ليحوله هو الآخر إلى آلة موسيقية. مع مرور الوقت المسطر للحفل الذي أحياه "رابح أبو خليل" وفرقته بقاعة ابن زيدون، انتقل نجوم الخشبة بين مقاطع رومنسية تتحدث عن الحب وتستجدي الحبيب مثل "لو سألتني حبيبتي، إلى مقاطع حزينة تتحدث عن الموت، الوحدة، والخيبة مثل "قمر وحيد في غرفة"، و«أحلام مدينة تحتضر" الأغنية التي ألفها الملحن اللبناني في الطائرة عند مغادرته لبلده لبنان التي أرهقتها الحرب الأهلية سنة 1978. حيث أهدى هذا المقطع إلى كل المدن التي تعيش حربا حول العالم، آملا في عودة السلم من جديد. طريقة تعامل نجم الحفل مع جمهوره تبين تمكنه من الخشبة، حيث قسم الوقت الممنوح للفرقة بين المقاطع الموسيقية، وبين الحديث والمسامرة مع جمهور القاعة، حيث استطاع بطابع كوميدي الترفيه عن الحضور ساردا قصصا حول كيفية تأسيسه لفرقته المتميزة، وعن المصاعب التي واجهها، كما لم يفوّت الفرصة للحديث عن مباراة أول أمس معربا عن أسفه وتمنيه فوز الجزائر... هذا وتجدر الإشارة إلى أن الفرقة تميزت في أدائها وأبهرت الجمهور الذي رفض مغادرة القاعة بعد انتهاء الحفل، مطالبا أعضاءها بالعودة للخشبة لتقديم مقطع أخير، وهو أمر استجاب له نجوم الحفل بتأثر شديد...