المسابح تلتهم الملايير ..والبرك تبتلع الأطفال هي بدائل لم يوفق الكثيرون باختيارها، فالسدود، الوديان، البرك و المستنقعات المنتشرة بالمدن الداخلية ما تزال المتنفس الوحيد لأغلب أبنائها من الذين يعجزون عن التنقل إلى المدن الساحلية من أجل السباحة، غير أن هذه البدائل لا تفي بالغرض دوما، و عوضا أن تقدم خدمة لهؤلاء فإنها كثيرا ما تكون نقمة عندما تتحول إلى بؤر للموت، بحصدها لأرواح الكثيرين ممن يبحثون عن متعة السباحة أو يرغبون في تفجير طاقاتهم لتنمية مواهب أو الاستمتاع في عرض مستنقعات أو برك تكون آخر محطة لهؤلاء من الذين لم يجدوا بديلا عن البحر للسباحة سوى هذه المجمعات المائية غير الآمنة.يحدث هذا في الكثير من البلديات التي استفادت من مشروع ضخم قبل قرابة ال10 سنوات يطلق عليه مسبح لكل بلدية، غير أنه بين النظري و الواقع فرق شاسع لا تختزله سوى مشاهد لأطفال يسبحون في البرك و المستنقعات، في وقت تتعرض فيه هذه الأحواض المائية للتخريب و الإهمال دون رقيب.هذا هو واقع الكثير من ولايات الجزائر الداخلية التي تفتقر لشريط ساحلي و بسبب غياب بديل من مسابح أو أحواض للسباحة، اجتهد الأطفال و الشباب و فكر في بديل تمثل لهم في كل مكان تتجمع به مياه يمكن السباحة فيها، مثل سد قطار العيش، واد السخون بحامة بوزيان، سد المريج، وادي العثمانية، واد سيبوس و برك أخرى صنعتها الطبيعة أو أنتجتها الأشغال الكبرى التي تعرفها عديد الولايات. روبورتاج :إيمان زياري تصوير:ع.عمور في انتظار مشاريع جديدة وأشغال لا تنتهي أطفال بقسنطينة يقضون صيفهم في التردد على البرك و النافورات يبدو من الغريب أن نسمع و نحن في القرن ال21 عن أشخاص ما تزال تستهويهم السباحة في البرك و المستنقعات، أو السدود و الوديان، غير أن الواقع يختلف بقسنطينة، حيث ما نزال نشاهد هذه المظاهر التي تعود إلى عصور خلت عندما لم تكن المسابح و الأحواض المائية معروفة، فبسد السخون ببلدية حامة بوزيان من أشهر السدود بقسنطينة، فالجميع يعرف السخون و الأغلبية سبحت فيه و لو مرة واحدة، هذا ما أكده عدد كبير من الشباب و الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم ال12 سنة عندما وجدناهم يتناوبون على منصة من الحجر صقلتها مياه السد من أجل الغطس. في هذا المكان الذي يبقى عرضة لكل أنواع الأخطار يتجمع يوميا العشرات من الشباب و الأطفال الذين قطعوا مسافات طويلة و قدموا من مختلف بلديات الولاية، فبعض الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 8 و 12 سنة قالوا بأنه قدموا من حي القصبة بوسط مدينة قسنطينة للسباحة بواد السخون في ظل انعدام المسابح و الأحواض المائية، و هو نفس ما قاله أطفال آخرون من بلدية ديدوش مراد كانوا بالمسبح الطبيعي حسب ما يصطلح عليه، حيث أكد أحد الشباب من سكان الأحياء المجاورة و من رواد السد، بأن هذا الأخير يمتلأ عن آخره يوم الجمعة، حيث تصف طوابير السيارات القادمة من مختلف أرجاء الولاية، شباب، رجال و أطفال من أجل السباحة في ظل انعدام مثل هذه المرافق بكل أرجاء الولاية. السباحة الممنوعة بقسنطينة لم تقتصر على السدود و البرك، و إنما تعدت ذلك إلى النافورات، حيث أنه و بعد إعادة تشغيل نافورة ساحة الشهداء بوسط المدينة شكل ذلك لدى الكثيرين حوضا لائقا للسباحة، فبعد أن اقتصر ذلك على الاحتفال مثلما احتفل أنصار فريق شباب قسنطينة بوصوله إلى المرحلة النصف نهائية في تصفيات البطولة الوطنية و سبحوا فيها بأعداد كبيرة ليلا، حاول الكثير من المراهقين قبل أيام السباحة فيها في وضح النهار، و رفضوا الخروج منها إلا بالاستعانة بقوات الأمن. كثير من الأطفال و الشباب لم يسعفهم الحظ في الاستمتاع بمياه السدود و الوديان غير الآمنة، حيث كانت في الكثير من الأحيان محطات نهاية لحياة هؤلاء الذين كانوا يهيؤون أنفسهم لبداية رحلة الحياة، هذا ما وقع مع من غرقوا بسد المريج، القطار و برك أخرى، و القائمة طويلة لضحايا الحرمان التي كان آخر اسم خط فيها هو ل»علي» الطفل المراهق الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في عرض سد القطار و هو يصارع المياه التي كانت أقوى منه و تغلبت عليه في معركة محسومة قبل الدخول فيها بالنظر للعوامل المحيطة بها. هذه الحادثة و الوقائع المشابهة لها، يجمع سكان المدينة على أن المسؤولية فيها تقع على عاتق كل المسؤولين الذين أغفلوا هذا الجانب في المشاريع التنموية، حيث قالوا بأنهم لم يفكروا في البحث عن بديل للمسابح الكبرى أو البحار من خلال تمكين الجميع من السباحة، خاصة و أن الكثيرين يتعذر عليهم التنقل إلى المدن الساحلية بسبب ظروف مختلفة. بدا قبل نحو 10 سنوات أن مشهد السباحة الطبيعية داخل السدود سوف يتوقف، بخلق برنامج خاص أطلق عليه حوض مائي لكل بلدية، فقسنطينة مثلا برمج لإنهاء أزمة السباحة بها 14 حوضا مائيا، خصصت من أجلها الملايير و انطلقت الأشغال في مشاريع أثلجت صدور الكثيرين، غير أن الحلم أجهض في سنواته الأولى، فمنها مشاريع توقفت بها الأشغال و لم تستكمل إلى يومنا هذا مثل حوض دائرة زيغود يوسف الذي لم يوفق المسؤولون في اختيار أرضيته بإنشائه في مكان معزول يشكل مرتعا للمنحرفين، و حتى الأشغال التي أنجزت تعرضت للتخريب و التهديم و أصبحت البركة مصبا لمختلف أنواع مياه الصرف و قنينات الخمر دون وجود سياج يحميه أو حارس يمنع أي تعد عليه و هو الوضع ذاته بحوض حي زواغي سليمان. و بالنسبة للمسابح التي كان لها الحض و رأت النور بعد أن استغرقت أشغالها ضعف الفترة المحددة مثل حوض ديدوش مراد و حامة بوزيان، فهما حوضان و بالرغم من تعرضهما للغلق بين الفينة و الأخرى بسبب الأشغال التي غالبا ما تكون فيها عيوب، إلا أنها تعرف حركة لابأس بها، فهي تفتح كل فصل صيف من قبل خواص يقومون باستئجارها، غير أن هؤلاء يشتكون نقصا فادحا في الأشغال يؤثر سلبا على سير العمل، خاصة بالمحيط الخارجي الذي يفتقر للتهيئة و الأمن مثل حوض ديدوش مراد الذي يعتبر مدخله الرئيسي محجوبا عن الجمهور، غير أن المستثمر يحاول تسييره بالإمكانيات المتوفرة حسب قوله، و قد أرجع ممثلون عن بعض البلديات إلى أن الإشكال يكمن في ضعف الأغلفة المالية المخصصة لهذه المشاريع.و بالحديث عن مأزق السباحة حسب بعض الرياضيين ممن تحدثنا إليهم، لا يمكن إغفال واقع مسبح سيدي مسيد الذي تعرض للتخريب و استغل لأغراض لا أخلاقية طوال سنوات مما حرم أبناء المدينة من الاستمتاع فيه عندما كان يخضع لتسيير البلدية، غير أن ما آل إليه كان وراء قرار تحويل مسؤولية التسيير إلى مديرية الشباب و الرياضة بعد أن أثبتت الأولى فشلها في ذلك، ليتقرر إخضاعه للتهيئة و أشغال كبرى ساعدت على فتحه لفترة محددة قبل إعادة غلقه لإنهاء العملية، على أمل أن يفتح قبل نهاية الشهر الجاري. و في ظل هذه الأزمة، لم يبق أمام أبناء المدينة سوى خيار واحد، هو المسبح التابع للمعهد الوطني لتكوين الإطارات الرياضية النصف أولمبي، الذي و بالرغم من أنه خصص للمحترفين و الفرق الرياضية و الجمعيات، إلا أن الإشكال فرض فتح المسبح للهواة و لباقي فئات المجتمع هذه السنة، حيث سجل أزيد من 200 شخص يسبحون في أماكن محددة بهذا المسبح الذي يجمع القائمون عليه أنه يحتوي أضعاف طاعة استيعابه، ما أثر سلبا على تدريبات المحترفين الذين يعتبرن من أبطال الجزائر في السباحة كما أكدت لنا السباحة حملاوي إيمان بطلة الجزائر في اختصاص السباحة على الصدر، و عمروش عبد الرزاق بطل الجزائر في ال100 متر، بسبب العراقيل و الصعوبات التي تواجههم أثناء التدريب كما أكدت أيضا المستشارة في الرياضة تخصص سباحة للمعاقين و المدربة بن كرطوسة حليمة، التي تقول بأنه من غير الممكن الجمع بين الهواة و المحترفين في مسبح واحد و هو ما أيدها فيه المدرب بن يحي كمال. حسب مدير الشباب و الرياضة البلديات عاجزة عن تسيير الأحواض المائية و الحل في خلق مسابح جديدة أكد مدير الشباب و الرياضة لولاية قسنطينة بأن الإشكال في غلق أغلب الأحواض المائية بالولاية و عدم نجاحها يكمن في سوء التسيير بالدرجة الأولى، حيث قال بأن البلديات و بالنظر إلى كثرة المهام المكلفة بها، عجزت عن تسيير هذه الأحواض و فشلت في المهمة التي أوكلت في العديد منها لخواص واجهتهم عراقيل في العمل، و قال بأن التسيير مرتبط بالاختصاص، مضيفا بأن حتى هذه الأحواض و المقدر عددها ب14 حوضا، تعتبر عاجزة عن استيعاب كل أبناء المدينة، و قال بأن الحل يكمن في خلق مسابح جديدة نصف أولمبية و أولمبية بالإضافة إلى هذه الأحواض. المسؤول كشف في سؤال حول جديد المجال عن 5 مسابح جديدة، و تحدث عن مشروع المسبح الأولمبي المجاور للمعهد الوطني لتكوين الإطارات الرياضية 50 متر و الذي بلغت نسبة الأشغال به 90 بالمائة و أكد احتمال تأخر تسليمه عن التاريخ المحدد سابقا و الذي كان في ال5 من جويلية المقبل بسبب استنفاذ الغلاف المالي المخصص للمشروع في أشغال البناء، أما فيما يتعلق بالتجهيز فقد تقرر تخصيص مبلغ إضافي بقيمة 7 مليار سنتيم. و من المشاريع الجديدة أيضا المسبح النصف أولمبي بالمدينةالجديدة علي منجلي فقد بلغت نسبة الأشغال به ال50 بالمائة و من المرتقب فتحه للجمهور العام المقبل، بالإضافة إلى 6 مسابح جوارية منها مسبح الخروب و عين أعبيد، و مشروع مسبح نصف أولمبي بحي شعبة الرصاص وسط قطب رياضي كبير يعتبر مشروع قيد الدراسة يرتقب انطلاق أشغاله خلال العام المقبل. مسؤولون بالمعهد الوطني لتكوين الإطارات الرياضية و رياضيون يؤكدون قسنطينة بحاجة إلى 20 مسبحا على الأقل كثير من المسؤولين بالمعهد الوطني لتكوين الإطارات الرياضية و كذا رياضيين محترفين أجمعوا على أن وجود مسبح وحيد بقسنطينة يعتبر مشكلا في حد ذاته، و قالوا بأن الولاية بحاجة إلى فتح 20 مسبح جديد على الأقل لامتصاص الشباب نساء و رجال، و حتى أطفال و شيوخ لممارسة هذه الرياضة التي يؤكدون بأنها تستهوي آلاف الجزائريين، لكن يبقى غياب المرافق الخاصة بها حجرة عثرة تبقي السباحة حكرا على فئات معينة. و قال محدثونا بأن كثرة الآفات الاجتماعية و الجرائم سببها غياب المرافق الترفيهية و الرياضية على وجه الخصوص، و قالوا بأنه من غير الممكن أن نلقي اللوم على الشباب و نصفهم بالعازفين عن ممارسة مثل هذه النشاط، و دعوا إلى فتح أكبر عدد ممكن من المسابح عوضا عن استمرار مظاهر التخلف بالسباحة في المستنقعات و البرك التي كثيرا ما تكون محطة توقف لحياة الكثيرين فضلا عن الأمراض الخطيرة التي يخرج بها كل من يلج هذه المستنقعات الوسخة. فتح مسبح معناه غلق سجن و قال أحد المسؤولين بالمعهد بأن فتح المسابح كفيل بغلق كل سجون الولاية، لأن من يجد مكانا لممارسة هواية في وقت فراغه أو أنه يتفرغ هو أصلا لممارستها، كفيل بأن يضع نقطة نهاية لهذه الآفات التي تأخذ حيزا واسعا في مجتمعنا، معتبرا تأخر العملية بالشيء الذي لا يقف في صالح أبناء الجزائر خاصة و أن لدينا كما يقول كفاءات كبيرة حيث تخرج من المعهد رياضيون وطنيون و عالميون أمثال حمامة و سحنون. و يبقى المسبح اليتيم بحاجة إلى أشغال كبرى لتهيئته التي توقفت منذ سنوات لعدم توفر الوقت اللازم لقيام هذه الأشغال كونه مفتوح للخدمة طوال أيام الأسبوع و خلال نهاية الأسبوع التي يزيد فيها عدد المقبلين عليه، فتأخير أشغال التهيئة في كل مرة لعدم وجود مسبح آخر لتدريبات الرياضيين، جعل المقر في وضع سيئ خاصة على مستوى الأسقف و الحمامات التي يجتهد عمال المعهد في كل مرة من أجل التقليل من حدتها كما يفعلون في معالجة مياه السباحة في ظل غياب مختصين يقومون بهذه المهمة حسب ما أكدوه لنا هم و بعض القائمين على المعهد. القالميون يودعون فصول الاعتدال المناخي و يستقبلون صيف جهنم مسابح مغلقة و هروب جماعي إلى الأودية و برك الموت «في قالمة تلقى الماء و تلقى الهف» كلام يداوله القالميون بينهم كل ما ذاق بهم الحال و عجزوا عن تغيير أمر كان مقضيا،مياه كثيرة أين ما ذهبت منابع باردة و أخرى حارة لا تتوقف عن الجريان و أودية تبعث الحياة على امتداد سهل سيبوس العظيم. ولاية المياه التي لم يجد شبابها و أطفالها مسبحا يهربون إليه عندما يشتد الحر و تقترب الحرارة من الخمسين درجة تحت الظل. هذا هو مسبح 8 ماي 45 وسط مدينة قالمة كان قبلة لسكان المدينة على مدى سنوات طويلة أمتعهم و صنع ليالي صيف لا تنسى تعلم فيه شباب و أطفال كثيرون رياضة السباحة و جمع مئات العائلات حول زرقة المياه و أكواب الشاي و أنغام فرق الدي جي و حظائر التسلية ، لم يعد كما كان أغلق أبوابه بعد أن تردد عليه مستثمرون كثيرون بينهم مغترب جلب معه متعة الحضارة الغربية المتطورة و أسعد القالميين ثم غادر مكرها كما تقول مجموعة من شباب الأحياء المجاورة للمسبح البلدي وجدناهم أمام بوابة المسبح يستندون الى جداره الخارجي هروبا من الشمس الحارقة. س.محمد علي 19 سنة و ب.سمير 22 سنة و ح. رضوان 26 سنة شاب تحدثوا إلينا بمرارة عن الوضع الذي آل إليه المسبح البلدي « لم نعد نجد مكانا نقضي فيه أيام الصيف الوقت لا يسمح لنا بالذهاب الى البحر كل يوم و حتى المسابح التابعة للفنادق ليست في متناول الجميع عليك أن تدفع 500 دينار من أجل السباحة لوقت قصير هم لا يريدوننا أن ندخل مسابحهم التي يخصصونها لزبائنهم و حتى المسبح التابع للمركب الرياضي سويداني بوجمعة ليس في متناول كل الشباب هو مخصص فقط لبعض الفرق المنخرطة في نادي السباحة لم تبق أمامنا سوى الأودية و البرك المائية أو الهجرة الى المدن الساحلية المجاورة نريدهم أن يفتحوا المسبح من جديد هذا وضع غير مقبول «. و يعد المسبح البلدي 8 ماي 45 بقالمة المسبح الشعبي الوحيد باصمة الولاية المسبح الوحيد الذي فتح أبوابه لأطفال و شباب الأحياء الفقيرة الممنوعون من دخول مسابح الفنادق الفخمة المحجوزة لأبناء «المعاليم» كما يقول شباب أحياء الباطوار و دوار القروي. بعض المصادر تقول بأن بلدية قالمة قد أطلقت مناقصة لتهيئة المسبح المغلق و إعادة فتحه من جديد لكن إجراءات إطلاق الأشغال قد تطول حسب نفس المصادر و قد يمضي هذا الصيف كسابقيه حتى الأحواض المائية القاذفة للمياه أصابها الجفاف و لم تعد قادرة على بعض الحياة بالفضاءات العامة و تلطيف أجواء المدينة التي ودعت سنوات الاعتدال المناخي و وتحولت الى مدينة صحراوية لا تقل فيها الحرارة عن الأربعين درجة على امتداد الصيف. أحواض الحمامات المعدنية تتحول الى مسابح كلما حل الظلام في هذا الحوض المائي الساخن يقضي شباب مدينة حمام دباغ ليالي الصيف الساخنة يلقون بأنفسهم في أعماق الحوض ثم يغادرونه بسرعة تحت تأثير حرارة المياه القادمة من المنابع الساخنة التي تصل درجتها الى المئة يكررون المحاولة تلوى الأخرى حتى تحمر جلودهم و يبقون على هذا الحال الى ساعة متأخرة من الليل حيث تنخفض حرارة الحوض تحت تأثير التيارات الهوائية الباردة التي تصل المكان بعد منتصف الليل قادمة من السد الكبير الذي أصبح هو الآخر قبلة لشباب المدينة رغم الحراسة المضروبة على شواطئه. و غير بعيد عن الأحواض الساخنة و سد بوحمدان يقضي شباب مدينة حمام دباغ و القرى المجاورة لها صيفهم بوادي بوحمدان الذي حصد الكثير من الأرواح ، و مازال سكان المدينة يتذكرون الفاجعة الكبرى التي أودت بحياة مجموعة من الأطفال ذات سنة دفعتهم الحرارة القوية و أغرتهم زرقة المياه فغاصوا في أعماق الوادي بلا رجعة. و قد ظل سكان المدينة ينتظرون تجسيد مشاريع منطقة التوسع السياحي التي وعد أصحابها ببناء جنة فوق الأرض حصلوا على الأرض و القرض ثم اختفوا لا مسابح و لا فنادق ذات الدرجات فقط بنايات لم تكتمل و قطع أرضية غطتها الأشواك و غزتها النفايات .هذا هو «الهف» الذي يسري على لسان القالميين الذين أصبحوا يسكنون مدنا و قرى تتحول الى فضاءات أشباح كلما حل الصيف. لا تسبحوا بوادي سيبوس سيبوس العظيم واد دائم الجريان حتى في عز الصيف يتغذى من مخزون السدود و يبعث الحياة بمحيط السقي الشهير يعبر عدة مدن و قرى تفتقد الى المرافق الخدماتية القادرة على استقطاب الشباب خلال فصل الصيف ، مياهه الزرقاء تثير غريزة السباحة و تدفع بالشباب و الأطفال الى الغوص في المياه الباردة هروبا من جحيم الحرارة التي لا تحتمل . كثيرون ماتوا هنا خرجوا و لم يعودوا ابتلعهم سيبوس و بقيت مآسيهم عالقة بالأذهان إنه الخطر كلما حل الصيف وضع دفع ببعض الجهات الى كتابة عبارة ممنوع السباحة على دعامة جسر بن طابوش الذي يعبر سيبوس ، تحذير من خطر الموت لم يمنع أطفال قرى مجاز عمار من المغامرة في أعماق الوادي حتى و لو كلفهم حياتهم لا بديل أمامهم سوى المستنقعات و مجاري الأودية حتى أن الكثير منهم تحولوا الى فريق إنقاذ كلما دعت الضرورة الى ذالك غامروا بحياتهم و تعلموا السباحة و أنقذوا أرواحا بشرية كادت أن تنتهي في الأعماق. بلديتهم التي تحاصرها المياه من كل الجهات لم تفكر على الإطلاق في بناء مسبح ينقذ أرواح أطفالها الذين يبحون و يمسون على خطر الموت المحدق بهم في كل لحظة. تاملوكة بلدية من سهل الجنوب بنت مسبحا غارت مياهه في باطن الأرض دخلنا مرة مدينة تاملوكة الواقعة بسهل القمح الشهير دعانا مضيفون الى تناول القهوة بالمسبح البلدي فلبينا الدعوة و دخلنا المكان مسبح جاف لا حياة فيه ، قيل لنا آنذاك بأن صدعا أصاب قاع الحوض فغارت المياه في باطن الأرض كلما أضافوا له المياه ينخفض مستواه الى أن يتحول الى حوض جاف بسبب الصدع الذي ظهر على سطح القاع بعد نهاية الأشغال و لا أحد يعلم ما إذا خضع المقاول الى الحساب أم وضع الأمر في خانة المعفو عنهم و العاملون في سبيل الله.....؟. فريد غ سد بني هارون بميلة أخذ حصة الأسد من الغرقى من عاصمة الماء إلى عاصمة الموت إلى غاية تاريخ يوم أمس، ولاية ميلة تودع سابع ضحية في عرض السدود و الوديان و البرك منذ حلول فصل الصيف، فالحصيلة ثقيلة جدا منذ بداية ارتفاع درجات الحرارة، و الجميع يدق ناقوس الخطر لوضع حد لسباحة الموت التي تأخذ العشرات في كل سنة و يحصد سد بني هارون أكبر عدد منها. فأمام رغبة العديد من المواطنين خاصة صغار السن منهم في التمتع ببرودة مياه هذه الأماكن الخطرة التي أصبحت تشكل الملاذ المفضل لقضاء فترات راحة ولمواجهة لفحات الحر بالرغم من افتقارها لكافة الشروط الضرورية للسباحة الآمنة، و بعد ولاية ميلة النسبي عن شواطئ البحر وما يترتب عن ذلك من مصاريف من إقدام الراغبين في العوم و السباحة، يتوجه الكثيرون إلى المسطحات المائية المنتشرة بكثرة بمختلف أرجاء الولاية و التي تعفي الراغبين في السباحة من عناء التنقل لشواطئ البحر . ثلاثة تلاميذ غرقوا دفعة واحدة و على رأس قائمة هذه المسطحات، يتربع سد بني هارون الذي حصد جل ضحايا الغرق بطوله الذي يتجاوز طوله ال 50 كيلومتر مما يجعل إمكانية تسييجه مستحيلة أو حتى تأمينه عن طريق الحراسة الشاملة التي تتطلب تجنيد مئات الحراس، وكذا السد الخزان لوادي العثمانية وسد قروز بذات البلدية إضافة لعدد من الحواجز والأحواض المائية والبرك الطبيعية والمبنية والتي لها مثلما أسلفنا طبيعتها ووجهتها الخاصة والنتيجة خسائر في الأرواح وفواجع ومآسي يكون تأثيرها على كل أفراد العائلة و يمتد لسنوات طويلة. فولاية ميلة التي تحصي أكثر من 800 ألف نسمة موزعين على 32 بلدية لا تملك في الوقت الحاضر سوى مسبحا نصف أولمبي متواجد ببلدية عاصمة الولاية ميلة يعاني من حالة اكتظاظ كبرى تجعله عاجزا عن تلبية الطلب الكبير الواقع عليه سواء من قبل الجمعيات أو الأفراد، كما تتوفر مدينة شلغوم العيد على أحواض سباحة تابعة لمنتجع أحد الخواص ليس بإمكان كل الناس التمتع بالخدمات التي تقدمها، أما مدينة فرجيوة التي كانت إلى وقت قريب تتوفر على حوض مائي موجه للسباحة متواجد أمام المدخل الغربي لدار الشباب فقد تم ردمه ببقايا مواد أشغال المشاريع التي تمت هناك لتبقى المدينة من دون مرفق خاص بالسباحة . وإذا كان والي ميلة قد طالب في بيان صادر عن ديوانه يوم حدث غرق ثلاثة شبان مؤخرا في سد بني هارون الجمعيات والقطاعات المعنية بتكثيف الحراسة وحملات التحسيس والتوعية بمخاطر السباحة في السدود والبرك والأحواض المائية، مع السعي لتسطير برامج تكفل ورعاية لفائدة الأطفال والشباب وتمكينهم من سبل الراحة والاستجمام، فان مدير الشباب والرياضة اعترف بنقص الهياكل والمرافق الخاصة بالسباحة في الولاية وتأخرها في هذا المجال وعدم أخذه في السنوات الماضية ضمن الأولويات، مشيرا إلى جملة المشاريع المسجلة مؤخرا في هذا الجانب ضمن البرنامج الجاري انجازه والتي تتضمن انجاز سبعة مسابح منها مسبحان أولمبيان بكل من ميلة و شلغوم العيد والباقي مسابح نصف أولمبية لفائدة المدن ذات الكثافة السكانية النسبية مثلما استفادت بلديتا مينار، زارزة و يحي بني قشة من مسابح جواريه غير تنافسية . مسؤول قطاع الرياضة أضاف بأنه في انتظار انجاز هذه المشاريع السالفة الذكر التي تجري الأشغال ببعض منها حاليا و حتى تلك التي لم تنطلق بها الأشغال بعد، فانه و إلى حين استكمال هذه المشاريع، يجري التكفل بالأطفال و الشباب في إطار برامج أخرى. التوعية، الأمن، و سد البرك المائية لوقف حوادث الغرق لا يمكن إنهاء هذا الموضوع دون الإشارة إلى مسؤولية البالغين في حماية أرواحهم وأرواح غيرهم من الهلاك من خلال توفير سبل الحماية والمنع للحفر المائية التي يقيمونها في مشاريع البناء الخاصة بهم أو لسقي مساحاتهم الزراعية والتي كانت في العديد من المرات السبب المباشر في الوفيات ووفاة الأطفال بالخصوص والأولياء والجمعيات ومؤسسات التربية والتعليم ووسائل الإعلام والاتصال المختلفة في مسؤولياتهم الكبيرة كذلك في تحسيس الأبناء وأفراد المجتمع بمخاطر السباحة في الأماكن غير المؤهلة لذلك.