رغم أن المدرب الوطني رابح سعدان قد طالب بمضاعفة أجره في المدة الأخيرة، فإن ما يتقاضاه هو أضعف بكثير مما يحصل عليه أي أبسط لاعب ضمن تشكيلة نفس المنتخب، فكيف يتعامل مدرب مع لاعب في وضع مادي أحسن منه؟ المدرب الوطني رابح سعدان وبعد تحقيقه لحلم الصعود إلى نهائيات مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، بعد 24 سنة كاملة من الغياب، يكون قد طالب بمضاعفة أجره من 10 آلاف أورو في الشهر (أكثر قليلا من 100 مليون سنتيم) إلى 20 ألف أورو (أكثر من 200 مليون)· ويبدو هذا الرقم فلكيا بالنسبة للمواطن العادي الذي تنقل إلى السودان لتشجيع المنتخب الوطني، ولم يحصل على مبلغ 2 مليون سنتيم ثمن التذكرة التي تم خفضه بقرار سياسي حوالي 4 مرات، إلا بالاقتراض وبيع بعض الأشياء الثمينة، ولم يكن يحمل في جيبه أثناء تلك الرحلة إلا دراهم معدودات في أحسن الأحوال، وبالمقابل فإن هذا المبلغ لم يكن يخطر على بال سعدان نفسه الذي قاد الخضر إلى مونديال مكسيكو 1986 ولم يكن يتقاضى آنذاك أكثر من 5000 دينار جزائري، وهو المبلغ الذي لا يفوق ما يتعداه أي موظف عادي في القطاع العمومي، وما كان لسعدان أن يطالب بأجر 10 آلاف أورو عندما أمضى عقد عودته الأخيرة في الموسم الماضي، إلا من باب حفظ كرامته كمدرب وطني وطلب بأن يأخذ الأجر نفسه الذي كان يتقاضاه سلفه الفرنسي ميشال كافالي الذي كان يتقاضى مثل ذلك المبلغ، والنتيجة هي هزيمة نكراء أمام غينيا وفي ملعب 5 جويلية بالعاصمة· لكن بالمقابل، فإن المدرب رابح سعدان عندما طالب بمضاعفة أجره، لم يكن يطلب في الحقيقة إلا جزءا صغيرا من حقه، وأجره الحالي لا يمكن مقارنته بأي حال مع ما تقاضاه مدربون أجانب أشرفوا على منتخبات مثل المغرب وتونس وفشلوا في تحقيق ما نجح فيه، أما مقارنته مع ما يتقاضاه مدرب كالإيطالي مثلا في المنتخب الإنجليزي ويعد ضربا من العبث، ولا سبيل للمقارنة بين المرتبين، ووضعه المادي أضعف مما يتقاضاه الكثير من مدربي البطولة الوطنية، وعلى سبيل المثال فإن المدرب الأسبق لوفاق سطيف كان يتقاضى 13000 أورو في الشهر، وعندما تفاوضوا معه في المرة الأخيرة قبل الاتفاق مع المدرب المغترب نور الدين زكري فقد طلب رفع الأجر إلى 20 ألف أورو· والأسوأ من ذلك هو أن الوضع المادي للمدرب الوطني هو الأضعف مقارنة مع ما يتقاضاه أي لاعب ينتمي إلى الفريق الوطني الجزائري نفسه، وعلى سبيل المثال فإن حارس المنتخب الوطني فوزي شاوشي الذي لم يتجاوز عمره ال23 سنة، ولم يلعب لحد الآن إلا مقابلة رسمية واحدة في صفوف المنتخب الوطني، أجرته في فريق وفاق سطيف الذي ينتمي إليه تقدر بمليار و800 مليون سنتيم في السنة، دون حساب علاواته مع وفاق سطيف والفريق الوطني التي من شأنها رفع هذا الرقم بدرجة كبيرة· ويبدو أن أجر زميله الوناس قاواوي في أولمبي الشلف المقدر ب700 مليون سنتيم أقل مما يتقاضاه سعدان· لكن العلاوات التي يحصل عليها في الفريق الوطني تجعل وضعه المادي أحسن من مدربه الذي أفنى عمره في سبيل كرة القدم أكاديميا وميدانيا، يبدو لاعبون آخرون ينشطون في البطولة الوطنية أحسن حالا من سعدان بدرجة كبيرة ودون حساب العلاوات المادية المعتبرة، فعلى سبيل المثال فإن الأجر السنوي للاعب وفاق سطيف خالد لموشية يقدر ب3 ملايير سنتيم في السنة، أما عبد القادر العيفاوي الذي لم يلعب إلا دقائق معدودة في الفريق الوطني، فإن أجره في وفاق سطيف يقدر ب 1,2 مليار سنتيم في السنة، في حين أن عبد المالك زياية الذي استدعي إلى المنتخب مؤخرا فأجره في الوفاق يقدّر ب 5,1 مليار سنتيم في السنة· ولئن كان وضع اللاعبين الدوليين في البطولة الوطنية الجزائرية أحسن حالا بكثير من وضع المدرب الوطني من الناحية المادية، فإن زملاءهم في البطولات الأجنبية أحسن حالا بكثير ولا يمكن مقارنة أجورهم بأجر مدربهم، فرفيق صايفي لاعب نادي الخور القطري يتقاضى أجر 100 ألف دولار سنويا إضافة إلى علاوة تتراوح بين 1500 و2000 أورو عن اللقاء الواحد، أما كريم زياني لاعب فولفسبورغ الألماني، فإن أجره في فريقه يقدر ب 235 ألف أورو شهريا، في حين أن أجر يزيد منصوري يقدر ب 40 ألف أورو في الشهر الواحد، أما حسان يبدة لاعب بورسموث الإنجليزي فأجره الشهري يقدر ب 250 ألف أورو، أما أجر ياسين بزاز فيقدر ب 30 ألف أورو في الشهر وأجر مجيد بوقرة في غلاسكو رانجرز، فأجره 250 ألف أورو في الشهر الواحد· ويبدو أخيرا من خلال قراءة بسيطة في هذه الأرقام أن محنة كرة القدم تبدأ من تعامل مدربين مع مدربين وضعهم المادي والمعنوي أحسن بكثير منهم، فمن يقود من؟ هل اللاعب ''المرفه'' أم المدرب ''الزوالي''؟