في ظاهرة لمحاكاة محمد البوعزيزي مفجر انتفاضة تونس الشقيقة، أقدم ما لا يقل عن 10 شباب على محاولات انتحار متفرقة عن طريق حرق أنفسهم جراء اليأس الذي ينتابهم تحت وطئ ظروفهم المعيشية المزرية من بطالة، و فقر و عوز... وقد كان أولهم الشاب بوطرفيف محسن من بوخضرة بولاية تبسة الذي اضرم النار في جسده احتجاجاً على الوضعية التي يعيشها و الذي مازال يصارع الموت بالمستشفى ، في حين قام شبان آخرون على حرق أنفسهم في كل من ولايات جيجل، برج منايل، أم البواقي، في عدوى خطيرة لم تشهدها الجزائر من قبل...وقد سرت الظاهرة من شرق البلاد مروراً بجنوبها بوادي سوف و بريان إلى غربها، في تلمسان، مستغانم و معسكر... فيما أضرم 22 حراقاً ليلة الأحد إلى الإثنين النار في زورقهم قرابة سواحل عنابة باستعمال البنزين، و قاموا برمي أنفسهم في عرض البحر، احتجاجا على اعتراض سبيلهم من طرف القوات البحرية الجزائرية، حيث كانوا بصدد الإبحار نحو جزيرة سردينيا الإيطالية. الجلفاوي جمال طالب : هذه رسالة المحقورين في الوقت الذي كان الآلاف من الشباب ''يحرقون'' باستعمال ''قوارب الموت''، أقدم جمال طالب على حرق نفسه قبل أن يفعلها التونسي محمد البوعزيزي بسنوات، وتبعه آخرون في مناطق كثيرة أخرى، وتحول الكثير من مشاريع ''الحراقة'' إلى ''محروقين''. كان ذلك يوم الثلاثاء 19 ماي 2004 عندما جاء ذلك الشاب واسمه جمال طالب من مدينة الجلفة، قاصدا دار الصحافة الطاهر جاووت قرب ساحة أول ماي بالعاصمة الجزائرية. كان يحمل وثائق إدارية في يد، واليد الأخرى تحمل صفيحة من البنزين. الجو حار والساعة في حدود الثالثة مساء، عندما اجتاز الحاجز الأمني بسلام، ولم يكن ينتبه إليه أحد، إلا عندما سكب البنزين على جسده وأضرم فيه النار، في المكان الذي يتوسط المقر القديم لجريدة ''الخبر'' والمقر الحالي ليومية ''اليوم''. وعندما هرع إليه الناس من كل اتجاه محاولين إنقاذ حياته، كانت النار تلتهم جسده المنهك وهو يصيح ''هذه رسالتي إلى الجزائريين.. هذه رسالة المحقورين.. رسالتي إلى الدولة الجزائرية''. وسرعان ما تم نقله إلى المستشفى ليلفظ هناك أنفاسه الأخيرة، واحتلت صورته والنار تأكل جسده الصفحات الأولى للجرائد الجزائرية حينها. ويتحدث عنه عارفوه أنه كان متزنا وملتزما في حياته، لكن ''الحرة'' دفعته لأن ينهي حياته بذلك الشكل، بعد أن يئس من استعادة حقه في ولايته والمسؤولون صادروا الأرض التي استفاد منها في إطار برامج تشغيل الشباب، فاحترق حلم حياته قبل أن يحرق جسده.