يعتبر الزواج من أكبر شعائر الاسلام المقدسة و له من الأهمية في المجتمع ما يجعله من الأولويات الكبيرة خاصة لدى فئة الشباب بسبب ضرورته التي لها انعكاسات ايجابية على حياة الفرد و المجتمع، كما أن لقلته أو هشاشته انعكاسات جد خطيرة وجب تجنبها من خلال القضاء على العراقيل المادية والمعنوية التي تواجه من يرغبون في اتمام نصف دينهم بيسر. و قد أصبح الزواج في المجتمع الجلفاوي يعرف ارتفاعا مستمرا في قيمة المهور و تزايدا رهيبا في تكاليف الزواج، أرهقت كلا من أهل الشاب و أهل الفتاة دون أن تعود بالنفع عليهما ولا على أهلهما، باعتبار هاته التكاليف ليست من الضروريات التي يتم بها الزواج، لا من الناحية الشرعية و لا من الناحية العرفية... و من جهة أخرى، نجد أن تزايد قيمة المهور يتم تبريره حسب الكثيرين بالمصاريف التي تنفقها الفتاة في إطار حفل زفافها من مستلزمات فرضتها التقاليد من جهة، و التسابق في إتباع الموضة من جهة أخرى في سياق التباهي و التفاخر و التقليد الأعمى، حيث أنه في كثير من الأحيان نجد أن بعض العادات و التقاليد يجهل المقلدون معناها أو لماذا وضعت و في أية ظروف؟ و في هذا السياق يؤكد السيد "بلخضر شولي"، الباحث في الحلي التقليدية للمنطقة، بأن الأعراس في الماضي كانت بسيطة جدا من حيث التكاليف و الإجراءات، حيث كانت تجري كلها في يوم واحد، يكون فيه الاحتفال بحضور أهل العروسين و كل المدعوين بإقامة وليمة يقدم فيها طبق "الطعام (الكسكسي) باللحم" و القهوة و الشاي فقط، و توضع الحنّة للعروس ويتم زفها إلى بيت الزوج -الذي يكون مقيما مع أهله غالبا-، حيث تحضر معها ما صنعته من أفرشة و أغطية تقليدية... و يضيف محدثنا أن الأصل في "السَعْفة" التي يحضرها أهل العريس هي عادة أهل المنطقة، و ذلك بأخذ بعض الأشياء البسيطة (قهوة، سكر، حنة،...) إلى البيت الذي يزورونه كعربون محبة، و في نفس السياق ما تحضره العروس إلى بيت زوجها يوم "السبوع" من حلويات تقليدية من بيت أهلها الذي تذهب إليه بعد أسبوع من يوم العرس كما جرت العادة. أما فيما يخص أغلب العادات التي أصبحت متداولة في السنوات الأخيرة فهي دخيلة على المنطقة مثل عادة إحضار الخاتم في الخطبة أو يوم "الحنة"، وكذا الألبسة المتعددة أو ما يسمى "التصديرات" و فستان "الأميرة"(La princesse) و الفستان الأبيض، حيث كانت تكتفي العروس بلباس واحد تقليدي فقط، إضافة إلى عدم و جود الحقيبة "الفاليزة" و محتوياتها، و "الطبق" الخاص بالحناء، و الشاهد أنه تم استيراده مع لهجته العاصمية (التبق)...الخ و يضيف محدثنا بأن أمور الزواج كانت تجري ببساطة و نية صادقة خالية من البهرجة و الأمور المادية و الشروط و التكاليف...و هذا هو السر في سعادة ونجاح الزيجات قديما على عكس ما هو حاصل اليوم من زيجات مبنية على النظرة المادية للطرف الآخر. و هذا تعريف بأهم تلك المستلزمات التي تعتبر غير نافعة وغير ضرورية و التي يمكن الاستغناء عنها: الجهاز (الأفرشة و الأثاث): تحضره معها العروس إلى بيت زوجها يوم الزفاف، و يتكون عادة من أفرشة و أغطية و ستائر و أثاث...حيث تعتبر غالبا زائدة عن الحاجة و لا تعكس احتياج بيت الزوجية لتلك الأشياء من جهة، ومن جهة أخرى لتوافر تلك السلع في المحلات بكثرة، و أصبح إحضارها في أيامنا هاته بدون نفع ولا معنى، لأنه في القديم كانت غير متوفرة، و كان انجازها يتم يدويا من طرف الفتاة و أهلها، فكان له قيمة معنوية أكثر منها مادية. السعفة: هي عبارة عن مواد غذائية و تنظيفية (قهوة، سكر، طماطم مصبرة، صابون، عطور،...) يحضرها أهل العريس إلى أهل الفتاة، و يمكن أيضا الاستغناء عنها في زماننا هذا لتوفرها في المحلات... الفاليزة: و هي حقيبة يحضرها أهل العريس الى أهل العروس يوم "الحنة" أو ما يسمى يوم "الفاتحة"، و تحتوي على ألبسة و مواد تجميلية و عطور... التصديرات: هي مجموعة من الألبسة التي ترتديها العروس الواحدة تلو الأخرى يوم "الحنة" و عادة ما تكون ذات طابع تقليدي تمثل ألبسة مختلف مناطق الوطن (نايلي، عاصمي، قسنطيني، تلمساني،...) و حتى ألبسة ذات طابع أجنبي (هندي، خليجي، فستان الأميرة La princesse ،...)، حيث أن الفتاة تقوم عادة بكراء تلك الفساتين و لواحقها من الحلي و أحيانا تقوم بخياطتها بأثمان باهظة، لكنها لا ترتديها إلا سويعات و لا تحتاجها فيما بعد... التباَع: هي هدايا تحضرها العروس الى أهل العريس، وهي عبارة عن قطع قماش و صابون و عطور،...و توزعها عليهم يوم العرس و سميت ب"التباًع" نسبة لمن يتبعون العروس في موكب الزفاف. التفراڤ: و يكون صبيحة اليوم الموالي للعرس، حيث تقدم العروس إلى الحاضرين الحلويات و الصابون والعطور و القهوة و السكر...الخ السبوع: و هي ذهاب العروس إلى بيت أهلها بعد أسبوع من يوم الزفاف ثم ترجع إلى بيت زوجها محضرة معها كمية معتبرة من اللحم و مأكولات تقليدية و حلويات توزع على أهل الزوج. الطبق: أو "التبق" باللهجة العاصمية، و هو عبارة عن طبق مزوق توضع فيه الحنة و لواحقها و الشموع، و يحضره أهل العريس يوم "الحنة" من أجل وضع الحنة للعروس، و هي عادة دخيلة أصلها من منطقة "الحضر" (المدية، العاصمة و ضواحيها) علب الحلويات: توزع علب مزوقة تحتوي على أنواع من الحلويات على جميع الحاضرين الذين يفضلون أخذها و لا تؤكل في كثير من الأحيان، وتكون مكلفة جدا بسبب غلاء حبات الحلوى و علب تغليفها. الكعكة الكبيرة La pièce montée: غالبا ما يحضرها أهل العريس لأهل الفتاة في الخطوبة و يوم "الحنة" أو "الفاتحة"، و في كثير من الأحيان لا يحبذ الكثير من المدعوين أكلها، وهي عادة دخيلة على مجتمعنا لأنها تقليد غربي انتشر في السنوات الأخيرة. حلاقة العروس: تذهب العروس يوم الخطوبة و يوم "الحنة" و يوم الزفاف إلى الحلاقة التي تمكث عندها لساعات من أجل التجميل و انجاز قصة شعر تشبه البناية معقدة التفاصيل فوق رأسها، حيث تكون باهظة الثمن و تتسبب في إرهاق الفتاة طيلة العرس... الفستان الأبيض: و هو فستان أبيض منتفخ ترتديه العروس يوم الزفاف، و تقوم بكرائه بأثمان غالية من أجل تلك السويعات، و هو تقليد أجنبي له معانيه في الثقافة الغربية. قاعة الحفلات: كراء قاعة الحفلات بأثمان باهظة من أجل تمضية سويعات حفل الزفاف من باب التفاخر و الرفاهية المزيفة، وهي عادة جديدة حيث أن العادة هي اقامة العرس في بيت العروسين أو أحد الأقارب، و عادة ما يتم الإستعانة ببيوت الجيران في صورة توحي بالتضامن و المحبة بين الناس. سيارة العروس: كراء سيارة فخمة و تزويقها بمبالغ معتبرة من أجل احضار العروس، وقد كان في وقت سابق يقوم أحد الأقارب أو الأصحاب بإعارة سيارته مع تزويقها بقليل من الشرائط و الورد فقط. وليمة الخطوبة: تعرف في الآونة الأخيرة عادة لم تكن موجودة من قبل و هي وليمة الخطوبة حيث يقوم أهل الفتاة بتنظيم وليمة يجتمع فيها عدد من أقارب العروسين، و هي عادة تزيد من الأعباء و لا لزوم لها لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج يكون بين العائلتين فقط. الخاتم و مفهومه الخاطئ: يقدم الخاتم إلى الفتاة عادة في يوم الخطوبة أو يوم "الحنة" أو كلاهما، و هو تقليد أجنبي ذو أصول غربية له معاني في الديانة المسيحية، و أصبح متعارفا عليه كتقليد في بلداننا، حيث نجده من الناحية الشرعية غير ضروري و ليس شرطا من شروط صحة الزواج. "الجلفة انفو" قامت باستطلاع و إحصاء أغلب تلك العادات الزائدة المنتشرة في الأعراس -التي يخسرها أهل العروسين معا-، و حساب تكاليفها بالتفصيل حسب أسعارها في السوق المحلي في هاته الأيام و كانت النتائج كالتالي: باستثناء الوليمة و الصداق و تجهيز الغرفة، متوسط ما يخسره أهل العروسين من تكاليف زائدة هو بالتقريب حوالي "110 مليون سنتيم" و هو رقم كبير جدا لا يحس به أغلب من يقدمون على الأعراس بسبب عادات وتقاليد لا هي من الشرع و لا تعود بالنفع على العروسين بل تدخلهما غالبا في دوامة من الديون و الاحراج...