بين تاريخ 24 ديسمبر 2013 وتاريخ 25 جانفي 2016 فترة 25 شهرا ... إنه وزير الصحة والسكان "عبد المالك بوضياف" يعود من جديد الى الجلفة في زيارة عمل وتفقّد كما يقول الرسميون ... فهل سيكون بوضياف أمام أرقام تجميلية وحديث عن مشاريع ونهضة وعمليات وورشات للنهوض بقطاع الصحة؟ ... ولكن واقع الصحة بعاصمة السهوب كارثي وتترجمه حالة المشاريع التابعة للقطاع والتسيير الكارثي للمنظومة الصحية من طرف المديرية الولائية ... وهل ستُقال الحقيقة للوزير أم أنه سيتم اختيار نقاط معيّنة لبرنامج الزيارة قصد التغطية على عورات القطاع بولاية الجلفة؟ ولاية الجلفة ... ديمغرافيا كثيفة وأمراض مستشرية وحوادث مرور مرتفعة !! ما لا يريد أن يفهمه المسؤولون المركزيون بالجزائر هو أنه من العيب والعار أن تكون الولاية الرابعة ديمغرافيا (أكثر من 01.4 مليون نسمة) على الصعيد الوطني بلا تكفل طبي نوعي أو مستشفى جامعي ... بل انها ليست الرابعة من حيث الديمغرافيا فحسب، فهي في المراتب الأولى في ضحايا السرطان وفي ضحايا حوادث المرور وفي عدد المحروقين وفي حالات السيدا ... وفي مقابل ذلك ولاية الجلفة هي الأولى دوما في احصائيات حوادث المرور كونها ذات موقع استراتيجي يحدها أكبر عدد من الولايات "09" وهي (تيارت، الأغواط، غرداية، ورقلة، واد سوف، بسكرة، المسيلة، المدية، تيسمسيلت) وولاية منتدبة (تقرت). ويُضاف الى ذلك أن عاصمة السهوب بها أكبر عدد من الطرقات الوطنية (01، 01 أ، 01ب، 46، 89، 89 أ، 40، 40ب). في حين أن ولاية الجلفة تمر بها كل خطوط نقل المسافرين نحو الجهات الأربع للوطن. المستشفى الجامعي ... هو الحل !! عند الحديث عن المستشفى الجامعي بولاية الجلفة فإننا نستذكر الوعود التي قدّمها رشيد حراوبية وزير التعليم العالي في نوفمبر 2012 وكذا الوزير الأول سلال في ديسمبر 2013 من أجل ايفاد لجنة مشتركة بين قطاعي الصحة والتعليم العالي لدراسة مشروع المستشفى الجامعي لولاية الجلفة. غير أنه يتم تقديم حجج غير مؤسسة عن عدم امكانية تجسيده بعاصمة السهوب رغم أنه مُجسّد نظريا بها من حيث أن المراسيم التنفيذية المنشئة لمستشفيات ولاية الجلفة تتحدث عن امكانية تخصيصها للتكوين الطبي وشبه الطبي. وفضلا ذلك فإن ولاية الجلفة تعاني من نقص في الأطباء الأخصائيين ولا يمكن تغطية هذا النقص سوى بافتتاح مستشفى جامعي بها ولا يهم لأيّ جامعة يتبع لأن ذلك معناه ضمان خدمة مدنية "Service civil" للأطباء الأخصائيين لمدة 04 سنوات وليس سنتين مثلما هو الوضع حاليا. ولن يكون المستشفى الجامعي فضاء للتكوين الطبي وشبه الطبي فحسب، بل يُنتظر منه أيضا أن يُسهم في البحث العلمي بخصوص طبيعة الأمراض الموجودة بولاية الجلفة ومسبباتها وبؤرها وكذا مختلف الأوبئة المتوقعة وطب العمل وغيرها. وبالنسبة لقضية عدم توفر الموارد البشرية لتأطير المستشفى الجامعي فإن هذه الحجة يمكن اسقاطها لكون التأطير للتكوين الطبي يضمنه أساتذة مساعدون منحدرون من سلك الأطباء الأخصائيين وهُم متوفرون بولاية الجلفة في القطاعين العام والخاص ... بل إن ولاية الجلفة سوف تتدعّم بأطباء أخصائيين عسكريين في مشروع مستشفى 240 سرير الذي سيعمل كملحقة للمستشفى الجامعي المركزي للجيش لعين النعجة. وهو ما يعني سقوط كل الحجج التي يتم سوقها من طرف أفراد لا يخدمهم مشروع المستشفى الجامعي الذي يعني بالضرورة تغيّر كل المعايير لتوظيف رؤساء المصالح والمجالس العلمية الذين لن يكونوا سوى من رتبة الأساتذة الاستشفائيين الجامعيين. ومن ناحية التغطية النوعية للمستشفى الجامعي لولاية الجلفة فانه لابد من الإشارة الى أن بها حوادث مرور كثيرة وبها ثاني أكبر محطة لنقل المسافرين بعد محطة "الخروبة" وكذا 03 محطات وطنية أخرى لنقل المسافرين بحاسي بحبح وعين وسارة ومسعد. وبها مقر الفرقة 12 للمشاة الميكانيكية ومطار عسكري بعين وسارة ومشروع مطار مدني "الثلثي" وبها منطقة المناورات العسكرية التي يشرف عليها رئيس الجمهورية ببلدية حاسي بحبح. فضلا عن مركزين للتدريب العسكري للمشاة (تعظميت والمويلح) وثكنات عسكرية. كما يوجد بها أحد أكبر مؤسسات اعادة التأهيل بعين وسارة (من بين أكبر 03 سجون في الجزائر). وفي ذات السياق نشير الى أن ولاية الجلفة يوجد بها الميدان المركزي للجو بحاسي بحبح والتابع للناحية العسكرية الأولى وقد شهد سقوط طائرتين حربيتين ومقتل طاقم احديهما خلال الفترة من 13 أكتوبر الى 13 نوفمبر الجاري. وهو ما يتطلّب توفير تكفّل طبي نوعي لا يضمنه سوى المستشفى الجامعي لمثل هذا النوع من الحوادث الجوّية. واذا كان التدخّل في الكوارث الوطنية كالزلازل والفيضانات مثلا ينطلق من ولاية الجلفة بفضل "الفوج المتعدد المهام لهندسة القتال" للناحية العسكرية الأولى، فإنه قد تم دعم ذلك بالمستشفى المختلط 240 سرير بحي "شعوة" بالجلفة وهو ما يستدعي جعله نواة للتكوين الطبي في مستشفى جامعي بالجلفة بالتنسيق مع جامعة "زيان عاشور" مثلما هو الأمر بالمستشفى العسكري "محمد الصغير نقاش" بعين النعجة والذي يضمن أيضا التكوين والتربص للطلبة المدنيين لجامعة الجزائر 01 وكذا المستشفى العسكري الجهوي بورقلة وكلية الطب بجامعة ورقلة. مستشفيا البيرين ودار الشيوخ ... يستهلكان "حمّو وبوستة وجلاوي" !! بالعودة الى المشاريع المنطلقة بولاية الجلفة نجد أن قطاع الصحة لوحده يطرح علامات استفهام بالنظر الى التأخر الفادح في عدة مشاريع بل منها ما يعود الى سنة 2010 أي منذ عهد الوالي "حمو التهامي". وعلى سبيل المثال لا التعيين نذكر مستشفى 60 سرير بالبيرين الذي كان يُنتظر منه توفير التغطية الصحية لإحدى كبريات دوائر ولاية الجلفة. وتزداد أهمية التعجيل بافتتاح مستشفى البيرين بالنظر الى عدد سكانها وكذا احتوائها على 03 محاور طرقية وطنية "40، 40ب، 89" تكثر بها حوادث المرور اضافة الى عدم استفادتها من الأطباء الأخصائيين رغم احتوائها على مصلحة استعجالات بها قاعتان عصريتان للعمليات الجراحية. فدائرة البيرين استفادت من مستشفى 60 سرير بموجب البرنامج التكميلي لدعم النمو الإقتصادي سنة 2008 لتنطلق الأشغال في جانفي 2010 ولكن الى غاية هذه اللحظة مازال مستشفى البيرين بنسبة انجاز في مرحلة 80% من نسبة الإنجاز وفي طور أشغال التلبيسات والتبليط والتكييف. ليكون هذا المستشفى شاهدا على 03 وُلاة هم "حمو التهامي وبوستة أبوبكر وعبد القادر جلاوي". في حين أن مستشفى دار الشيوخ مازال هو الآخر يسير بوتيرة بطيئة رغم انطلاق أشغاله في 2013 حيث أن نسبة انجازه تُقدر بحوالي 60% منها أشغال الخرسانة في طور الانتهاء فضلا عن عدم جدوى صفقة أشغال الكهرباء رغم اعلانها عدة مرات. وهكذا تصبح كل من البيرين ودار الشيوخ مُجبرتين على الإنتظار لإنهاء أشغال مستشفييهما ورفع التحفظات واستلام المشروعين وصدور المرسوم التنفيذي لإنشائهما واعلان صفقة تجهيزهما وفتح مسابقات التوظيف ... ليكون كل ذلك مرتبطا بسنة 2018 في أفضل الأحوال!! أي الانتظار 24 شهرا أخرى عين وسارة ... ضحية للتقشف !! سكان عين وسارة لم تدم فرحتهم طويلا بمستشفاهم الجديد، فبعد اعلان الوزير الأول في ديسمبر 2013 عن استفادة المدينة من مستشفى 240 سرير، بدأ المشروع يعرف سلسلة من الإجراءات ما بين اعلانات وطعون لينتهي به الأمر الى قبول الطعن في اسناد الدراسة في ديسمبر 2014 من طرف اللجنة الوزارية للصفقات. ثم اعادة المسابقة المعمارية من جديد والتي منحت في أوت 2015 ... ولكن مصادر "الجلفة إنفو" تقول أن مكتب الدراسات لم يبدأ العمل بسبب تجميد المشروع في اطار التقشف. واذا صحّ ذلك فإن سكان عين وسارة مُجبرون على الانتظار الى غاية سنة 2017 بل أبعد من ذلك !! وأثناء ذلك تبقى الدائرة الكبرى عين وسارة والمناطق المرتبطة بها تتجرّع مرارة واقعها الصحّي ... ولا أدلَّ على ذلك من أن مستشفى عين وسارة قد سجل 5000 ولادة خلال سنة 2013 لوحدها !! وهكذا يذهب حلم الوسّاريين في رؤية مستشفاهم العصري والإكتفاء بمستشفاهم الذي يعود عمره الى عشرات السنوات والذي كان يُنتظر تحويله الى مستشفى متخصص للأم والطفل ... ضحايا الحروق في انتظار تجسيد المركز الجهوي للمحروقين والجراحة الترميمية !! يبدو التساؤل مطروحا على وزير الصحة بصفة عاجلة بشأن موافقته على تسجيل ملحقة جهوية للحروق بمستشفى المجاهد "محاد عبد القادر" أو المستشفى العسكري-المدني. حيث أنه سبق وأن أقترحت البروفيسور "مريم بهلول"، أستاذة الجراحة الترميمية بالعيادة المركزية للحروق "باستور"، افتتاح ملحقة للجراحة الترميمية والجراحة البلاستيكية بولاية الجلفة مع ضمان التكوين والتأطير. وفي هذا الصدد لابد من التذكير أن ولاية الجلفة تعرف ارتفاعا كبيرا لحالات الحروق المرتبطة أساسا بارتفاع عدد الأطفال بعاصمة السهوب والذين يفوق عددهم نصف مليون نسمة. كما أن البروفيسور "فضيلة بوعتة" قد أكدت، نقلا عن جريدة "الفجر"، أن ولاية الجلفة تحتل المرتبة الثانية وطنيا في عدد المحروقين. علما أن عددهم قد فاق 850 حالة بولاية الجلفة من بين أزيد من 13 ألف حالة على الصعيد الوطني أي بنسبة 07% من مجموع الحالات على الصعيد الوطني. مرضى السرطان ضحايا التقشف اللامقبول وغير المبرر !! كان يمكن تقبل التقشف على حساب مشاريع ولاية الجلفة الاّ مركز علاج السرطان الذي راح ضحية ميزانية 2016. فقضية السرطان هي الأولوية بالنسبة لكل سكان ولاية الجلفة لأنه ببساطة نجد أن مشروع "طريق الجلفة-الأغواط" ليس مثل مشروع مركز السرطان الذي يحتاجه 1270 شخص مصابون بهذا الداء. ورغم اسناد المسابقة المعمارية في ديسمبر 2014 الا أنها مازالت في طور الإنجاز حيث أن الدراسة تكاد تنتهي في انتظار المخططات الخاصة بالمخبر الوطني للسكن "LNHC"، الا ان ذلك ليس مبررا لحرمان ولاية الجلفة من الغلاف المالي لهذا المشروع والذي يمكن تقديره من مشروع مماثل في احدى الولايات التي انطلقت بها الأشغال. ويبقى المواطنون بولاية الجلفة يتجرّعون مرارة السرطان في حين تغيب أي مشاريع للوقاية منه. والدليل على ذلك أن مياه الصرف الإستشفائي (مستشفيات الجلفة وعين وسارة ومسعد وحاسي بحبح والإدريسية) لا يتم تصفيتها بل تذهب مباشرة الى شبكة الصرف المنزلي وبالتالي يكون قطاع الصحة في حد ذاته مصدرا للتلوث والسرطان. ونفس الأمر بالنسبة لمياه الصرف الصناعي على غرار مصنع الجلود بالولاية الأولى في عدد رؤوس الأغنام والماعز والذي يقوم بدباغة جلود الأبقار بالكروم المسرطن ... بينما نجد مثلا أن مدبغة جيجل تقوم بدباغة جلود الماعز والأغنام لأنها دباغة نباتية لا تحتاج الى الكروم المسرطن !! تكوين القابلات ... التأخر الفادح لولاية مليونية مستشفى "الأم والطفل" بولاية الجلفة صار يحمل على عاتقه ولايات مجاورة مثل الأغواطوالمسيلةوتيارتوالمدية بل وحتى حالات من ولايات بعيدة مثل تمنراست وعين صالح ليُضاف ذلك الى أعباء هذا المستشفى تجاه ساكنة الجلفة. وهذا بدليل أنه خلال سنة 2014 تم استشفاء 11691 مريضا و اجراء ما يربو عن 2240 عملية جراحية و7686 حالة ولادة و 32739 فحص متخصص. وبالتالي فإنه لابد من الالتفات لتكوين القابلات بعاصمة السهوب خصوصا وأن ولاية الجلفة تتبع معهد تيزي وزو في ذلك. ويبدو في هذا الصدد ضرورة طلب فتح ملحقة لمركز تيزي وزو لتكوين القابلات بالجلفة مع رفع عدد المناصب الممنوحة وهذا قصد تغطية النقص المسجل بعاصمة الولاية وكل البلديات. ويقترح متابعون للشأن تحويل مدرسة التكوين شبه الطبي الى معهد وطني لتكوين القابلات بالجلفة ليضاف الى معاهد تيزي وزو وتلمسان وعنابة. وخصوصا وأن ميزانية 2016 قد منحت مبلغا لدراسة مدرسة تكوين شبه طبي بمبلغ 07.1 مليون دج مناصفة مع ولاية ميلة وكذا في انتظار التعجيل بإنهاء أشغال معهد التكوين شبه الطبي 600 مقعد بيداغوجي وترقيته الى معهد وطني عالي. طب الأطفال بولاية الجلفة ... أو مسلسل اهمال الطفولة !! سبق ل "الجلفة إنفو" أن نشرت تحقيقات حول حال مصلحة الإستعجالات بعاصمة الولاية وخصوصا من حيث التكفل بطب الأطفال فيها. حيث أنه كان من الضروري تخصيص مصلحة استعجالات طبية للأطفال بمستشفى الأم والطفل مثلما هو الأمر بولايات البليدة وتيبازة وغيرها. وفي هذا الصدد يجدر التذكير بأن المرسوم التنفيذي 11/128 يشير الى أن مستشفى الأم والطفل لولاية الجلفة متخصص في "طب النساء والتوليد وطب الأطفال وجراحة الأطفال". وبالتوازي مع هذه الوضعية يجب دعوة وزير الصحة الى تسريح ميزانية دراسة مستشفى طب الأطفال "500 سرير" المرصودة في ميزانية الدولة لسنة 2015 والذي تم اختيار الأرضية الخاصة به والموافقة عليه أثناء التحكيم. لأن الأمر يتعلق بأزيد من نصف مليون طفل أقل من 15 سنة يضافون الى أطفال الولايات المجاورة بالهضاب العليا والجنوب.