حوالي 27 سنة تمر الآن على رحيل الفنان القبائلي سليمان عازم·· لقد توفي في 28 جانفي 1983 بباريس·· مات في الغربة ومنفيا·· رحل وهو حزين، يحلم بتلك الجزائر التي رسمها في خياله وحاول أن ينسجها كحلم جميل وكبير·· كان يرفض المساومة والنفاق، كان مسكونا بالدفاع عن الحق والحقيقة·· لم يكن الفن بالنسبة إليه مجرد تاج للشهرة، ووسيلة للعيش، بل كان الفن عنده سلاح لمحاربة الفساد وتعرية كل ما يشوه أصالة الحقيقة وقداسة الجمال··· ولد سليمان عازم في 19 سبتمبر 1918 ضواحي واضية ياتيزي وزو، كان لديه 5 أخوات و2 إخوة·· كانت الموسيقى هي كل شيء في حياته وهو لازال شابا··· وكان منهله وأبوه الروحي، هو الشاعر البوهيمي سي محند أومحند الذي سيترك آثاره العميقة في نفس الفتى سليمان عازم·· إن الايسفرا (الأشعار) سي محند أومحند كان الملهم والمصدر الحقيقي للمغامرة الغنائية التي خاضها سليمان عازم وهو في مقتبل العمر، وظل التأثير بكل ذلك العمق والقوة إلى آخر عمره·· استقر في فرنسا عام 1940، وفي العام 1945 بعد إطلاق سراحه من طرف الألمان أشرف على مقهى بباريس، لكن ما أن التقى بمحمد الكامل حتى اتخذ سليمان عازم طريقا لا يمكن الرجعة عنه، وهو طريق جمالي، ميز سليمان عازم عن الكثيرين من معاصريه من قادة الأغنية القبائلية··· وكانت ''آموح، آموح'' هي البداية الحقيقية للمغامرة الفنية التي أنتج خلالها سليمان عازم حوالي 400 أغنية··· ظل سليمان عازم غير مرغوب فيه من السلطات الجزائرية، وهذا بسبب أغانيه النقدية والتي كان يوظف الأسلوب الحكائي القريب من عالم كليلة ودمنة وعالم لافونتين·· عندما رحل عن هذا العالم، لم تكن الجزائر بالرسمية آنذاك تقدر مبلغ الخسارة الفادح··· ولم تحدث اليقظة، إلا عام 1991، عندما تم إعادة الاعتبار إلى هذا الفنان الكبير·· وفي تلك الفترة كانت الجزائر على عتبة مغامرة أخرى·· مغامرة الدم والرعب والجنون··· وكانت هذه المغامرة الأخيرة هذه الثمرة المرة لسنوات النكران ومعاداة الإبداع والثقافة والفن··· والآن ها هي الذكرى تعود من جديد·· فلكم نتمنى أن يكون الاحتفاء بهذا الفنان ليس محليا، وحسب، بل وطنيا··· فسليمان عازم كان فنان هذه الجزائر المتعددة والكبيرة، ولم يكن فنان منطقة محددة· 2 توجهت هذا الصباح إلى محكمة عبان رمضان، للقاء ثاني مع قاضي التحقيق حول القضية التي رفعها ضدنا المدير السابق لمستشفى باشا الجامعي والمتعلقة بمرض أنفلونزا الخنازير، وأيضا بقضية أخرى تتعلق بالتسيب والإهمال داخل هذا المستشفى الكبير والحساس··· وأجل اللقاء الثاني إلى وقت لاحق··· أثناء خروجي من المحكمة اتصل بي زميلي، ميم صاد، وأخبرني أنه قريب من المقر، وبدوري أخبرته أنني متجه إلى المقر، وأكون عند الموعد··· الزميل ميم صاد، عرضت عليه مساهمة أسبوعية في الجريدة، فهو صاحب ثقافة واسعة، وخبير في نفس الوقت في القضايا الاستراتيجية، الأمنية، وطلب مني استئذان الوصاية حيث يشتغل، لكنه تحمس للتعاون مع الجريدة، وأنا أيضا تحمست لعودة الزميل ميم صاد إلى الكتابة··· 3 عقدت بعد ذلك جلستي عمل، مع كل من مدير التحرير ل ''الجزائر نيوز ويك'' وراجعنا الملف الخاص بالروائي ياسمينة خضرا الذي برمجناه لعدد هذا الخميس، ثم مع نائب رئيس التحرير ل ''الجزائر نيوز''··· وكانت الساعة تشير إلى منتصف النهار كما هاتفني الفنان جمال علام، ودعاني إلى تناول الغذاء رفقته·· فعدت مع الفنان القدير جمال علام حوالي ساعة، لأعود بعدها إلى مقر الجريدة··· كان اللقاء مع جمال دافئا ومليئا بالفكاهة والحكايات التي يعرف جمال أن يرويها بروح مرحة وناقدة·