أبرز المهرجان الوطني للزي التقليدي المقام مؤخرا بالعاصمة، مدى تمسك العائلات الجزائرية بتقاليدها، رغم التغيير الذي عرفه المجتمع حقبة تلو الأخرى، ومنها طقوس الزواج بمنطقة الجلفة التي حدثتنا عنها السيدة هنية حيدب وأكدت أن الفجوة بين جيل الأمس واليوم أخذت في التضييق، لأن العودة إلى الأصالة باتت ملحوظة بشكل كبير بين شباب اليوم. تتشابه طقوس الزواج كثيرا بين مناطق الوطن من الخطبة إلى حفل الزفاف، إلا أنها تختلف في بعض التفاصيل، ومنها مثلا هدايا أهل العريس للعروس التي تسمى في منطقة الجلفة ب"المْجيبة" التي تكون بعد تفاهم العائلتين على إتمام الزواج، وهي عبارة عن هدايا تحضرها أم العريس لأم العروس، وتحتوي على الكثير من الأشياء منها؛ القهوة والسكر و"الدرّاس" وهو مقدار غير محدد من (الدڤلة) ومختلف المكسرات مثل؛ (الكاوكاو واللوز والجوز والحلويات)، إضافة إلى مبلغ مالي قدره مليون سنتيم، يسمى "حق العروسة"، والجهاز الذي يتكون عادة من الحنة والعطور والصابون و«الڤطعة" (أي قماش خاص بفستان المنطقة التقليدي؛ النايلي)، إضافة إلى خاتم الخطوبة. وتؤكد المتحدثة أن جهاز العروس هذا يتضمن حقيبتين تحتوي على زوج من كل شيء، إلا اللباس النايلي فيؤخذ منه 4 أنواع، تقول: "في عاداتنا نأخذ للعروس يوم إعلان الخطوبة "روبة" (أي فستان) وردية لعقد الخطبة ومنديل وردي، و"روبة" باللون السماوي، وأخرى بيضاء تخرج بها العروس من بيت والدها مع "برنوس" تقليدي، و"روبة" أخرى بلون آخر، وبعد قراءة الفاتحة، تحنّى العروس بوضع حبة "ويز" في يدها، ثم تذبح الذبيحة التي تؤخذ مع جهاز العروس وهي عادة نعجتان. ويوم العرس يذبح الكبش ويتم تحضير "البربوشة" (كسكسي) ويدوم العرس مدة ليلتين، وفي صبيحة العرس تجلس العروس على ركبتيها ويربط فستانها عند الركبة وتوضع أمامها "ڤصعة" حتى تحضر "الرفيس" (حلوى تقليدية) كناية على بقائها حلوة بين أهل العريس". ولا تكاد تنتهي طقوس العرس الجلفاوي حتى تبدأ مجددا، فبعد أن تحضر العروس حلوى تقليدية، يتم توزيعها على أهل العريس وضيوفهم في فطور الصباح، وتستعد رفقة والدتها لتحضر طعام الغذاء لجميع الحضور، وتشير المتحدثة إلى أن قائمة لوازم الغذاء يحضرها أهل العروس في صبيحة عرسها وتتضمن "ڤايمة" لحم (أي مقدار من اللحم يكفي لتحضير الغذاء)، الدهان (سمن)، بيض، خضر موسمية. وتتعاون العروس وأمها وأخريات في تحضير الفطور، أو تتكلف والدتها بتحضير الأكل وتأتي به صبيحة عرس ابنتها، والمغزى من كل هذا وذاك أن العائلتين اتحدتا بالمصاهرة و«العوايد" أصبحت واحدة. وفي ظهيرة نفس اليوم، تجتمع نساء العائلتين لاقتسام الهدايا من الجهتين، "فوالدة العروس تأخذ حقها من الهدايا وتسمى عندنا "حق الزيارة"، أما هدايا "نزَوْروها بالنقود"، أي نعطيها نقودا حق الزيارة، فحسب مقدرة العريس، والحكمة من كل هذا أن العائلتين أصبحتا متحدتين ومتماسكتين". ولأن طقوس الزواج تقتضي الاحتفال بالعروس بعد مضي 7 أيام من دخولها بيت الزوجية، فإن هذه العادة في منطقة الجلفة تقتضي أن تأخذ والدة العروس معها "الفتات" (عبارة عن نوع من العجائن تحضر في المنزل) وتبلل بمرق أحمر يحضر باللحم والدهان ويفطر بها العريس وعروسته لديمومة الود بين العائلتين. وتؤكد السيدة هنية أنها عادات متوارثة عن الأجداد ويتم المحافظة عليها من جيل لآخر، موضحة أنها تعمل على إظهارها في الوطن من خلال مشاركاتها في إطار التبادل الثقافي بين الولايات، إلى جانب المعارض والمهرجانات الوطنية والدولية.