هذا تصوّر الجزائر لحلّ أزمة مالي    مُخطّط استعجالي لتحسين نوعية تمدرس التلاميذ    ملتقى دولي حول القضاء الدستوري    أكثر من 100 عارض في افتتاح الطبعة العاشرة    خطوة استراتيجية لتعزيز الصناعة الوطنية ودفع التنمية بالجنوب    فتح نقاش علمي حول سبل تطوير القطاع.. ملتقى وطني حول التنظيم القانوني للسياحة في إطار التنمية المستدامة    واشنطن تشارك تل أبيب احتلال القطاع    الجزائر فلسطين.. وفاء ومصير مُشترك    تكريم رياضي لرئيس الجمهورية    ترجي مستغانم يتعادل أمام اتحاد الجزائر    حملة وطنية لحماية الغطاء النباتي والثروة الحيوانية    59 حالة سرقة مسّت المنشآت الكهربائية والغازية    ارتفاع قياسي في سعر البيض    وردة آمال في ذمّة الله    الأستاذ محمد حيدوش : شجّعوا أولادكم على مشاريع شخصية لبناء الثقة وتطوير المهارات    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    هذا السبت بالمكتبة الوطنية.. منتدى ثقافي بعنوان "إلياذة الجزائر... النشيد الأبدي"    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    البنك المركزي الأوروبي: على بنوك منطقة اليورو الاستعداد لصدمات غير مسبوقة    الاحتلال ينفذ سلسلة غارات على شرق مدينة خانيونس .. عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    بالمغير وإيليزي..حملة تحسيسية حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا    سيدي بلعباس : عدة مشاريع تنموية قيد الإنجاز ببلديات دائرة رأس الماء    بوتين يعطي شارة البدء لبناء كاسحة الجليد النووية "ستالينغراد"    النيجر : تعليق أنشطة عشرات المنظمات الإنسانية والتنموية    دعوة إلى تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية    المغير : تخصيص أزيد من 48 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية للاستثمار    تعليق قوائم الناخبين الجدد والمشطوبين الأحد القادم..اختتام فترة المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    حذر من الضغوط..آيت نوري يرسم طريق الجزائر في كأس أفريقيا    حوارية مع سقراط    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    مدينة لايبزيغ الألمانية تحتضن تظاهرة ثقافية    استقلال فلسطين حق تاريخي ثابت يدعمه البرلمان العربي حتى يتحقق على أرض الواقع    البرلمان العربي يدعو لترسيخ قيم التسامح وتفعيل التشريعات التي تجرم التطرف وخطاب الكراهية    عرقاب .. توقيع عقد لإنجاز وحدة المعالجة التحفيزية للنافتا الثقيلة    الجزائر أثبتت أنها شريك موثوق في بناء مستقبل إفريقي موحّد :    اللغة الجمالية أمام تحدي التحولات التقنية    إضفاء ديناميكية جديدة على الاستثمار المحلي    هويتي الجزائرية خياري ومنبع لكتاباتي    متربصو الدرك الوطني في زيارة للمجلس الشعبي الوطني    هندسة الميكانيكا وطاقة المواد محور ملتقى بجامعة بسكرة    40 حافلة جديدة لعنابة في جانفي المقبل    دورات تأهيلية ل 734 حرفي بغليزان    من طعام البسطاء الى رمزية التقاليد الجزائرية    مصادرة قنطارين من اللحوم البيضاء الفاسدة    أمين غويري مرتاح لسير علاج إصابته    من الفزاعات إلى الكلمات والصلاة    بلايلي موجود في قطر لإجراء عملية جراحية    سعادتي كبيرة بالعودة إلى الملاعب    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرو الطاسيلي بالأطلس الصحراوي
نشر في الجلفة إنفو يوم 24 - 09 - 2020


غابة المجبارة
تزخر صحراء الجزائر بالكثير من المقومات الطبيعية والتراث الإنساني، فبالإضافة إلى كونها متحفا مفتوحا على الهواء الطلق في مجال بقايا حضارات إنسان ما قبل التاريخ وفجر التاريخ، كالنقوش والرسوم الحجرية وبقايا الصناعات الحجرية والملاجئ القديمة والمعالم الجنائزية المتنوعة، فإن الصحراء تحوي كنوزا أخرى وخصائص تميزها عن باقي أقاليم الجزائر، وقد يكون التنوع البيئي لها من أهم ما يميزها من الناحية الإيكولوجية.
وتعتبر "حظيرة الطاسيلي ناجر" بمساحة 08 ملايين هكتار من أهم الحضائر الوطنية الثقافية التي أنشأتها الدولة للحفاظ على التراث المادي واللامادي الإنساني وكذا النباتات والحيوانات القاصرة على هذه المنطقة مثل أشجار السرو الصحراوي وذلك حسب ما جاء في المادة 02 من المرسوم رقم 72-168 المؤرخ في 27 جويلية سنة 1972 والمتضمن إنشاء الحظيرة الوطنية للطاسيلي والمؤسسة العمومية المكلفة بتسييرها.
يميز حظيرة الطاسيلي نوع من الأشجار الصنوبرية النادرة التي اقتصر نموها على بعض أودية هضبة الطاسيلي التي لا يتعدى تعدادها 233 شجرة وذلك حسب آخر إحصاء، قام به الأستاذ "سعيد ڨريم" سنوات التسعينات والمختصان في مجال الغابات،عبدون وبوضياف سنة 2002.
ويعرف هذا النوع من السرو عند توارڨ الطاسيلي ب "التاروت" بلغة التماشق، وقد كانت الصدفة والبحث المستفيض وراء اكتشافه وتحديد نوعه.
سرو الطاسيلي في بيئته الطبيعية، المصدر: الأنترنت
فقد كان أول من لاحظ وجوده من خلال ملاحظة نوع الأخشاب التي كان يستعملها توارڨ "جانت" و"غات" في ليبيا، في أبوابهم وحتى في أدوات المطبخ (ملاعق) هو الراهب الإنجليزي المختص في الطيور هنري باكر تريسترام (Henry Baker Tristram)، سنة 1860 حيث اعتقد في بادئ الأمر أنها تعود لنوع من العرعار Juneperus sempervirens ثم جاء فيما بعد الجغرافي المستكشف هنري دوفريي (Henri Duveyrier) الذي اشتهر باستكشافه للصحراء، حيث لاحظ في 1864 وجود نوع من الأشجار الصمغية التي يستغلها توارڨ منطقة غات (Ghat) من خلال معلومات استقاها من التوارق أنفسهم واعتقد من خلال معاينة الخشب أنه نوع من عرعار الأطلس Tetraclinis articulata.
لم يتمكن أحد من مشاهدته في موطنه الأصلي وبقي هذا النوع من السرو يثير جدلا في الأوساط المختصة مدة 60 عاما إلى غاية سنة 1924م لمّا تمكن النقيب في الجيش الفرنسي موريس دوبراز (Maurice Duprez)، مسؤول حصن جانت (Fort Charlet)، من اكتشاف مجموعة منه أثناء خرجة استطلاعية في واد تامريت في جنوب هضبة الطاسيلي شمال شرقي جانت. وهو ما مكّن محافظ الغابات و أستاذ الفيزيولوجيا لويس لافودان (Louis Lavauden) من الحصول على عينات منه حيث صنفه ضمن نوع السرو Cupressus Sempervirens ذو النمو الأفقي.
وقد أخذ لافودان عينات منه إلى عالمة النبات إيمي كامو (Aimée Camus). حيث صنفته كنوع جديد من أشجار السرو بعد فحصه ومقارنته مع الأصناف والأنواع القريبة. كما أطلقت عليه اسم Cupressus Dupreziana نسبة لأول من اكتشفه في موطنه الأصلي وهو العسكري "موريس دوبراز" (Maurice Duprez 1891/1943).
إن ندرة هذا النوع من الأشجار، الذي رتبه الإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (UINC) في المرتبة 12 من حيث الأنواع الأكثر عرضة للإنقراض، جعله محل اهتمام الكثير من الهيآت المختصة.

عينة من أوراق سرو الطاسيلي Cupressus Dupreziana. تصوير: شويحة حكيم
يوجد سرو الطاسيلي في الأودية المتشكلة في الحجر الرملي على ارتفاعات تتراوح بين 1430م إلى غاية 1830م. كما أن نطاقه الجغرافي محدود جدا، حيث يوجد في تجمعات محدودة في بعض الأودية مثل "واد تامريت" و"واد إنغاروهان" وواد "تافتاست" في الوجه الجنوبي لهضبة الطاسيلي. ويتواجد سرو الطاسيلي في غالب الأحيان في حالة أشجار منفردة أو تجمعات من 04 إلى 05 أشجار.
ينمو هذا النوع من أشجار السرو ويصل إلى أحجام كبيرة ويقدر ارتفاع أكبر النماذج منها الى غاية 22م وبعرض جذع يصل إلى 12م.
وتعتبر النماذج المتبقية منه أحافير حية، حيث تقدر أعمارها من 600 سنة إلى 2400 سنة وهي بمثابة الشواهد الأخيرة على الصحراء التي كانت في زمن من الأزمنة الماضية خضراء. وكل النماذج الحية والميتة من أشجار سرو الطاسيلي توجد في منطقة من هضبة الطاسيلي وتمتد على مسافة 120 كلم وبعرض لا يتجاوز 06 كلم وإن وجدت بعض الملاحظات الميدانية التي يعتقد من خلالها أنه كان متواجدا في أودية السلسلة الجبلية للأهقار وذلك حسب ملاحظة العالم كوزال (Quezel) سنة 1953 وعالم الجيولوجية كونرادكيليان (Conrad Kilian).

سرو الطاسيلي في بيئته الطبيعية، صورة من الأنترنت
أولت الجزائر أهمية بالغة لإكثار هذا النوع والحفاظ عليه من الانقراض كما كانت هناك محاولات عديدة لإكثاره بالطرق الطبيعية (بذور) وبالطرق المخبرية. ونظرا لضعف الإنتاش الذي ميز بذوره فقد كانت محاولة إكثاره محدودة للغاية، إلا أن هذا لم يمنع من نجاح نموه في كثير من المواقع حيث تذكر الأستاذة "فتيحة ساحلي" من المعهد الوطني للأبحاث الغابية في تقرير أعدته في هذا الشأن تواجده في بعض المناطق والتي من بينها محطة "ذراع السواري" ببلدية بنهار ولاية الجلفة و"غابة المجبارة" بالجلفة والتي اختيرت لتجربة غراسة سرو الطاسيلي خارج نطاقه الجغرافي حيث تم غرس 200 فسيلة في محطة ذراع السواري سنة 1969 وفي غابة المجبارة مع بداية مشروع السد الأخضر سنة 1974م بحوالي 100 أو 120 فسيلة.
موقع المجبارة أعطى نتائج جيدة لولا الرعي الجائر والإحتطاب اللذان أثّرا سلبا على نمو الأشجار ووضعية القطعة عموما. وهو الوضع الذي يستدعي الاهتمام بها والحفاط عليها والتجربة قابلة للتجديد على نطاق واسع خاصة وأن سرو الطاسيلي مقاوم جدا للجفاف ويمكن أن يدرج ضمن الأصناف المختارة لإعادة تهيئة السد الأخضر على مساحات محدودة، خاصة في المناطق المناسبة ذات التربة العميقة.
سرو الطاسيلي شجرة مهمة جدا في الحظيرة الثقافية للطاسيلي ناجر ووجود مجموعة من هذا النوع في الحظيرة الثقافية للأطلس الصحراوي (ONPCAS) من شأنه أن يعطي دفعة للقائمين على الحظيرة للمحافظة على هذا النوع وتشجيع غراسته ولما لا خلق مناطق غابية لهذا النوع النادر.
سرو الطاسيلي بمنطقة المجبارة، تصوير: شويحة حكيم
مقارنة أوراق بعض الأنواع القريبة من سرو الطاسيلي
أوراق نوع : Biota orientalis
أوراق نوع Cupressus sempervirens
أوراق نوع Juneperus Phenicia
أوراق نوع Cupressus Arizonica


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.