"نحن معكم" ... "مستشفى السرطان حق وليس مزية" ... "لا مزيد من التأجيل" ... "نريد مستشفى السرطان فورا" ... بمثل هذه الشعارات وغيرها جاب الجلفاويون شارع الأمير عبد القادر ونهج المجاهدين من مقر البلدية بوسط المدينة الى مقر الولاية في أجواء تنظيمية تطوع لها الشباب والتزام بالتعليمات التي تم تداولها قبيل المسيرة بأيام ... الجميع باللون الأبيض ... البالونات بأيديهم ... أقنعة على الوجه كما هو الشأن مع المريض الخاضع لحصة العلاج الكيميائي ... الأطفال والكبار والنساء والشيوخ والعجائز والشباب والشابات يتوافدون على نقطة الانطلاق ... عميد مرضى السرطان "عمي محمد صباح" في الموعد رغم التعب والاجهاد من العمليات الخمسة التي خضع لها في شمال البلاد ... عناصر الشرطة يراقبون من بعيد وينظمون حركة المرور ... الصحافة المحلية حاضرة بقوة. بمجرد انتهاء صلاة العصر حتى تدفقت باقي الجموع من مساجد وسط المدينة على الساحة ليتقرر انطلاق الحراك من أجل مرضى السرطان ... موقف تقشعر له الأبدان خصوصا حين ترى أحدهم يلبس مئزرا أبيض مكتوب على ظهره خطاب مواساة الى مرضى السرطان "قضيتنا مستشفى السرطان ... نحن معكم" ... المسيرة أخذت مسارها المخطط له وقد التزم المتظاهرون الصمت ولم ترتفع عقيرتهم بالشعارات الجماعية بل وغاب مكبر الصوت الذي عهدناه في جمعات الحراك ... المسيرة تم التخطيط لها لتكون صامتة وبيضاء وبالبالونات وقد نجح الجلفاويون في جعلها حضارية حين التزموا بمسار واحد على طول الطريق مما فسح المجال أمام انسيابية حركة المرور على الجزء الآخر من الطريق ... "الجلفة إنفو" تجولت بين جموع المتظاهرين ولاحظت حضور شباب بلديات الولاية كحاسي بحبح ومسعد وفيض البطمة وعين وسارة ودار الشيوخ والمليليحة ... فالجميع معني بالسرطان ... الكثير من الآباء والأمهات أحضروا معهم أطفالهم كتعبير عن أن السرطان في الجلفة هو قضية الجميع وأنه لا يفرّق بين هذا وذاك ... وقد اتفقوا جميعا في شتى التصريحات التي رصدناها على أن الحل الوحيد والأوحد هو الرفع الفوري للتجميد عن مركز علاج السرطان. بيان الى الرأي العام ... وزّع الشباب بيانا على وسائل الاعلام من أربع صفحات تضمن تذكيرا بكرونولوجيا الوعود حول مستشفى السرطان وكذلك مطالب المتظاهرين. وقد تم في البيان التطرق الى واقع السرطان من خلال شتى الأرقام والاحصائيات التي رصدها الفاعلون مع الملف كجمعية "شعاع الأمل" وجمعية "الفجر" بولاية الجلفة وجمعية "البدر" بالبليدة. وقد رفع البيان جملة من المطالب أهمها رفع التجميد فورا ودون أي تأجيل عن مشروع مركز علاج السرطان 140 سرير وأن يكون الاعلان رسميا من طرف وزير الصحة شخصيا وبغلاف مالي استعجالي على حد تعبير البيان. كما تم رفع مطلب فتح مصالح طب الأورام بمستشفيات البيرين والإدريسية وعين وسارة ومسعد وحاسي بحبح ومستشفى المجاهد "محاد عبد القادر" وغير ذلك من المطالب التي وردت في البيان المتداول. واختتم البيان بتوجيه نداء الى سكان الولاية بالتجند من أجل رفع التجميد عن مشاريع المستشفيات كما توعد بمواصلة النضال بشتى طرق النضال والتصعيد الى حين الوفاء بالوعود القديمة ورفض الوعود الجديدة ... وتم التأكيد على أن مسيرة اليوم هي البداية للنضال من أجل رفع العذاب عن مرضى السرطان. السلطات محرجة ومطالبة بالتجاوب ... بالعودة الى كرونولوجيا الوعود والتسويف التي كانت ديدن رموز النظام السابق وكذلك الظروف الحالية مع الحراك وسجن الوزراء الذين تلاعبوا بملف السرطان بالجلفة بسبب تورطهم في قضايا فساد ... ستجد السلطات المركزية نفسها في موقف محرج للغاية لأتن الأمر يتعلق بممارسات وتركة حكومات بلخادم وسلال وأويحيى. فالحكومة اليوم تحاول أن تبدو في وضع كمن هو في قطيعة مع العهد السابق ولكنها ستحاول أن تبدو أيضا في وضع من يمسك بزمام الأمور. غير أن الوضع بولاية الجلفة قد سار هو أيضا الى القطيعة مع عهد الاستكانة الى الوعود بدليل مسيرة اليوم التي كان الاتفاق حولها كبيرا بين شتى فئات المجتمع ... وقد أكد الكثيرون أنه لو تم تحديد توقيتها في فترة صباحية كما حدث في مسيرة وفاة العقيد بن شريف فإن البلديات كلها كانت ستكتسح عاصمة الولاية ... ورغم هذه المؤاخذة الوحيدة الا أن الجلفاويين قد برهنوا عن وعيهم وحسّهم الحضاري وفي نفس الوقت أثبتوا للعالم أن الولاية الرابعة ديمغرافيا هي الدليل على اللاعدل والمفاضلة السائدين في التنمية والتكفل الاجتماعي والصحي والاقتصادي ... ليبقى الحل في أن تخصص الحكومة مجلسا وزاريا لدراسة حال ولاية الجلفة ... إنها الحال لخّصها الدكتور الخطاط مفتاح دليوح بيافطته التي خطّها بيده حيث اختصر المشهد كله بعبارة بليغة "الجلفة مريضة بالسرطان والتهميش" ... فالتهميش التهميش هو ما عمّق من المأساة وليس المرض الذي هو قضاء وقدر في النهاية ... فيديو وصور المسيرة البيضاء