سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ظل تجميد مشروعي مستشفى الأطفال 500 سرير ومركز علاج السرطان ... مأساة الطفلة "بشرى" وووفاة الطفل "أيمن" عنوان لمعاناة أطفال الجلفة!! الأطفال مرضى السرطان من الجلفة يمكثون أشهرا بمستشفيات العاصمة بعيدا عن أهلهم
أعادت مآسي الطفل "أيمن" رحمه الله و"بشرى" شفاها الله هذه الأيام الى الواجهة قضية تجميد المشاريع الصحية التي استفادت منها ولاية الجلفة رغم أن الأمر يتعلق بولاية مليونية ... فكلّ الولايات الستة الأولى ديمغرافيا (الجزائر وسطيف ووهران والجلفةوباتنة وتيزي وزو) لديها مركز علاج سرطان ومستشفى جامعي ما عدا عاصمة السهوب!! مأساة بشرى شفاها الله وأيمن رحمه الله وأهلهما ... أول أمس الأربعاء كان يوم امتحانات السنة الخامسة لتلاميذ الإبتدائي ... وكانت ابنة الجلفة الطفلة "بشرى" على موعد مع التحدي في قسم مكيّف مع عدة أطفال بمستشفى بني مسوس ... هؤلاء الأطفال جاؤوا من ولايات بعيدة ويعالجون من مرض السرطان ... بعيدون عن أهلهم وعن ولاياتهم وبعيدون عن مدارسهم الأصلية وزملاء دراستهم ... بشرى أمضت الفترة الصباحية للامتحانات (اللغة العربية والرياضيات) ثم دخلت في استراحة وخضعت لبعض العلاجات ثم أتمّت الفترة المسائية (اللغة الفرنسية) ... إنها معاناة لا يخبُرها الا الطفلة البريئة بشرى نفسها أو والداها في شهر الصيام بعيدا عن جو العائلة!! في نفس المستشفى وخلال هذا الشهر أيضا وصلنا خبر وفاة الطفل "أيمن" ابن مدينة الجلفة الذي مكث في مستشفى الجلفة مدة أسبوعين نتيجة معاناته مع سرطان الدم ليتمّ تحويله الى مستشفى بني مسوس ويتوفى هناك ويعود في صندوق ويُدفن بمسقط رأسه منتصف شهر رمضان!! لقد عادت مرة أخرى مآسي ولاية الجلفة من خلال مآسي مرضاها لا سيما منهم الأطفال الذين يتحملون "الحقرة" التي تمارسها السلطة المركزية تجاه ولاية مليونية. ففي الدول التي تحترم نفسها نجد أن ملف الصحة يسير بالتوازي مع ملف الديمغرافيا ... فكلما ارتفع عدد السكان في منطقة ما يجب أن يقابله تكفل نوعي بشبكة نوعية من الهياكل الصحية ... ولندخل الى لغة الأرقام لنفهم حجم مأساة أطفال الجلفة ... أرقام ديمغرافية ضخمة لأطفال الجلفة ... ولا رعاية صحية نوعية!! في الاحصاء العام للسكن والسكان سنة 2008 (RGPH 2008) تبيّن لنا أن تعداد سكان عاصمة السهوب يبلغ 1164870 نسمة واستمر عدد السكان في التزايد وفقا للتقديرات وعدد الوفيات والزيادات الأقل من سنة التي تصدرها مصالح الولاية في مونوغرافيا كل سنة. ولم ينزل احصاء الأطفال الأقل من 14 سنة عن نسبة 36% من مجموع سكان الولاية ... بمعنى أكثر من الثلث هم أطفال يحتاجون تخصصات طبية وهياكل نوعية في تخصصات طب الأطفال (Pédiatrie) وجراحة الأطفال (ِChirurgie infantile CCI) وانعاش الأطفال (Réanimation Pédiatrique) والأمراض العقلية للأطفال لا سيما منها التوحّد (Pédopsychiatrie) وغيرها من التخصصات التي تفتقر إليها ولاية الجلفة ... أما بالنسبة لديمغرافيا الأطفال الأقل من 14 سنة بولاية الجلفة فقد فاقت نصف مليون رسميا منذ سنة 2017 حيث وصل العدد الى 535721 طفل بعدما كان 497773 (2015) و483219 طفل (2014) و459596 طفل (2013) و444262 طفل (2012) و423308 طفل (2011) ... وهي أرقام تعادل مجموع سكان عدة ولايات في الشمال والوسط والجنوب!! مستشفى طب الأطفال الموعود بالجلفة ... في مدونة ميزانية الدولة لسنة 2015 ورد في فصل قطاع الصحة والسكان رخصة مالية تُقدّر ب 370 مليون سنتيم بعنوان "دراسة من أجل انجاز 03 مؤسسات استشفائية متخصصة EHS في ثلاث ولايات ... منها مستشفى طب الأطفال بولاية الجلفة". وهذا المشروع كانت ولاية الجلفة قد وُعدت قبل ذلك بوقت طويل وتم تعطيله لاحقا بداعي التقشف رفقة مشروع مستشفى الأمراض العقلية ومركز علاج السرطان ومستشفى عين وسارة (240 سرير) ومستشفى 60 سرير ... وكانت "الجلفة إنفو" قد سألت الوالي السابق، عبد القادر جلاوي، عن مصير هذا المشروع ضمن "ندوة الجلفة إنفو" في جويلية 2015، ويومها رد الوالي بالقول "لقد قمنا بطلب تسجيل مستشفى لطب الأطفال بسعة 500 سرير خلال دورة التحكيم بوزارة المالية لهذه السنة حيث كان طلبنا مدعما بكل الوثائق اللازمة بما فيها محضر اختيار الأرضية" ... مما يعني أن السلطات قد قامت بواجبها هنا في نفس السنة التي خُصص فيها الغلاف المالي الخاص بلدراسة المعمارية للمشروع ... وبالتالي فإن مسلسل الحقرة المركزية متواصل اذا تعلق الأمر بولاية الجلفة!! ويوجد في الجزائر مستشفى وحيد لطب الأطفال بوهران بتعداد 240 سرير، حسب الموقع الرسمي لوزارة الصحة. ويضم هذا المسشتفى مصالح عيادية وأخرى جراحية بمجموع 13 مصلحة وهي "الاستعجالات الطبية الجراحية وطب أمراض الدم وطب الكلى وطب الجهاز الهضمي وطب الأمراض المعدية ومصلحة الانعاش وطب الأسنان وطب التكييف العضلي وطب الحروق وطب القلب" بالنسبة للمصالح العيادية و"جراحة الكلى وجراحة العيون وجراحة العظام" بالنسبة للمصالح الجراحية، استنادا الى احصائيات مديرية الصحة بوهران. أرقام الديوان الوطني للاحصائيات حول المواليد والوفيات ... سبق ل "الجلفة إنفو" أن نشرت محتوى البيان الديمغرافي للديوان الوطني للاحصاء سنة 2014. حيث تبيّن أن عاصمة السهوب خلال تلك السنة قد سجلت ولادة 31123 مولود حيّ وهو ما جعلها تحتل الترتيب السابع وطنيا في عدد المواليد الأحياء بعد كل من باتنة (35426) والعاصمة (103575) وسطيف (50609) وقسنطينة (33521) ووهران (41230) والبليدة (31430) ... وهي كلها ولايات بها مستشفيات جامعية تتوفر على أطباء وأساتذة استشفائيين جامعيين في طب وجراحة التوليد والمواليد الجدد اضافة الى وجود مناصب كافية في القابلات، ليبقى وضع ولاية الجلفة بلا مستشفى جامعي وضعا شاذّا تفضحه دوما الأرقام والإحصائيات الصادرة من مختلف الهيآت. كما احتلّت ولاية الجلفة بموجب نفس الاحصاء المرتبة الخامسة وطنيا في المواليد المتوفّين بمجموع 690 وفاة خلال سنة 2014 بعد كل من ولايات العاصمة (1392) وسطيف (854) وتيارت (819) ووهران (698). وهو مؤشر يدفع، حسب المتتبعين للوضع، الى ضرورة مضاعفة الإهتمام بالنساء الحوامل عبر زيادة مناصب القابلات في كل عيادات التوليد عبر البلديات وتسريع تجسيد مشروع مستشفى 240 سرير بعين وسارة قصد تحويل المستشفى الحالي الى مصلحة أو مستشفى متخصص في التوليد لا سيما وأن عين وسارة تشرف على 04 دوائر شمال الولاية ب 10 بلديات. أما فيما يخص وفيات الأطفال الأقل من سنة، فقد احتلت فيها ولاية الجلفة المرتبة ال 12 على الصعيد الوطني (دون الحديث عن الأطفال الذين يتم تحويلهم الى مستشفيات الشمال) وهذا بمجموع 573 رضيع. وهو وضع يوجب تسريع تجسيد المستشفى المتخصص في طب الأطفال الذي نالته ولاية الجلفة في ميزانية 2015 خصوصا وأن "الجلفة إنفو" قد سبق لها وان تطرّقت في استطلاع سابق إلى حالة مصلحة الإستعجالات بعاصمة الولاية والتي يعالج فيها في نفس الوقت الأطفال رفقة المساجين والمرضى العسكريين وضحايا حوادث المرور وجرحى شجارات العنف وشجارات الشوارع وغيرها، ومازال نفس الحال مع المصلحة الجديدة بمستشفى "محاد عبد القادر" ... مقترحات عملية كبداية لتحسين المنظومة الصحية بالجلفة ... "الجلفة إنفو" التقت ببعض أبناء قطاع الصحة ومتابعين من خارجه لا سيما المنتخبون منهم. وحسب المعنيين فإن تنظيم القطاع يجب أن يبدأ من مديرية الصحة التي مازالت تسير بعقلية تسيير الأزمة وليس البحث عن حلول لها. فولاية الجلفة محرومة منذ عدة سنوات من مناصب الأطباء الاختصاصيين للمؤسسات العمومية للصحة الجوارية (EPSP) عكس الولايات الأخرى. حيث تمنح الوزارة مناصب المختصين للمستشفيات (EPH) والمستشفيات المتخصصة فقط (ُEHS) بعاصمة السهوب. وعلى سبيل المثال فإن الوزارة تمنح للمؤسسات العمومية للصحة الجوارية بولايات الوطن مناصب في التخصصات العيادية حيث يُستفاد منها تغطية العجز في العيادات الجوارية بالبلديات. أما بالنسبة للتوحد الذي يكاد ينعدم التكفل به بولاية الجلفة فإننا سنجد أنفسنا أمام أرقام كبيرة كما هو الشأن مع بلدية مسعد التي فاق عدد الأطفال المتوحدين بها 90 حالة سنة 2015. ويكمن الحل الاستعجالي في طلب مناصب أطباء الأمراض العقلية لا سيما المتخصصون منهم في الطب العقلي للأطفال وهذا لتأطير المؤسسات العمومية للصحة الجوارية (EPSP) والمستشفيات الستة بالولاية (البيرين وعين وسارة والجلفة ومسعد وحاسي بحبح والادريسية). أما الحل الأمثل فيكمن في طلب رفع التجميد عن مستشفى الأمراض العقلية الذي خُصص له 20 مليون دينار جزائري للدراسة المعمارية في ميزانية 2015 ... ولكن التقشف كان كالعادة على حساب ولاية الجلفة!! كما يقترح المتابعون تخصيص العقار الشاغر المقابل لمستشفى طب العيون لاحتضان مجمع لمستشفيي طب الأطفال وطب الأمراض العقلية. أما المقر الحالي لمديرية الصحة الذي سيصبح شاغرا بعد انتقالها الى المقر الجديد بحي البساتين فهو ملاصق لمستشفى الأم والطفل ويمكن تحويله الى مدرسة أو ملحقة لتكوين القابلات مما يضمن التكوين النظري والتطبيقي النوعي لسلك القابلات الذي تعاني منه بلديات الجلفة نقصا كبيرا يترجمه الضغط الهائل على مستشفى الأم والطفل ومصلحة الولادات بمستشفى عين وسارة أين يفوق عدد الولادات 5000 ولادة سنويا!! وفي انتظار تجسيد مستشفى طب الأطفال، يبقى الحل في التكفل النوعي بتفعيل استعجالات خاصة بالأطفال والتوليد بمستشفى "الأم والطفل" بعاصمة الولاية لا سيما وأن هذا المستشفى توجد به مناوبة طبية دائمة في تخصصات الطب العام والتوليد وطب وجراحة الأطفال والمواليد الجدد. ولا ننسى أن ولاية الجلفة تحتل ترتيبا متقدما في عدد حالات الحروق. وقد دعت البروفيسور مريم بهلول المختصة في عيادة باستور للمحروقين بالعاصمة، سنة 2015، الى فتح عيادة جهوية متخصصة بالجلفة في الجراحة الترميمية والبلاستيكية وتعهدت بتأطيرها. ويومها وعد مدير الصحة السابق بالتكفل بالمطلب في مستشفى 240 سرير!! ... مع العلم أن الفريق الطبي المختص في طب وجراحة الحروق وخلال مكوثه بولاية الجلفة قد أجرى 21 عملية جراحية وأكثر من 850 فحص متخصص في 04 أيام فقط حيث ترتبط جُلّ حالات الحروق بالحوادث المنزلية للأطفال!! ميزانية الدولة ومستشفى طب الأطفال بالجلفة ... التقشف الذي يفاقم المعاناة!!