يتفاجأ الجزائري الذي يزور دول الجوار بأنها لا تمتلك من جمال الطبيعة والمعالم السياحية إلا القليل مما تتمتع به الجزائر المترامية الأطراف بساحلها الذي يتمتد على 1200 كيلومتر، وصحرائها التي تمتد على طول يتجاوز 2000 كيلومتر، إضافة إلى مناظر طبيعية قل نظيرها في العالم، وأمام هول المفاجأة، تترسخ قناعة في الذهن مفادها أن الجزائر ''بلد سياحي كبير بلا سياح تقريبا''، فلماذا تعمد الجزائر إلى ''طرد'' سياحها بشكل غير مباشر، وهي التي كانت قبلة للسواح في عهد الإحتلال الفرنسي وإلى غاية السنين الأولى للإستقلال؟ هل المشكلة في المنشآت والهياكل القاعدية أم في العقلية الجزائرية القاسية غير المتجاوبة مع السائح، وغير المتسامحة مع السائح بسلوكه المتحرر وتصرفاته التي تصطدم بمعتقدات ابن البلد؟ أم في الثروة الطاقوية التي جعلت البلد في غنى عن دولارات و''يوروهات'' الأجانب؟ أسئلة تطرح نفسها في كل مرة، ولأن المشكلة بقيت قائمة، فإننا لا نملّ من طرحها، ونوجهها إلى المختصين لعلنا نظفر هذه المرة بإجابة· منير مساعادية (مدير السياحة بولاية برج بوعريرج) ل ''الجزائر نيوز'': الجيل الجديد متحمس لتغيير الواقع السياحي كشف، منير مساعادية، مدير السياحة بولاية برج بوعريرج، في هذا اللقاء، عن وضعية السياحة في الجزائر مقارنة بتونس والمغرب، وأرجع ذلك إلى نقص الفنادق الذي أدى بالوزارة إلى إعادة النظر في ذلك من خلال إعداد مخطط وطني توجيهي بهدف تطوير القطاع·· وفيما يخص مستقبل السياحة بالجزائر يرى أنه يبشر بالخير من خلال تجاوز الجزائر للوضع الأمني الذي أضر البلاد فيالسنوات الماضية· الجزائر تملك كل المؤهلات السياحية كالشواطئ والجبال والصحراء، غير أن السياحة ضئيلة مقارنة بالدول المجاورة كتونس والمغرب، إلى ماذا ترجع الأسباب؟ بالفعل، الجزائر تملك كل المؤهلات غير أن السياحة بها جد ضعيفة، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها نقص الفنادق، فالجزائر تملك 84 ألف سرير فقط، مقارنة بتونس التي تملك 160 ألف سرير، وأعتقد أن هذا الإشكال هو ما دفع بالوزارة إلى إعداد مخطط وطني توجهي لتطوير القطاع السياحي، ويتجسد ذلك من خلال خمسة ديناميكيات أهمها دعم الاستثمار، وقد أعتبر ذلك شهادة ميلاد لإنجاز الفنادق بهدف رفع قدرة الإيواء، أما الدينامكية الثانية فتتمثل في تكوين اليد العاملة المؤهلة من أجل تقديم خدمات ذات نوعية، إلى جانب إنجاز مدارس متخصصة في الفندقة والسياحة على غرار ما ينجز حاليا بتيبازة وعين تيموشنت· البعض يرى أن مستقبل الجزائر في مجال السياحة مجهول، ما تعليقك؟ حقيقة، الوضع الأمني بالجزائر أثر كثيرا على القطاع السياحي في السنوات الماضية، غير أنني أرى، كمختص، أننا تجاوزنا الوضع ونهضنا من جديد بالقطاع من خلال دعم الترقية السياحية، وأقصد بها تحسين وجه الجزائر من جانب الإشهار، وكذا التعريف بمختلف القدرات السياحية التي تزخر بها الجزائر، مثلا السياحة الصحراوية عرفت نسبة تدفق هائلة بفضل الإشهار والإعلام، وعليه أؤكد أن مستقبل السياحة في الجزائرسيأخد أبعادا ذات نظرة عميقة، وبالتالي سيزدهر النشاط السياحي· الجزائر تتمتع بمعالم وآثار رومانية وقلاع ومسارح في كل من باتنة، سطيف، وشرشال، غير أنها أضعف وجهة سياحية ما رأيك؟ كما قلت سابقا أن الجزائر مرت بمراحل صعبة في العشرية الدموية وقد يكون ذلك من الأسباب الرئيسية، كما أعتقد أن المدن الأثرية غير مستغلة تجاريا حيث النشاط السياحي يزدهر بتقديم الخدمات عن طريق تجهيز هذه المرافق بنشاطات سواء من خلال إنشاء مطاعم أو بيع تحف تقليدية، لأن السياحة تذكار ولا بد من توفير كل شروط التهيئة لنجاحها· مؤخرا، تعرضت بعض الآثار الموجودة بتيمقاد إلى عملية نهب من طرف الأجانب، برأيك من ينقد آثار الجزائر؟ حسب معلوماتي، وزارة الثقافة بذلت مجهودا كبيرا في هذا المجال الذي بات ينخر المعالم الأثرية حيث قامت بجرد كل المواقع وترميمها وحمايتها، والأكثر من ذلك، وضعت قوانين صارمة، وهذا بالتعاون مع مصالح الأمن حيث أنه يوجد رجال درك متخصصين في مجال الآثار، وقد حققت هذه الخلايا نتائج إيجابية جدا في مجال المحافظة على الآثار وحمايتها من التهريب والتخريب، وسجلت أكثر من 27 قضية بهذا الخصوص، فخلال السنة الماضية إرسترجعت 1282 قطعة أثرية من بينها لوحة للفنان العالمي بيكاسو ورأس تمثال الملكة المصرية ''نيفر تيتي'' ومجسم لقائد إنجليزي يعود للقرون الوسطى· الجزائريون يعتبرون من الشعوب التي لا تملك ثقافة سياحية، كيف ترى ذلك؟ أعترض على هذا السؤال، وأرى أن الجزائريين يملكون ثقافة السياحة، ودليل ذلك الجميع يحب الخروج والاكتشاف عن قرب وخاصة الجيل الجديد من الشباب أجدهم يملكون تحمسا كبيرا لتغيير يومياتهم الروتينية، مثلا الكثير منهم يتوجه إلى المناطق الصحراوية كتمنراست وأيضا تتغير وجهته نحو الجبال، حيث منطقة الشريعة تستقطب سنويا عدد كبير من السياح غير أن ما يمكن قوله إن الجزائريين ليس لديهم سلوك سياحي عكس ما نجده بتونس والمغرب· الكلمة لطلاب المدرسة العليا للسياحة: كيف ترون مستقبلكم في مجال السياحة؟ هادية قريشي (طالبة): يعجبني كثيرا تخصص السياحة، خاصة وأن الجزائر تملك مؤهلات سياحية كبيرة، سواء كانت جبلية أو صحراوية، وحتى غابية، غير أن السياحة هنا جد ضعيفة، أما بالنسبة لاختياري هذا التخصص رفقة زملائي، فجاء لأننا نحمل أفكارا جميلة للسياحة الجزائرية، وسنحاول في المستقبل تغيير وجهة الجزائر السياحية من خلال تطويرها وجلب السياح وإعطاء صورة حسنة عن الجزائر، وعليه، فإنني متفائلة خيرا بمستقبلي في مجال السياحة· وفاء بن مقدم (طالبة): التخصص في مجال السياحة الجزائرية أعتبره من الأشياء الجميلة التي لا يندم عليها المرء طيلة حياته وأرجع ذلك لعدة أسباب أهمها أننا نملك بلادا جميلة جدا، وهبها الله موقعا جغرافيا ممتازا، كما أنها بلاد الأربع فصول، تملك سواحل وصحراء فيما يخص مستقبلي، أراه مشرقا بعدما كنت متخوفة، وهذا بفضل البرامج التي سطرت مؤخرا من قبل الدولة· أدام روشيش (طالب): أحب مجال السياحة كثيرا، لأنها تتوفر على عدة وظائف، مقارنة بالتخصصات الأخرى، غيرأنني أشعر أن مستقبلي مجهول فيها، خاصة وأن السياحة بالجزائر مستقبلها غامض، وأرجو من المسؤولين أن يعيدوا الاعتبار للسياحة بالجزائر · بلقاسم بولمخال (طالب): إمكانيات السياحة بالجزائر رائعة، فهي تتربع على مناطق جميلة غير أنني ندمت على هذا الاختيار بسبب المسؤولين الذين لم يهتموا بهذا القطاع من الناحية العملية، فالنظري هو شغلهم الشاغل، بالنسبة لمستقبلي أراه مجهولا بسبب المشاكل والإضرابات اليومية في المدرسة نتيجة عدم الإعتراف بشهادتنا· خمسة أسئلة إلى حورية شريد (مديرة متحف الآثار والفنون الإسلامية) المتحف يضم جزء من الآثار التي تزخر بها الجزائر، كما أنه قبلة للسياح، فهل من تقديم لمحة عنه؟ المتاحف بالجزائر تحتوي على مجموعات أثرية ذات أهمية تاريخية ووطنية كبيرة، مما يدل أن الجزائر تزخر بموروث فكري وتاريخي جميل يؤهلها أن تكون قبلة للسياح، خاصة وأن الزائر المتوجه للجزائر يحب أن يعرف كل القاعدة الأصلية للبلاد· أما بالنسبة لمتحف الفنون الإسلامية أتمتع يوميا حين أرى تحفة، أعتقد أن هذا المتحف هام جدا في حفظ التراث، خاصة وأنه يدفع بك للسفر عبر التأملات· متحف الفنون الإسلامية والآثار من أجمل المتاحف في الجزائر يحتوي على مجموعات ذات أهمية، يشمل أيضا مجموعة هامة من الآثار الإسلامية القديمة إلى جانب قطع ذهبية وفضية نفيسة· بما أنك تحدثتي عن السياح، من هم زوار المتحف؟ نسبة زوار المتحف ضئيلة جدا لانشغال الناس بالحدث الرياضي الذي عاشته البلاد، مؤخرا، والذي غطى كل ما يتعلق بالمشهد الثقافي وعلى رأسه زيارة المتاحف، غير أن زوار المتحف الأوفياء هم تلاميذ الثانوي والطلبة الجامعيين، أعتقد أن هذه الطبقة تملك حب الاكتشاف والتعرف على كل ما هو تاريخي، الأحداث الرياضية الأخيرة خلقت ما يسمى بروح الوطنية من خلال تصالح الجيل مع كل ما له علاقة بالتاريخ· ماذا عن زيارة السياح الأجانب إلى المتحف، وماهو الشيء الذي يجلب أنظارهم؟ بالنسبة للسياح الأجانب زيارتهم تكاد تنعدم، المتحف يشهد إقبال الأجانب فقط في المناسبات، فمثلا تظاهرة الجزائر عاصمة ثقافية لسنة 2007 شهدت نسبة مرتفعة مقارنة بالسنوات التي سبقتها، وأيضا التظاهرة الإفريقية التي أحيتها الجزائر السنة الفارطة، هي الأخرى أعادت الحياة للمتحف، أما بالنسبة لما يجذب أنظار السياح، فكل التحف المعروضة تستقطبهم سواء كانت قطع نقدية تعود إلى العهد الإسلامي أو تحف من إيران ومصر· هل للمتحف نشاطات ذات طابع تجاري، بمعنى توظيفه كمعلم سياحي؟ بالنسبة للمتاحف الجزائرية هي ذات طابع إداري عكس المتاحف العالمية التي تتميز بطابعها التجاري، وأرجع ذلك إلى سياسة البلاد، فالمتاحف الجزائرية عبارة عن مباني كانت مهمتها تتجسد فقط في حفظ التحف، وعليه لا توجد فضاءات للجمهور كالإطعام وبيع منتاجات المتحف، وفكرة خلق نشاطات بالمتحف رائعة إذا عممت في أوساط المتاحف حيث يخرج السائح بتذكار جميل · هل هناك سياسة تسويقية للمتحف ''ماركيتينغ''؟ للأسف، لا يوجد فضاء تجاري، وهذا ما تطمح إليه المتاحف الجزائرية، أما فيما يخص متحفنا فيوجد فيه بعض الكتيبات والبطاقات البريدية فقط· رياض فرحاتي (المدير المكلف بالإستثمار في المناطق السياحية بوزارة السياحة): الوزارة أعادت تأهيل المؤسسات الفندقية أكد، رياض فرحات، المكلف بالإستثمار في المناطق السياحية بوزارة السياحة ل ''الجزائر نيوز''، أن من ضمن البرامج المسطرة للنهوض بالإستثمار في قطاع السياحة، إعادة تأهيل المؤسسات الفندقية القديمة التي بنيت في السبعينيات بهدف تشجيع الإستثمار، وأكد المتحدث أن الوزارة أجرت بحثا في وتيرة الاستثمار بالتنسيق مع الجهات المتخصصة والمكلفة بتهيئة مناطق التوسع السياحي التي تبقى على عاتق الدولة·