حادثة غرق 04 أفراد ببركة ببلدية دار الشيوخ تسببت في بعث النقاش حول واقع مرير يروح ضحيته أطفال وشباب ولاية الجلفة ... مسبح أولمبي مغلق تقريبا منذ سنة 2011 ... فرقة وحيدة فقط للغطس والإنقاذ في ولاية مليونية وشاسعة المساحة وكثيرة البرك والأودية والضايات ... الحرمان من فضاءات السباحة في ولاية حارة صيفا ... ليبقى اللجوء الى الأماكن الخطيرة نتيجة منطقية لتقاعس السلطات عن أداء مهامها!! أرقام العار بولاية الجلفة ... 28 بلدية بلا هياكل للسباحة!! حادثة شهداء دار الشيوخ الأربعة جاءت لتفضح في العمق قضية انعدام مسابح يقصدها الشباب. فشُهداء دار الشيوخ كانوا في رحلة منظمة رفقة معلّمهم وهُم طلبة في مدرسة قرآنية واحدة. وهذا يعني فيما يعنيه أن منطقة دار الشيوخ بأكملها لا يوجد فيها مسبح يقصده الشباب سواء في اطار رحلة منظمة (جماعية) أو فرادى. فماذا لو كان المسبح الأولمبي لعاصمة الولاية مفتوحا ويسعى الى استقطاب الشباب من البلديات القريبة؟ وماذا لو أن دار الشيوخ تتوفر على مسبح يستقطب شبابها؟ ونفس السؤال يُطرَح بالنسبة ل 28 بلدية بولاية الجلفة لا توجد فيها مسابح ترفيهية!! ومن خلال متابعة حوادث الغرق عبر الولاية خلال السنة الأخيرة، نلاحظ أنها منتشرة بكامل اقليم الولاية شمالا وجنوبا وغربا وشرقا حيث تتنوع المسطحات المائية من برك وأودية وبحيرات وضايات اضافة الى آبار تقليدية وحديثة وخزانات مائية. أما أهم ملاحظة يمكن رصدها فهي أن الحرمان من السباحة لا يتعلق فقط بفئة الشباب والأطفال الذين تختلف دوافعهم، بل أيضا يتعلق بفئة الكبار الذين قد تبدو حاجتهم الى السباحة لأسباب معقولة يمكن ايعازها مثلا الى العامل الصحي كالأمراض التنفسية أو التمزقات العضلية. ففي ظرف 14 شهرا الأخيرة (مارس 2015- ماي 2016)، نجد أن الأرقام الرسمية الصادرة عن مصالح الحماية المدنية تشير الى 14 حادث غرق مميت (الأرقام أكثر من ذلك) من بينها حوادث غرق مميتة في 07 بلديات لا توجد بها مسابح ما دفع أولئك الضحايا للجوء الى البرك لتعويض ذلك الحرمان. فرقة واحدة للغطس في ولاية شاسعة المساحة وكثيرة المسطحات المائية !! رغم أن البرك والأودية والآبار والسدود والبحيرات والضايات تتوزع على كامل المساحة الشاسعة لولاية الجلفة، الا أنه لا يوجد بها سوى فرقة وحيدة للغطس والإنقاذ في الأوساط المائية وهي تابعة لقطاع الحماية المدنية. وهذا ما يعني أن التدخل لن يكون في ظروف قياسية لا سيما وأن مقر الفرقة هو عاصمة الولاية. وهذه الأخيرة تبعد عن بلدياتها بمسافات كبيرة جدا مثلما هو الأمر مع قطارة (249 كلم) وأم لعظام (232 كلم) وعين وسارة (100 كلم) والإدريسية (100 كلم) وحاسي فدول (154 كلم) والبيرين (135 كلم) وحد الصحاري (100 كلم) والخميس (155 كلم). وهكذا يُطرح سؤال من جديد حول مدى ادراك السلطات لاسيما مديرية الحماية المدنية لحاجة الولاية الى فرقتين أخريين على الأقل بشمال الولاية وجنوبها. بل وحتى الشارف تحتاج هي أيضا فرقة خاصة بها على اعتبار أنها تحوي "سد الخريزة" الذي كثيرا ما شهد حوادث غرق بالنظر الى نسبة الأوحال المترسبة فيه. ويًصبح مطلب انشاء فرق جديدة للغطس والإنقاذ في الأوساط المائية بولاية الجلفة حُلما يمكن تحقيقه اذا علمنا أن أحسن غطاس على الصعيد الوطني ينحدر من ولاية الجلفة وهو العون "صدارة أنور" وكذا العون "كريبع رشيد" من الوحدة الثانوية للحماية المدنية بحاسي بحبح. عبد القادر جلاوي ... الوالي الذي يأمر ولا تُنفذ أوامره!! عندما يلجأ أطفال وشباب الجلفة في رحلات جماعية للسباحة في البرك والأودية الخطيرة فقد يتبادر الى الأذهان أن ولاية الجلفة برمتها لا يوجد فيها مسابح. ولكن الفضيحة الكبرى هي أن عاصمة الولاية بها مسبح أولمبي ما يزال يصنع الحدث حول كونه عرضة للغلق والترميمات والتشققات منذ سنة 2011!!. ورُغم أن الوالي "عبد القادر جلاوي" قد أمر بفتح هذا المسبح بتاريخ 28 جانفي 2014 ، الا أن فترة الإفتتاح لم تدم طويلا حيث احتضن المسبح الأولمبي بطولة السباحة لفئة البراعم (ذكور واناث) في ماي 2014 ... ليعود المسبح الى الغلق من جديد ويُحرم منه أزيد من 120 طفل وطفلة منخرطون في مختلف نوادي السباحة عبر الولاية، وينعكس ذلك سلبا على مستوى البطولة المذكورة بسبب طول فترة غلق المسبح الأولمبي ... وهكذا ما لبث المسبح أن توقف في صائفة 2015 بحجة الترميم، حيث شهدت الفترة الأخيرة أشغال ترميم مست أجزاء كبيرة منه لا سيما ما تعلق بالحوض والأرضية والمرشات، بالإضافة إلى استبدال المحركات التي لم تتحمل قوة ضغط المياه داخل المسبح بأربع محركات ذات قوة كبيرة. و بعد أن قرر مجلس الإدارة إعادة فتح مسبح الجلفة شهر فيفري 2016، تبيّن بأنه يعاني من تشققات في حوضه، مما استدعى تأجيل فتحه من جديد، ليأمر الوالي إثر ذلك بالتأكد من هاته التشققات وما ينجم عنها من ضياع للمياه، حيث تقوم حاليا هيئة المراقبة التقنية بمتابعة ومراقبة الوضع عن كثب لإعطاء الحلول في أقرب الآجال ... ولكن الى غاية كتابة هذه الأسطر ما يزال المسبح مغلقا ومازال أزيد من نصف مليون نسمة ببلدية الجلفة لوحدها مضطرين للبحث عن وجهات أخرى للسباحة !! الكثيرون يعتقدون أن السباحة بذخ ومتعة أو منافسة رياضية ... ولكن مهلا، فالجلفاويون عندما يخاطرون بالسباحة في الأماكن الخطيرة فليس فقط لإنعدام المسابح أو قلّتها أو لأن المسبح الأولمبي شبه مغلق منذ 05 سنوات، بل لأنهم قد يكونون مضطرين الى ذلك لكون السباحة هي السبيل الأمثل للشفاء من أمراض المفاصل والروماتيزم والأمراض التنفسية لا سيما منها بسبب الحساسية وبعض أنواع الشلل وتقوس الظهر والانزلاقات الغضروفية والتمزقات العضلية !! يعني مشكل غلق المسبح الأولمبي ونقص المسابح في 28 بلدية ليس مدعاة للمخاطرة الى البرك والأودية ... بل هو مشكل صحّة عمومية ... اذا كان هناك من يفهم هذه الأبعاد من المسؤولين القائمين على القطاع !! أين السلطات من كل هذا؟ بعد الذي حدث اليوم بدار الشيوخ وقبلها بكل بلديات وأرياف ولاية الجلفة، يصبح فتح ملف "الغرق في الأوساط المائية" اجباريا من طرف السلطات لا سيما مصالح الحماية المدنية ومديرية الموارد المائية والجزائرية للمياه والبلديات المعنية. ولهذا يجب اجراء احصاء عام للمسطحات المائية الخطيرة بكل أنواعها من أجل اعلام الجمهور بها. كما يجب التحرك عاجلا من أجل امتصاص الرغبة الجامحة لدى الشباب في السباحة كرياضة وكمتعة وكسبيل للاستشفاء من مختلف الأمراض. وهذا عن طريق فتح المسبح الأولمبي لعاصمة ولاية الجلفة وتشجيع الانخراط في النوادي والجمعيات الرياضية للسباحة. كما يجب على السلطات أن تسعى بجدية الى انشاء 03 فرق على الأقل للإنقاذ في الأوساط المائية. وكل ذلك لابد من أن ترافقه حملة تحسيسية وتوعوية تستهدف الجميع لا سيما فئة الشباب. كما يجب على السلطات الولائية أن تخرج من "عقلية" منح العقار للمستثمرين في البازارات لكي تمنحه الى من يريدون انشاء فضاءات حقيقية للترفيه كالحدائق العمومية والمسابح وحدائق التسلية التي تحتوي على مساحات للألعاب المائية.