إن عوامل تعمير المكان بالسكان عبر الزمن؛ يحسب إسهاما من الانسان في المنطقة للحضارة، لاعتبار أن الإنسان هو عنصر من الثلاثة في معادلة مالك بن نبي المشهورة في بناء الحضارة ألا وهي: إنسان، مكان و زمان أو فكر، تراب و وقت. لقد عَمرت منطقة الجلفة بالأفراد والمجتمعات؛ شأنها شأن باقي المدن والأمصار، فقد وفد إليها؛ العلماء والفضلاء وطلبة العلم، والحجيج، والتجار، القادة والسادة، والفرنسيس والانجليز، والإسبان والألمان، السواح وما إلى ذلك...، طامعا وراغبا، وماكثا وراحلا، مستدمرا ومحررا. فكانت مقصودة من كل حدب وصوب؛ والسر يكمن في كون أهلها مرحبين بالنزيل؛ وتدليلا على هذا كلام؛ يقول الشاعر مسعود قاسم بن محمد النقازي، لعوري، العيساوي، المسعدي(1)، في ملحونته الطويلة الموسومة ب "بر الضيافة ": قرّب يامن جيت قاصد مرسمنا وهذا بر اولاد نايل رحب بيك من ذي الساعة راك كي واحد منا يامزين ذيك الدار راها عمرت بيك إذا كانت عجباتك جملتنا رانا في مقام أهلك و مواليك وما يعقبش نهار راك توالفنا وما تتوحش ما يضيق الحال عليك واللي تغدا ليه عندو تتهنا وماتسمع ما غير قولة "أهل بيك بيت كبيرة ياللي ماتعرفنا وسقسي عنا شوف واسمع واش يجيك ومن يمعن في التاريخ وبالخصوص القرن العشرين، يلاحظ أن الجلفة لم يكفكف عنها النزلاء باختلاف مقاصدهم. وما يشغلنا أن هناك أسماءً وأعلاماً وقبائلاً كثيرة؛ بدورها عمّرت المنطقة؛ إلا أننا لم نتطرق إليها؛ لاعتبار قلة المراجع التاريخية في هذا الشأن، سواء مكتوبة أو شفوية. ويهدف هذا البحث إلى تناول العنصر البشري وعلاقته إجمالا بالعوامل التاريخية والسياسية، العلمية والاقتصادية التي استقطبتهم إلى منطقة الجلفة، ومحاولة التطرق إلى تلك العوامل تفصيلا كما آثرناها إجمالا. والتعرف على أسماء قبائل وأعلام محلية عربية وأجنبية تاريخية التي نزلت بالمنطقة، ومدن وأماكن ومناطق توزعهم عبر ترابها. والتعرف على بعض الإحصائيات من مصادر عديدة للقبائل النايلية. ومحاولة حصر وتنظيم المعلومات التاريخية كالمصادر والمراجع والرواية الشفوية حول موضوع سكان منطقة الجلفة. وما أنوه له أن البحث المتعلق بسيدي نايل ليس إلا بحثا علميا تاريخيا صرف، ليس يعدو لهدف آخر. العوامل التاريخية إن للعوامل التاريخية صدى كبير في الوجود البشري عموما، فالنسل يبقي ما بقي الزمان إن لم نبالغ؛ ففي الجزائر عموما هناك أعراق مختلفة وكثيرة جدا، إذا ما تتبعنا التاريخ سنجد العنصر البشري التالي؛ الأمازيغي والكنعاني والعربي، التركي، والقوطي وهلم جرّا. فالعامل التاريخي له دور هام في الوجود السكاني؛ وإسهامه في المنطقة يحسب للحضارة لاعتبار أن الإنسان هو عنصر من الثلاثة في معادلة مالك بن نبي الشهيرة في بناء الحضارة ألا وهي؛ إنسان مكان زمان أو فكر تراب وقت. ومن العوامل التاريخية ذات الشواهد الماثلة للعيان وهي خير دليل تاريخي والتي ساهمت في جذب ساكنة حضارة ما قبل التاريخ التي سجلتها كل من منطقة عمورة وزكار في صور جسدت حياة إنسان ما قبل التاريخ تلك الحقبة الغابرة من الزمان، وهي عبارة عن صور على الصخور لصيادي الجواميس والأبقار الذين يمارسون نشاطهم هذا بحثا عن القوت. ومن العوامل الأخرى الجاذبة للعنصر البشري؛ الأطماع التوسعية للاحتلال الروماني الذي دام بالمغرب (الجزائر) من سنة 146 ق.م وإلى غاية 429 م(2)، وبداية التوسع الروماني بمنطقة الجلفة كان في حوالي نهاية القرن الثاني وخلال النصف الأول من القرن الثالث ميلادي؛ وكان هذا التوسع عن طريق إنشاء خط دفاعي؛ المعروف عند الرومان بخط الليمس، لذلك قام أباطرة الرومان بالحركة التوسعية جنوبا في القرن الثالث ميلادي، وهي حركة بدأت أواخر القرن الثاني ميلادي في عهد الأنطوانيين لتبلغ أوجها في عهد السيفريين في النصف الأول من القرن الثالث، وخط الليمس كان نهاية الحكم السيفري سنة 235م، وقد امتد جنوبا بشكل محسوس بحيث وضع حاميات ومراكز عسكرية مثل دمد قرب مسعد جنوبالجلفة Castellum Dimmidi في جبال أولاد نايل، ومركز جميلا الماثل للعيان في وقتنا الحاضر. والهدف من إنشاء هذه الحاميات الرومانية لم تكن إلا دفاعا عسكريا عن النفوذ الرومان لجنوبالجلفة، وليس لدينا الدليل الكافِ أن الرومان كان لهم تفاعل اجتماعي يثري الرصيد السكاني بالمنطقة. كما شهدت بلاد المغرب موجات بشرية كبيرة في أربعينيات القرن الخامس الهجري ومنتصف القرن الحادي عشر ميلادي، ولحقت هذه المجموعات بالمغرب الأوسط (الجزائر) بوجه خاص، ومنه منطقة الجلفة تحديدا، إلا أن وفود هذه الموجات البشرية لم تكن بمحض إرادتها بل دفعهم للهجرة عامل سياسي(3). ويصطلح على هذه الوفود الهجرات الهلالية أو تغريبة بني هلال أو ما يعرف في الكتابات الإستشراقية بالغزو الهلالي بحسب شاكلة الكتاب التاريخيين(4). هاجر بنو هلال من شبه الجزيرة العربية ثم إلى الصعيد بمصر ثم إلى بلاد المغرب عام 445ه 1051م ونزلوا برقة في ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي خاص، حيث ضمت جماعات؛ بني هلال بن عامر وأهمها؛ الأثبج، جشم وزُغبة ورياح وربيعة وعدي، واصطحب المهاجرون فيها فرسانهم وقطعانهم، وقدرت أول موجة من الهجرة الهلالية بخمسين ألف مقاتل –وهذا عدد مبالغ فيه-. وقد يسأل السائل ما هو سبب قدوم بني هلال إلى المغرب؟ فالسبب؛ هو أن المعز بن باديس الصنهاجي قطع الخطبة للمستنصر الفاطمي سنة 440ه؛ فكتب إليه يهدده ويتوعده فأرسل إليه بني هلال إلى إفريقية أي العدوة المغربية، وملكهم كل ما يفتحون، وبعث الحسين بن علي التازوري وزير الدولة الفاطمية في مصر إلى المعز: (( قد أرسلنا إليك خيولا، وحملنا عليها رجالا فحولا، ليقضي الله أمرا كان مفعولا )). ولقد كان لهذه الجموع فضلا كبيرا في نشر الإسلام واللغة العربية، والثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، وبعبارة أخرى أحدثت الهجرات الهلالية تغييرا كبيرا في البُنى الاجتماعية لشعوب المغرب. والسؤال المطروح هنا؛ ما علاقة هذه الهجرات الهلالية العربية بمنطقة الجلفة؟؛ والهلاليون الموجودون بالمنطقة، يتمثلون حصرا، في سحاري أولاد إبراهيم، وهم جمع كثير، ورحمان، والكَوانين، واليَعاقيب، وأولاد يونس، والمَوامين، والخبيزات، وأولاد سيدي يُونس، وأولاد بخيتة، وأولاد زيد، وبعضهم يُضيف إليهم لَحداب والمويعدات (المواعدة) المعروفين بالجوابر(5). والأكيد في الأمر أن هذه القبائل لم تكن بمعزل عن عروش أولاد سيدي نايل؛ فباعتبار الرابط الجغرافي أو بفعل المجاورة والمصاهرة حصل الاندماج والتفاعل الاجتماعي عبر الزمن. والشخصية التي كانت لوحدها عاملا في استقطاب الناس وإعمار المنطقة كلها؛ هذا فضلا على بقاء نسله متفرعا، هو سيدي نايل محمد بن عبد الله الخرشفي، فسيدي نايل -قبلا- كان ذا فضل وعلم، علاوة على نسبه الشريف الذي أثبتته كتب السير والأنساب، المحلية والعربية والأجنبية، فبعلمه كان له أتباع كشيخه أحمد بن يوسف الراشدي الملياني الذي سمى أتباعه بالفقراء(6). وتتفق جلّ الروايات أنّ سيدي نايل ولد ما بين سنتي 907ه/1501م،و918ه/ 1512م، بجهة فِجيج (فِقيق)، جنوبي مدينة وجدة، بالمغرب؛ أي أن سيدي نايل عاصر تناحر الدول الثلاثة المنفصلة عن الدولة الموحدية في نهاياتها(7)؛ وهي الدولة المرينية والدولة الحفصية والدولة الزيانية، وحاول أن يقيم الصلح بين هذه الدول في حد قول الشيخ الميلود قويسم في تحقيقه(8)، كما عاصر بدايات الفترة الحديثة أي بدايات الفترة العثمانية بالجزائر، وقد وفد محمد بن عبد الله الخُرشفي الإدريسي الحسني الشريف، ومن معه من عشيرته ورُفقته من الأشراف وخدمهم ورجاله، على منطقة الجلفة التي لاقى بها قَبولا وسُؤددا، بين جموع القبائل العربيّة والبربريّة الموجودة، بعدما كان قد نال حظا من الآداب والتّعلّم والفقه والتصوف، وشرف بصُحبة الفقيه الصوفي أحمد بن يوسف الراشدي الملياني المغربي الأصل (ت 1521م). وحدثت عدة صراعات مع أولاد نايل على غرار أولاد القويني وأولاد سي حمد وأولاد يحي بن سالم وأولاد امهاني أو أم هاني وغيرهم ضد العثمانيين (الأتراك)، ومن البايات الذين قاموا بحملات على الجلفة التي كان معظمها لجمع الضرائب من قبائل أولاد نايل؛ باي محمد الكبير على الزنينة، الباي عثمان أو عصمان، والباي الوزناجي على نواحي الزعفران، الباي إبراهيم على نواحي المجدل، وباي التيطري نواحي حاسي بحبح والأحواز القريبة منها، وأغلب الحملات كانت في حدود القرن 17م، 18م، والقرن 19م(9). وإن لم تكن ترجمة سيدي نايل موضوعنا فإنه لزم علينا الإطلالة قليلا على سيرته وسيرة أبنائه، وما يهمنا هو أن أبنائه وأبناء أبنائه حلوا بمنطقة الجلفة وعمروها بحسب التقسيم الإداري الموجود حاليا، وللعلم فقد أخبرنا أستاذ من إحدى جامعات اليمن بأن أولاد سيدي نايل أكبر عرش في إفريقيا أو حتى في العالم العربي كله(10)؛ وقد كان عددهم يقدّر ب 80 ألف إلى 100 ألف نسمة، وفي سنة 1985م وصل عددهم 08 مليون نسمة وصنفت على أنها أكبر قبيلة في الجزائر وفي المغرب العربي، وفي سنة 2010م وصل عددهم إلى 16 مليون، وفي إحصائيات 2012م وصل عددهم إلى 16 مليون و758 ألف نايلي، وهذا قد يرد بفعل المصاهرة والزواج المبكر وتعدد الزوجات ويسرة المؤونة عند الزواج والولادة والانتماء من أهم الأسباب التي ضاعفت عدد العرش(11)؛ فمن أبناء نايل فهم؛ أمحمد وعيسى وزكريا وفرج، يحي بن سالم وسعد بن سالم(12)، وهؤلاء خلفوا أبناءً لهم وهكذا، فبقرابة 400 سنة أو 04 قرون، يصل عدد الأجيال إلى 13 جيلا من وجود سيدي نايل. إن وجود أولاد سيدي نايل في المنطقة لم يكن جزافا بل كان وجودهم توسعي ابتداءً من قصر سيدي خالد الذي استقر به سيدي نايل بعينه والكائن ببسكرة حاليا، واستوطن أبنائه وأحفاده المرتفعات المجاورة، ومع مرور الزمن توسعوا نحو الغرب حتى الأغواط وجبال عمورة وحوض زكار شمالا، على حساب الأرباع التي نزحت نحو الجنوب وكذلك قبائل البواعيش والمويعدات شمالا(13)، وتوسعوا شرقا وغربا حتى صارت لفظ المنطقة مربوطا بانتشار قبائل وعروش، وفرق أو رفق أولاد نايل، وأصبحت المنطقة تضم كل من الجلفة بتقاسيمها، والأجزاء الجنوبية من المدية، والأجزاء الشرقية من تيارت والبيض، والأجزاء الشمالية كل من الأغواطوغرداية، والأجزاء الغربية من المسيلة وبسكرة؛ وهذا اعتبارا لانتشار وتعمير أولاد سيدي نايل للجلفة كما ذكرنا، فمثلا لا حصرا لدينا؛ أولاد عبد القادر بالعش وأعتابها ومنه أولاد شيبوط بالضريوة والصدارة وكلاهما بزاقز الشرقي، أولاد سي حمد بالزعفران وفحوصها، وأولاد أم هاني بالقديد وأحوازها وبواديها، وأولاد العقون بدار الشيوخ أو ( حوش النعاس، أو الحوش). وأولاد بن علية بسيدي بايزيد. وأولاد القويني كل من حاسي بحبح وعين معبد، أما فيما يخص أولاد طعبة والسعادات؛ فهم يقطنون جهة مسعد وما جاورها من البوادي، وأولاد لعور بسلمانة، والطرش في المجبارة، وأولاد عيفة بالمليليحة، وأم الأخوة بالفيض، وأولاد طعبة بعين الابل، وبنِ مايدة بزكار، أما أولاد سيدي زيان فيقطنون بالحشاد، وأولاد فرج ببوسعادة(14). ويجدر التذكير والتنويه؛ أن قبائل أولاد سيدي نايل عمروا المنطقة ومارسوا نشاطاتهم كالرعي والفلاحة التي اشتهروا بها؛ وزيادة على هذا اندمجوا واحتكوا بالمجتمعات المجاورة بل وتميزوا بخاصية وهي؛ قابلية التفاعل الاجتماعي. وبعد الخوض في هذا العامل الآنف، سنتناول الآن عاملا آخر كان سببا في استقطاب السكان، إلا أن هذا العامل كان له هدف مطمعي توسعي في المنطقة؛ هو الاستعمار الفرنسي من ناحية بناء المستوطنات للمعمرين اليهود والنصارى. ومن ضمن المشاريع الاستيطانية تأسيس مدينة الجلفة كملحق تابع لدائرة الأغواط بمرسوم إداري من الإمبراطور صدر في 20 فيفري 1861م تم بناء منشآت عمرانية كالمنازل التي وصل عددها (52) منزلا يسكنها (195) أوربيا منهم (109) فرنسيون(15)، ثم لتتأسس دائرة الجلفة وفق قرار حكومي في 13 سبتمبر 1874م على مساحة تقدر ب 02.07 هكتار، تضم قبيلة عدد سكانها حسب احصاء عام 1901م (53122) نسمة(16). وشيئا فشيئا بدأ التوسع المعماري ممثلا في المباني – مدينة، مساكن...- ومن بينها منزل القائد المحلي لقبائل عرش أولاد نايل سي شريف بلحرش، وتبعها استقرار بعض الأهالي في محيط المنطقة وبعض جماعة بني ميزاب بالإضافة إلى مجموعة المعمرين الأوربيين، وشرع المستعمر في تنفيذ برنامجه التوسعي بالمنطقة طبقا لقرار تأسيس الجلفة والاعتمادات المالية والوسائل والإمكانات المادية في إنجاز أولى الهياكل الدينية من بينها الكنيسة ومكان لتعبد المسيحيين وممارسة طقوسهم إضافة لشروع الكنيسة ورجالها في تقديم خدمات عامة وتعليمية للأهالي وأبنائهم من بينها الخدمات التربوية التي تبعها إنجاز مجموعة من الأقسام والمدارس وتسخير المدرسين الفرنسيين وبعض العرب. كانت الإدارة الاستعمارية تتوسع في بناء وتثبيت الهياكل الإدارية والصحية والخدماتية تمثلت في بناء مقر البلدية ومكتب العرب والمستوصف وإنجاز السوق المغطى وتوسيع مد قنوات المياه وبناء معمل لجمع وربط نبات الحلفاء، ومقر البريد ثم محطة النقل للسكة الحديدية في سنة 1921م، ووسائل النقل كالعربات التي تجرها الخيول لنقل المسافرين والبضائع ثم القطار والحافلات(17). إنما هذه المرافق ظلت لخدمة المشروع الكولونيالزي، ومن المعلوم أن فرنسا سعت لتطبيق سياساتها الثقافية؛ من ضمنها سياسة الفرنسة بالجلفة، فقد بادرت فرنسا في عشرينيات القرن الماضي بإنشاء مدارس تعليمية؛ وفي سنتي 1928م و1929م أُنشئ قسم يدرس فيه أبناء المعمرين مما ساعد على توافد الجاليات الأوروبية إلى بلدية الجلفة المختلطة، بالإضافة إلى تعليم أبناء الجلفة باللغة الفرنسية(18). وقبل هذا هنالك مثال على توافد الأوروبيين على الجلفة، نذكر منها قصة الألماني هاينريش فون مالستان الذي وجد سائحتين إنجليزيتين في فندق وحيد في المدينة–الجلفة-؛ وهو ملك لسيدتين فرنسيتين، وأراد أن يحجزه، لكن السيدتين حجزتاه من قبل(19). هذا فيما يخص الفرنسيين على وجه العموم، أما فيما يخص اليهود الذين قدموا مع الاستعمار الفرنسي إلى المنطقة فليس لدينا دليل مكتوب؛ إلا أنه وصلتنا الأخبار أن منطقة الزنينة التي تقع في الجهة الغربية من الجلفة بها بعض الأسر اليهودية، والأستاذ هزرشي بن جلول أستاذ بجامعة الجلفة مهتم في البحث على الموضوع، وذكر لي بعض العائلات اليهودية أمثال؛ عائلة يعقوب وعائلة بن مهيري التي سكنت الجلفة وبالتحديد بمنطقة الزنينة(20). وأن نشاطهم محصور على عمل صياغة الذهب وبيعه واشترائه؛ ومن الأسر التي سمعنا عنها، أسرة بن البار، و زارين وهذا الأخير سكن الجلفة في حوالي ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. ثم سكنوا بحاسي بحبح، ومن الأخبار التي وصلتنا عن هؤلاء اليهود أن يهودية تدعى زارين طلبت من أحد الجيران أن يأتيها باللحم عندما يذبحون فلبى الطلب فذبح، وأتى لها برجل الشاة وأعطاها إياها، وكان كلبها برفقتها فرمتها إلى الكلب، فقال لها الجار أخذتها عن أولادي وأنت ترميها للكلب، فقالت له اليهودية كلبي كأحد أولادي !!. وحسب الإحصائيات المتوفرة على وجود اليهود بالجلفة؛ لدينا مثلا في سنة 1901م يوجد 04 أفراد(21)، أما في سنة 1908م يزيد عددهم نحو 97 فردا يهوديا، إلى جانب بعض الإثنيات المختلفة من الفرنسيين النصارى والأهالي المسلمين(22). ولليهود بالجلفة مقبرة؛ عرفت بمقبر اليهود وهي موجودة حاليا بحي مئة دار(23). عوامل علمية لقد سجلت منطقة الجلفة رحلات علمية وافدة إليها، مما يحسب لرصيدها التاريخي العلمي والثقافي والأدبي، فنقول وندندن بأن هذا المجال مازال أرضا خصبة للبحث، وممن وفقوا لفهم هذه المعادلة الثقافية؛ هو الدكتور أبو القاسم سعد الله 1930-2013م مترجما المعادلة في كتابه الموسوعي المعروف ب"تاريخ الجزائر الثقافي"، ضمنه كل ما يتعلق بموضوع الثقافة؛ كالعلم ورجاله، مؤلفات، شعر، مجلات صحف، كتابات جزائرية وفرنسية، زوايا، تصوف، تنصير، ادماج، فرنسة، وما إلى ذلك من هذه المواضيع، وليس هذا وحسب؛ بل تناولها وهي ممتدة في أعماق التاريخ الجزائري؛ أو بالمفهوم والاصطلاح التاريخي؛ تطرق إلى التاريخ الثقافي للجزائر في العصر الحديث والمعاصر؛ أي من سنة 1500م وإلى غاية 1954م. إن الظرف الذي كانت تشهده الجلفة عموما ظرف ثقافي متأزم، حيث كان في ظرف استعماري مورست فيه سياسة التنصير والفرنسة التي انتهجتها فرنسا من جهة، وجهلا مخيما بانتشار التصوف والخرافات التي قادها شيوخ الزوايا من جهة أخرى، ومن الذين زاروا منطقة الجلفة قصد مقاومة ومحاربة كلا من هاتين اللتين كادتا أن يضيعا المجتمع الجزائري لولا جهوده وجهود أقرانه في الإصلاح؛ وهو علامة ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الحميد بن باديس 1889-1940م. وكانت الزيارة صيف 1932م بمدينة الجلفة أساسا في المسجد العتيق -بحي البرج حاليا- وألقى كعادته خطبة في الوعظ والنصح وإرشاد الناس لأمور دينهم ودنياهم، والخطبة موجودة في كتاب الرحلة الوهرانية الذي ألفه الشيخ. ومن التوفيق التقيا بالجلفة كل من الشيخ محمد البشير الإبراهيمي 1889-1965م الذي كان قاصدا الأغواط، والشيخ إبراهيم بيوض 1899-1981م الذي كان قاصدا القرارة(24). ومن الشخصيات الأخرى التي جاءت من مستغانم ونزلت الجلفة في نهاية العقد الأول وإلى غاية نهاية العشرينيات من القرن الماضي، وامتهنت القضاء ودرّس بها، وهي شخصية سيدي بن عبد الله بن الشارف بن سيدي علي حشلاف قاضي الجماعة بالجلفة والمعروف بالقاضي حشلاف صاحب كتاب سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول سنة 1929م، والقاضي حشلاف شخصية متضلعة في علوم الشرع والتاريخ والأنساب، وقد مدحه الشيخ محمد العلمي بالعاصمة عندما حلّ بالجلفة بقوله: حللت في الجلفة الحسناء في شرف فأشرقت فيها شمس العلم والأدب فالحق حصحص وأنبتت بشائره زال العنا ومالقته من لغب(25) أما علاقته بسكان الجلفة فتطورت إلى حد القرابة، فكانت قرابة أحد أبنائه العائلية مع عرش أولاد شيبوط أحد فروع أولاد نايل وخلف من بعده أحفاد علم وفضل(26). ومن المعلوم أن الجلفة منطقة عبور منذ العصر الإسلامي للتجار والمسافرين والحجيج، وبتواتر الخبر وصلنا عن المارّة التي عبرت المنطقة وهم المغاربة القاصدين في رحلتهم الشرق، حيث ذكر الشيخ أبو محمد سعيد هرماس في هذا الصدد، قائلا؛ حدّثني الشّيخ بن سعدة محمّد العيفاوي المُلقّب بالكتبي (1913م 2009م) بذلك غير مرّة، وقال لي لقد رأيت المغاربة أكثر من مرّة، حين كنت أرعى الغنم بالمنطقة المُجاورة للرّيّان، بباديتي أولاد عبد القادر وأولاد بوعبدالله، بالجهة الجنوبيّة الغربيّة لبلديّة حاسي العشّ، في بداية الثّلاثينيات من القرن الماضي، وقد طلبت مرافقهم حين عودتهم إلى موطنهم المغرب، بُغية زيارة أماكن العلم عندهم والدّراسة فيها، كفاس ومكناس وطنجة وتطوان ومرّاكش وسلا، وكنت مُولعا بذكرها وأطرب للحديث عنها. وحادثة مرور وتردد المغاربة على المنطقة شهدها عدة أعلام(27). وهناك من الوافدين الأجانب الذين أتوا إلى منطقة الجلفة لكنهم قليلون فيما نعلم، ومجيئهم هذا عن طريق الاستعمار الفرنسي؛ سواء في رحلة علمية استكشافية للمنطقة، أو معتقلين سيقوا رغما عن أنفسهم ليذوق مرارة السجن والاعتقال في الجلفة؛ وهذا الأخير سنفرد له بحثا سيأتي حينه فيما بعد. أما الرحالة الذين كانوا يمرّون بالمنطقة وسجلت شهادتهم لصالحها، ما كتبه الشيخ عبد الرحمان بن عمر التنيلاني من وصف أهل هذه المنطقة في رحلته الشهيرة إلى ثغر الجزائر سنة 1231ه/ 1816م حينما قال: ( إن عرب النوائل أكثر قبائل العرب رجالا و ماشية و خيلا ... ونعم العرب هم كثّر الله في عرب المسلمين من أمثالهم وهُم أهل بيت الرحمة، ما رأيت ولا سمعت من يعظم العلماء و حمّالة القرآن مثلهم، ولو قلت إني رأيت فيهم من البرور والرحمة والرأفة والحنانة ما لم أرَه في والديّ ما كذبت... فهم غاية في الدين والنظافة، هم أهل وضوء وصلاة وزكاة ورحمة...)(28). ومن المستكشفين الذين زاروا منطقة الجلفة أثناء رحلتهم إلى الجنوب؛ الفنان والرسام الفرنسي أوجين فرمنتان صاحب كتاب "صيف في الصحراء" 1854م (29). ومن الضباط الفرنسيين الذين كتبوا في تقاريرهم عن الجلفة في زيارتهم لها؛ نجد الضابط "أوجين دوما" صاحب كتاب" الصحراء الجزائرية"(30)، و"قوتي فليكس " الذي زار الجلفة وكتب كتابه في الجغرافيا عن حجر الملح بعين معبد التي تبعد عن مدينة الجلفة حوالي سبعة عشرة (17) كلم وسماه "حجر الملح بالجلفة". والشخصية الأخرى الراهب "فرنسوا دو فيلاري" (ت 2006) صاحب كتاب السهوب عبر العهود معالم لتاريخ الجلفة الذي احتك بأهل الجلفة وبالخصوص المنطقة الجنوبية كمسعد وزكار، ولقب باسم المرابط عبد الرحمان، ويعتبر من أهم الشخصيات التي زارت وكتبت عن تاريخ الجلفة. وعموما؛ هذه نماذج عن شخصيات علمية وفدت على المنطقة، أجانبا كانوا أو فرنسيين وذلك بهدف التعرف على تراث وتاريخ منطقة الجلفة وجغرافيتها وكتابته. العوامل السياسية ومن العوامل التي ساعدت على استقطاب السكان لمنطقة الجلفة؛ مشروع السكة الحديدية التي عملت فرنسا على مد شبكة منه في الجزائر بأكملها، ومنطقة الجلفة كجزء منه؛ مما يسهل المواصلات والتوسع الفرنسي في المنطقة، وتنشيط الاقتصاد الفرنسي، وحركة القوافل العسكرية الفرنسية المتوغلة في الصحراء(31). وهناك خط سكة حديدية يمتد من مدينة البليدة عبر المدية إلى الجلفة؛ والمعلومات التي بحوزتنا بخصوص محطة القطار بالجلفة تأسست كمركز سنة 1920م، وتم العمل به سنة 01-أفريل-1921م كأول قطار ينطلق من محطة الجلفة(32)، وهو بالقرب من المسجد العتيق الذي تم تأسيسه سنة 1863م(33)، والمحطة هي ماثلة للعيان حتى الساعة؛ تعرف بحي المحطة حاليا. والقطار ظل وسيلة لنقل الجلفاويين والفرنسيين والأجانب والمعتقلين إلى منطقة الجلفة طيلة الفترة الاستعمارية والاستفادة منه بعد الاستقلال. وقد نقل القطار الكثير من الأفراد إلى الجلفة عموما، وسجل معتقل عين اسرار بالجلفة وفودا سيقوا إلى غرفة التعذيب ومرارة العيش وشدة البرد من معتقل فرنسا إلى شمال إفريقيا في دفعة واحدة بالجزائر ثم الجلفة، وهؤلاء يشكلون خطر الجماعات المتطرفة، وكانت الدفعة متكونة من 5000 سجين تم تنظيم 10حملات إلى الجزائر بمجموع 1390 سجين، ما بين مارس 1941م وأوت 1942م، كانت تحمل 76 أجنبيا غير مرغوب فيهم قادمين من سجن باريس، منهم 38 ألماني، 14نمساوي، 80 مجريين، 40 تشيكوسلوفاكيين، 80 رومانيين و30 إسبانيين و01 عديم الجنسية، يخضعون لحراسة مشدد، وهذه المجموعة غادرت سجن باريس في24 نوفمبر ووصلت بعد ثلاثة أيام إلى الجزائر، ومن صباح اليوم التالي نقلت جموع المعتقلين إلى محطة القطار وصولا إلى محطة الجلفة وأخذهم لمعتقل عين السرار بتاريخ 28 نوفمبر 1941م (34). لكن الملفت في الأمر هو أنّ اسم المفكر الفرنسي روجي غارودي (1903-2012م) لم يرد ذكره مع أسماء هؤلاء المساجين، رغم معاصرته لهم، مع أنه ذو ثقل سياسي وعلمي. والشخصية الأخرى التي قدمت إلى الجلفة ضمن المعتقل وقدمت في فترة الثمانينات إلى عين اسرار تتذكر أطلال الماضي وما عاناه في تلك الآونة؛ وهي شخصية ألمانية مع أسرته لكن لم يرد لنا اسمه ولا حتى معلومات كافية عن هذه الشخصية الألمانية. وهناك شخصية أخرى ترددت في ألسنة الكثيرين من سكان قدماء حي عين اسرار وهي شخصية هندية؛ تذكر الرواية أنه كان في يسكن عين اسرار حتى لتاريخ متأخر؛ لكن لم يرد لنا اسمه ولا أيضا معلومات عنه سوى أنه يلقب بالهندي وكان مجاورا للسكان هناك. فالمهم كثيرة هي الشخصيات التي سيقت إلى الجلفة بقصد تعذيبها، والملاحظ أن الفترة التي كان فيها المساجين هي فترة الحرب العالمية الثانية 1939-1945م، مما يبين أن فرنسا كانت ضد ألمانيا وبالتالي فإن أي شخصية ذات وزن سياسي وغيرها تكون معارضة لها تُؤخذ للمعتقل، ولعل تلك الشخصيات خير دليل على أخذها لمعتقل الجلفة ليتم تعذيبهم هناك. أما عن الشخصيات الفرنسية التي كانت تدير المعتقل نجد كرافيلا أو غرافيلا الذي ذكره الشاعر الإسباني ماكس أوب تلميحا في قصيدة (يا الهي، ما كل هذه الكلاب) في بداية الأربعينيات من القرن الماضي بعين اسرار(35). ومن الشخصيات السياسية والعسكرية الفرنسية التي قدمت بحملتها إلى الجلفة، منها قدوم الجنرال ماري مونج إلى منطقة زكار سنة 1844م، والجنرال هربيون الذي جاء في حملة على المقسم وما جاورها سنة 1847م، والجنرال لادميرول ودور ينجر والعقيد غابوريو و فوندوفر على نواحي بوسعادة في أربعينيات القرن التاسع عشر، والعقيد كامو بعين وسارة، العقيد رونو بالزنينة في حدود الأربعينيات ق19م(36). والجنرال يوسف المعروف باللقيط الذي قدم إلى كل من مسعد ودمد في حملة لمجابهة قبائل أولاد نايل سنة 1852م. والباسل الذي حضر المقاومة ووقف إلى جانب فلول قبائل أولاد نايل وهو الأمير عبد القادر الذي خط بسيفه النصر المؤزر في كل من دمد، مسعد والزنينة، من سنة 1836م وإلى غاية 1846م(37). وأيضا الجنرال بلافو في حوالي سنة 1955م و1956م الذي كان حاضرا بجبل ببوكحيل، وقد ذكره الشاعر التركي الشيبوطي في ملحونته التالية: جنرال بلانفو جا يستخر حين ماشافو الرايس متن فيه(38) والنقيب ريكول رجل مخابرات الفرنسية أثناء الثورة التحريرية بالولاية السادسة المنطقة الثانية في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي في نواحي حوش النعاس دار الشيوخ حاليا(39). والجنرال آيمز: ضابط فرنسي معروف بتجربته في حرب العصابات، كما بعث لدعم حركة بلونيس بدار الشيوخ. برفقة أيضا الكلونيل كانس وبوبيير. والعقيد فاريال: عقيد فرنسي عين من طرف الجنراال صالان لدعم والاتصال ببلونيس في سنة 1957م بالجلفة. وجنرال سيوزي: جنرال فرنسي، وهو مفتش عام لهيئة ضباط الشؤون الأهلية والاجتماعية، التقى ببلونيس بالجلفة ممثلا للاكوست، وأبرم معه اتفاقا حول قضية القضاء على جبهة التحرير الوطني بالجلفة، وارتباط الجزائربفرنسا في سنة 1957م. ومن المعتقلات الفرنسية التي وضعت لتعذيب المجاهدين الذين تأتي بهم السلطات الفرنسية إلى الجلفة أثناء الثورة التحريرية كمعتقل: رووس العيون وكافاريلي بالجلفة، بول كازيل بعين وسارة(40). العوامل الاقتصادية إن تاريخ الجلفة الاقتصادي من المجالات الخصبة للبحث؛ ومن المعلوم أن النشاطات الاقتصادية عامل جاذب للسكان، ومن الاقتصاديات التي نود الخوض فيها؛ التجارة، فالنشاط التجاري الذي يمارسه أهل الجلفة في ماضي الأيام وحاضرها؛ هو تجارة الماشية وعلى رأسها الأغنام بدرجة أولى. ومن المراكز التي عرفت بتجارة الماشية بالجلفة في وقت مضى؛ بالقرب من المسجد العتيق –الذي أسسه بلقاسم بلحرش عام 1863م -(41) الذي كان من المراكز الهامة لتجارة الغنم بيعا واشتراءً، وبحسب الرواية؛ أن هذا المكان كان يسمى ب -ملتقى القوافل - (42). بالإضافة إلى عامل آخر ساهم في التحرك السكاني في منطقة الجلفة في المجال الاقتصادي؛ هو وفود بني ميزاب على المنطقة ولا يخفى بأنهم عرفوا بالتجارة وساهموا اسهاما كبيرا فيها؛ وما يدلل على حجية قولنا أنّ الدكتور عبد القادر قوبع ذكر بأن الروابط الجغرافية بين جنوبالجلفة –مسعد-، وغرداية –القرارة- سهلت الاتصال بين المجتمع الجلفاوي والمجتمع الميزابي؛ وتطورت هذه العلاقة التجارية إلى إرسال أولاد الميزابيين إلى صحراء مسعد لتعلم مبادئ العربية والفصاحة(43). كما أن هناك وثائق وتقارير متنوعة عن محطة تعظميت –إحدى بلديات ولاية الجلفة– إذ توجد وثيقة عن تربية الخروف تعود إلى سنة 1922م، وهناك تقرير لسنة 1942 من أربع صفحات تتضمن اقتراح إنشاء مركز مهني مخصص لتأهيل أطفال الأهالي ليتم تشغيلهم في المزرعة (44)، التي أسستها السلطات الاستعمارية آنذاك في حوالي 1830م، وجودها له دور في استقطاب السكان لمنطقة الجلفة، ويشار أن هذه المزرعة النموذجية التي يفوق عمرها 120 سنة !!، طاقة استيعابها تقدر بستة (06) ألاف رأس غنم، وأربعين (40) ألف خروف للتسمين، وثلاثمئة (300) رأس ماعز، وثمانية عشر (18) ألف دجاجة، بالإضافة إلى عدد من رؤوس الأبقار(45). وقد بادرت السلطات الفرنسية إلى إجراء مسابقة لأحسن ماشية في المنطقة، من ناحية الصوف، والجلود واللحوم استقطابا للرعاة ومربي الماشية(46). وما وصلنا من أخبار أن المزرعة بعد الاستقلال سخرت لصالح السياسة الاقتصادية آنذاك الموسومة بالثورة الزراعية. ومما وقّفه التاريخ في إحدى صوره لتاريخ الجلفة وتحسب لهذه الأخيرة، وتصنف ضمن العوامل الاقتصادية؛ هو زيارة الرئيس هواري بومدين إلى الجلفة بهدف زيارة وإعداد مشاريع اقتصادية سنة 1969م، والزيارة الثانية له سنة 1972م بهدف معاينة المشاريع السابقة. بالإضافة إلى هذه الزيارة الاقتصادية؛ زيارة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى الجلفة وبالخصوص لبلدية تعظميت وأساسا للمزرعة النموذجية سنة 1987م. وفي الختام، إن تعمير منطقة الجلفة بالسكان لم يكن أمرا عفويا بطبيعة الحال، فقد استمر منذ حقبة ما قبل التاريخ وإلى غاية القرن العشرين، اختلفت في ذلك الأجناس والقبائل والطوائف والمجتمعات، فصار الناس يقضون مآربهم وحوائجهم فيها، في تفاعل زمني واجتماعي بمنطقة الجلفة؛ عرف ذلك بالتاريخ الاجتماعي للجلفة. (*) الأستاذ صلاح الدين بن عبد الرحمان هزرشي / ماستر تخصص تاريخ حديث ومعاصر هوامش 1- مسعود قاسم، من مواليد 12-02-1979م، الساكن بحي عين اسرار، له العديد من القصائد الملحونة، وقد منحني جل قصائده. 2- محمد الهادي حارش، التاريخ المغاربي القديم، المؤسسة الجزائرية للطباعة، ص:179. 3- حسين خضير أحمد، علاقة الفاطميين في مصر بدول المغرب 362ه-567ه/973م-1171م، مكتبة مدبولي، القاهرة، ص: 258. 4- يختلف المؤرخون حسب مشاربهم في تناول الهجرة الهلالية؛ فمنهم ما يسميها "الغزو" وهم الغالبية من المستشرقين، ومنهم من يطلق عليها "الهجرة" و ونجد ذلك عند المؤرخين العرب المسلمين، أنظر: حسين خضير أحمد، علاقة الفاطميين في مصر بدول المغرب 362ه-567ه/973م-1171م، مكتبة مدبولي، القاهرة، ص: 258. 5- سعيد هرماس، جامعة لمُختلف العُروش في انسجام كبير تاريخ منطقة الجلفة بين السّحاري الهلاليين وأولاد سيدي نايل 15:24 17/03/2017 6- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، ج1، 1500م -1830م. عالم المعرفة، ص: 439-497، أنظر: محمد بن عبد الرحمان الديسي، تحفة الأفاضل في نسب سيدي نايل، شر، تع: عبد الكريم قذيفة. 7- يذكر أبو القاسم سعد الله أن الملياني عاصر الدول المتصارعة على السلطة؛ الزيانية والحفصية والمرينية، وأن نايل كان من أتباع الملياني آنذك. 8- أنظر: ذكر الشيخ ميلود قويسم هذه القضية في كتابه، التحقيق المتكامل في مناقب وعادات وتراث أجداد العروش الأوائل. 9- أحمد بن مسعود، منطقة الجلفة في اهتمامات االمجلة الإفريقية، الملتقى الوطني الأول حول الجلفة مسيرة كفاح 1830-1954م، جامعة زيان عاشور بالجلفة يومي25/26، ص: 83، 82. 10- تصريح أستاذ بجامعة زيان عاشور بالجلفة بقسم العلوم الإنسانية، بمناسبة ملتقى حضره جمع من الأساتذة من جامعة الأقصى، وجامعة اليمن. 11- أبو أنس، الموقع: واحة مجتمع التقرتي، عرش أولاد نايل أكبر عرش في الجزائر، 23 جويلية 2013م، 05:17. 12- راجع شجرة نسب سيدي نايل إشراف مجموعة من الأساتذة، والشجرة الغمام سي عطية مسعودي. 13- بن يوسف التلمساني، المرجع نفسه. ص-ص: 15-16. 14- وللاستزادة حول تقسيم مفصّل لمدينة الجلفة خصوصا، وللمنطقة ككل، أنظر: سعيد هرماس، جامعة لمُختلف العُروش في انسجام كبير تاريخ منطقة الجلفة بين السّحاري الهلاليين وأولاد سيدي نايل، الجلفة إنفو 17/03/2017 15- أحمد السبع، الجلفة تاريخ ومعاصرة، دار أسامة، الجزائر، ص:76. 16- حسان مغدوري، أهمية أرشيف الإدارة الاستعمارية في تدوين تاريخ منطقة الجلفة، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، ع: 12، 2014م، ص: 97. 17- كاكي محمد، Djelfa: Colonisation..et Urbanisation مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، العدد 12سنة 2014 ص:190. 18- قوبع عبد القادر، المؤثرات الفكرية والثقافية والسياسية بمنطقة الجلفة 1900-1945م، الملتقى الوطني الأول حول الجلفة مسيرة كفاح 1830-1954م، جامعة زيان عاشور بالجلفة يومي25/26، ص: 160. 19- عبد الله مقلاتي، الجلفة في الكتابات الفرنسية، الجلفة في مذكرات هاينريش فون مالستان، مجلة أنسنة، ملتقى وطني بجامعة الجلفة، ع 12، 2014م، ص-ص:35. 20- هزرشي بن جلول أستاذ تاريخ بقسم العلوم الإنسانية بجامعة الجلفة شارك في عدة ملتقيات وتظاهرات علمية وفكرية داخل الوطن وخارجه، كما أنه مختص في قضايا التاريخ العربي الحديث والمعاصر. 21- محمد القن، جوانب من الوضع العام بالجلفة من خلال وثيقة أرشيفية عام 1903م،، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، ع: 12، 2014م، ص: 52. 22- حسان مغدوري، أهمية أرشيف الإدارة الاستعمارية في تدوين تاريخ منطقة الجلفة، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، ع: 12، 2014م، ص: 98. 23- مقبر اليهود هكذا عرفت، والمشرف عليها من الجلفة، وفي حوالي 2007م زارها مجموعة من الأجانب ويعتقد فيهم يهود. 24- أبوبكر يلقاسم، البصائر، ع 85، 22 جوان 1949م. ص-ص: 30-32. 25- عبد الله حشلاف، سلسلة الأصول شجرة لأبناء الرسول، المطبعة التونسية، 1929م، ص: 139. 26- شهادة أحد أحفاده وهو صلاح الدين حشلاف، ومن كتابه السلسلة، وللتعرف على القاضي حشلاف أنظر أيضا: الفضلاء لأبي محمد سعيد هرماس. 27- سعيد هرماس، طرق المغاربة المُتنقّلين إلى المشرق العربي عبر ولاية الجلفة، موقع الجلفة إنفو، 14:30، 19-07-2016م. 28- مصطفى داودي، الكتابة التاريخية حول منطقة الجلفة بين حقيقة الوقائع وظلم التأريخ ... إلى أين؟، ج2، الجلفة انفو. 11-12-2015. 29- محمود علالي، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، وصف المراكز العسكرية بالجلفة من خلال كتاب "وصف الصحراء" للكاتب أوجين فورمنتان، العدد 12سنة 2014 ص:15. 30- كمال بيرم، أنسنة للبحوث والدراسات، كتابات الضباط الفرنسيين حول الجلفة والصحاري، ص: 70. 31- السياسة الفرنسية في الصحراء الجزائرية 1844- 1916م، عميراوي أحميدة وآخرون، دار الهدى عين مليلة، الجزائر،2009م، ص:78-79. 32- نفس المرجع، أنسنة، سنوسي نائبي، نماذج من انتفاضات قبائل الجهة الجنوبية للجلفة من خلال الكتابات والتقارير الفرنسية، ص:175. 33- أبو محمد سعيد هرماس، الطبقات المالكية الجزائريين خلال المئة الهجرية الأخيرة 1900- 2000م، تقديم بشار عواد معروف،ط1، متليلي غرداية، 2013.ص:58. 34- مجلة مسارات، برنار سيكو، ماكس أوب الأكيد و المشكوك فيه ( 28نوفمبر 1941م – 18ماي 1942م)، ترجمه عن الإسبانية عبد القادر عيساوي، العدد 03سنة 2014 م ص:68. 35- أحمد سعودي، معتقل الجلفة (عين اسرار) من صناعة الألم إلى صناعة المجد من خلال تجربتي ماكس أوب و روجي غارودي، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات،ع 12، 2014 ص:119. 36- أحمد بن مسعود، منطقة الجلفة في اهتمامات االمجلة الإفريقية، الملتقى الوطني الأول حول الجلفة مسيرة كفاح 1830-1954م، جامعة زيان عاشور بالجلفة يومي25/26، ص: 83، 82. 37- قرود امحمد، المقاومات الشعبة جنوبالجلفة خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من خلال بعض المصادر الفرنسية، مقاومة أولاد طعبة وأولاد عيسى أنوذجا. مجلة أنسنة للبحوث والدراسات،ع 12، 2014 ص-ص:84-90. 38- رواية الحسين بقة، حول واقعة جبل بوكحيل ودور الشيخ زيان عاشور فيها في قصيد ملحونة معاصرة للحدث للشاعر الشيبوطي التركي. 39- سليمان قاسم، الولاية السادسة المنطقة الثانية من بداية التأسيس إلى نهاية بلونيس، ص 88-89 40- أنظر: محمد قاصري سعيد، الجفة مسيرة كفاح، معتقل بول كازيل أثناء الثورة التحريرية، الملتقى الوطني الأول حول الجلفة مسيرة كفاح 1830-1954م، جامعة زيان عاشور بالجلفة يومي25/26، ص: 160 41- أنظر أبي محمد سعيد هرماس، طبقات المالكية، ص 57. 42- من الروايات الشائعة عند سكان منطقة الجلفة. 43- عبد القادر قوبع، المؤثرات الفكرية والثقافية والسياسية بمنطقة الجلفة 1900-1945م، الملتقى الوطني الأول حول الجلفة مسيرة كفاح 1830-1954م، جامعة زيان عاشور بالجلفة يومي25/26، ص: 160. 44- حسان مغدوري، أهمية أرشيف الإدارة الاستعمارية في تدوين تاريخ منطقة الجلفة، مجلة أنسنة للبحوث والدراسات، ع: 12، 2014م، ص: 102. 45- جريدة الخبر الإلكترونية مقال بعنوان المزرعة النموذجية بتعظميت بالجلفة، 10-04-2017م 46- شريط فيديو للمزرعة النموذجية بتعظميت بالجلفة، في فترة الخمسينيات، وفيما نعلم أن الشريط دعائي ترويجي ليس إلا.