عروس يدعو ''الإسلاميين'' إلى نقد الذات ويشبّه نحناح ب ''البنا'' دعا الدكتور زبير عروس الحركات الإسلامية في الجزائر إلى ممارسة النقد الذاتي في سياق ما يسمى ب ''المراجعات'' لأنها السبيل الأنجع -حسبه- لبناء مشروع سياسي متعاضد وقوي، من جهته أعلن أحمد الدان القيادي السابق ل ''حمس'' أن استقواء كل جناح من المتصارعين في حركة ''حمس'' بعائلة الشيخ محفوظ نحناح خطأ غير مقبول، لأن العائلة ليست مرجعية فكرية لمشروع نحناح ولا للحركة على السواء· شبّه الدكتور زبير عروس الذي نزل ضيفا على فرع العاصمة لاتحاد الكتاب الجزائريين، أول أمس، لتقديم كتاب ''التركة المسمومة، أزمة حركة مجتمع السلم'' للإعلامي محمد بغداد، الشيخ الراحل محفوظ نحناح بمؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا، ونفى ذات المتحدث أمام جمع من الكتاب والمثقفين وبحضور المجاهد الرائد لخضر بورقعة وكذا الدكتور علي زغدود وسليمان شنين أن يكون الشيخ نحناح ''مفكرا'' بالنظر إلى ما تركه من كتابات· وأوضح عروس قائلا: ''لقد كان الشيخ محفوظ نحناح سياسيا استراتيجيا يعمل وفق خطط مدروسة، متبنيا لتحقيق مشروعه خطابا عارفا ومنفتحا على كل الأطراف لأنه خبر المشهد السياسي الجزائري بشكل جيد، وذلك ملحوظ بجلاء في كثير من مواقفه السياسية على غرار تحالفه مع ''الأرسيدي'' وتصادمه مع قوى إسلامية على سبيل المثال لا الحصر''· وعلل الدكتور زبير عروس تشبيهه الشيخ محفوظ نحناح بمؤسسة حركة الإخوان في مصر حسن البنا في القدرة الفائقة على التحرك وفق خطط محكمة الاتقان، واستند المتحدث في ذلك على دراسة أكاديمية لأحد الأمريكيين عن حسن البنا، حيث يكشف أنه كان ينشط مئات اللقاءات سنويا في مختلف محافظات وقرى مصر، وهو ما أفلح فيه نحناح، يقول عروس· الدكتور زبير عروس وصف أيضا الصراع الدائر بين ورثة نحناح حول من يقود المشروع النهضوي ب ''غير الناضج''، مذكرا بأن ما يميز هذه الحركة هو أنها نشأت على أساس صراع إلى درجة أن هناك أطرافا من جمعية الإرشاد عارضت تأسيس الحزب قبل أن يفضل كلمة الاختلاف على الصراع، لما تحمله هذه الأخيرة من تطرف ودموية· وشدد عروس في ذات السياق على أهمية قيام الحركات الإسلامية بالمراجعات الكبرى عبر الكتابة من الداخل، مذكرا بكتاب لأحد شيوخ السلفية بالمغرب الذي يحمل عنوان ''العقارب السبع''، وفيه قدم الكاتب، حسب عروس، قراءة موضوعية تقويمية لمسيرة الحركة بعيدا عن خطاب تمجيد الذات، وهو المطلوب اليوم في راهن التيارات الإسلامية في الجزائر· ولدى مداخلته، رفض أحمد الدان، العضو المؤسس لحركة الدعوة والتغيير التي يتزعمها خصم سلطاني، عبد المجيد مناصرة، أن يكون مشروع الشيخ محفوظ نحناح أو تراثه على الصعيد الحركي ''تركة مسمومة''، وهي التسمية التي جعل منها الكاتب الإعلامي محمد بغداد عنوان كتابه الأخير الذي قارب فيه أزمة حركة مجتمع السلم، وفضل الدان أن يكون العنوان ''الكنز المرصود'' لأن الراحل نحناح ترك كنزا لا يقف على أسراره ''إلا الراسخون في فك الطلاسم'' يقول الدان· وأضاف الدان وهو يناقش ما ورثه نحناح، إلا أن الخطأ ليس في المشروع الذي تركه الشيخ، وإنما يكمن في التعامل معه الذي لم يكن صالحا، وأضاف قائلا: ''الإخوان في الجزائر وفي غيرها يملكون مشروعا ديموقراطيا بسيطا وهم يسعون عبر مشروع الأخلقة في المجتمع''، ليكشف أن أزمة الإخوان تكمن في أنهم ''استعجلوا للدخول في مشاريع لا تملك المرجعية الفكرية لهم، وهو الأمر الذي ينتج أزمات وصراعات في النهاية''· مؤلف الكتاب الإعلامي محمد بغداد وهو يدافع عن اختياره لعنوان ''التركة المسمومة'' داعيا إلى إثراء الموضوع، قال إن ورثة الشيخ محفوظ نحناح ومنذ سنة 2003 وهم لا يكفون عن الحديث للناس عبر الإعلام عن صراعاتهم ومشاكلهم، وقد حان الوقت ليستمعوا هم بدورهم إلى خطابات أخرى، مؤكدا أن الشيخ نحناح وإلى جانب تركه لمشروع سياسي قد يكون وجهة نظر، ترك بالمقابل ما يمكن تسميته صراحة وباللغة الدينية التي يفهمها جيدا نشطاء التيارات الإسلامية ''الغنيمة''، وعلى هذه الأخيرة، يقول محمد بغداد، يمكن فهم الجانب الأهم من الصراع الذي أخذ اليوم أبعادا جديدة على التيارات الإسلامية، في إشارة منه إلى خروج كثير من القياديين عن حدود الالتزام العام في التصريحات وفي المواقف على السواء· من جهته، ثمن الدكتور علي زغدود مناقشة هذه الموضوعات ذات الصلة بالراهن الثقافي السياسي، ودعا الكتاب والمثقفين من الشباب إلى البحث الجيد في مثل هذه القضايا بكثير من التعمق من أجل الوقوف على الصواب والحقيقة· للإشارة، فإن مناقشة كتاب ''التركة المسمومة، أزمة حركة مجتمع السلم'' الصادر عن دار الحكمة، يصادف الذكرى ال 6 لرحيل الشيخ محفوظ نحناح·