جاءت أرقام الدخول لقطاع التكوين المهني بولاية الجلفة لتكشف مرة أخرى عن النقص الكبير في الهياكل بالتوازي مع الضغط المسجل على المقاعد حيث تم تسجيل 5213 متكوّن جديد في دورة أكتوبر 2021 رغم أن تعداد المقاعد المتوفرة هو 4700 مقعد ... وبالتوازي مع ذلك لم يتمّ استحداث مهن قطاع السكك الحديدية في المنظومة التكوينية بولاية الجلفة رغم الوعد الذي قطعته الوزيرة السابقة للقطاع السيدة هيام بن فريحة ... ولكن مهلا فهذا ليس أسوء ما في قطاع التكوين المهني بل هناك ماهو أشنع وأفجع: إنه الفشل في استقطاب الراسبين في قطاع التربية خصوصا في الثانوي والمتوسط!! معضلة نقص الهياكل في ولاية مليونية شاسعة المساحة بالعودة إلى لغة الأرقام بعاصمة السهوب، نجد قطاع التكوين المهني مازال لا يستجيب للمطالب المرفوعة بترقية ملحقات كل من سيدي لعجال وحد السحاري وفيض البطمة إلى مراكز تكوين مهني مستقلة رغم أن الأمر يتعلق بدوائر في جنوب شرق الولاية وشمالها الغربي وشمالها الشرقي حيث نحصي تسع (09) بلديات وهي فيض البطمة وعمورة وأم العظام وسيدي لعجال والخميس وحاسي فدول وحد السحاري وعين افقة وبويرة الأحداب. ولطالما رفع سكان هذه الدوائر مطالبهم منذ سنوات عبر الإعلام أو في مختلف الزيارات الرسمية أو عبر المنتخبين. ومن جهة الهياكل المتوفرة فقد أكد السيد فكرون علي، رئيس مصلحة التكوين والتواصل والشراكة، توفر الولاية على ثلاثة (03) معاهد وطنية للتكوين المهني و14 مركزا و03 ملحقات وفرعين منتدبين في كل من بلديتي المجبارة وعين معبد بالإضافة إلى المؤسسات الخاصة المعتمدة في كل من بلديات الجلفة وعين وسارة وحاسي بحبح ومسعد. وبالنسبة لمؤسسات التكوين المهني العمومية فإنها قد أحصت ما مجموعه 10782 متكوّن منهم 5569 متكون مستمر و5213 مُسجّل جديد في دورة أكتوبر 2021 التي بدأ فيها التسجيل منذ السادس (06) من جويلية الفارط. وهو ما يعني، حسب ذات المسؤول، تجاوز المقاعد المتوفرة بنسبة 110.29%. وبالنظر إلى شساعة مساحة ولاية الجلفة ووجود بلديات وقرى نائية فإنه يُلاحظ نقص رهيب في "الفروع المنتدبة" حيث لا تحصي الولاية سوى فرعين في كل من عين معبد والمجبارة ... وحول هذه القضية فإن الوالي السابق "دومي جيلالي" كان قد وعد أمام الوزيرة السابقة للقطاع، وبحضور المدير الولائي، بإحصاء وتسخير الهياكل غير المستغلة عبر البلديات لافتتاح فروع منتدبة. وعلى سبيل المثال نجد بلديات تفتقر لمثل هذه الهياكل مثل بويرة الأحداب وحاسي العش وأم العظام وعمورة وزكار وسيدي بايزيد والقرنيني والزعفران وحاسي فدول وسلمانة وكذا الفروع البلدية ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل البويقلة والقرية الفلاحية "العقيلة" والقاهرة وبرج المهاش وأم الشقاق وسد أم الدروع وقرية أولاد عبيد الله ... وفي أقصى جنوب الولاية يبقى مركز التكوين المهني بقطارة ينتظر من يفتتحه ويضعه حيز الخدمة بتخصصات تلائم صحراء الجلفة وطبيعتها وقد سبق ل "الجلفة إنفو"، في سبتمبر 2016، أن أثارت قضية آفاق مركز التكوين المهني (300 مقعد/ 60 سرير) بقطارة وما يمكن أن يضيفه للمنطقة. حيث أن المختصين يجمعون على أن صحراء مسعد هي مستقبل الفلاحة الحديثة بولاية الجلفة بالنظر الى مناخها ومساحتها الشاسعة ومحاذاتها لولاية واد سوف التي تتربع على عرش الفلاحة وطنيا. وهو ما من شأنه أن يجعل من التكوين المهني رافدا للتنمية إذا حظيت تخصصات بالأولوية مثل الفلاحة الصحراوية لا سيما منها النخيل وزراعات البيوت البلاستيكية والأعلاف. يُضاف الى ذلك تخصصات الري وصيانة عتاد الري والميكانيك الفلاحي. ونفس الأمر بالنسبة للتخصصات المرتبطة بقطاع السياحة الحموية (حمام قطارة) مثل التسيير السياحي والفندقة والطبخ والصناعات التقليدية مع العلم أن قطاع الصناعة التقليدية سجّل 03 حرفيين رسميا من بلدية قطارة.
فقر في التخصصات ونقص في التأطير وقضية استغلال التجهيزات أما بالنسبة للتخصصات المتوفرة بولاية الجلفة فهي فقيرة جدا من هذا الجانب رغم أن المدونة الوطنية بها 495 تخصصا بينما تحصي الولاية أقل من ثمانين (80) تخصصا يتم تدوير بعضها كل سنة. وعلى سبيل المثال فإنه رغم وجود 03 معاهد وطنية للتكوين المهني تبقى منظومة التكوين المهني بولاية الجلفة تفتقر إلى أغلب تخصصات تقني سامي. وعلى سبيل المثال نجد ذلك في مهن التبريد وسمعي بصري والطباعة والتجليد والفلاحة والفلاحة الصحراوية وتربية المائيات وتسيير وفرز النفايات ومهن البيئة والمياه ومهن "الفن والثقافة والتراث" لا سيما منها ترميم البناءات القديمة وغيرها ... وأمام هذا الكم الهائل للمتكونين نجد المديرية تفتتح تخصصين فقط وهُما تحويل الحبوب الذي يستجيب للطلب في المطاحن العمومية والخاصة وتخصص البناء الموسع!! أرقام هياكل وتأطير قطاع التكوين المهني تحيل على أن ولاية الجلفة تحتاج برنامجا خاص لتوظيف الأساتذة بقطاع التكوين المهني لا سيما المتخصصين منهم. وهذا من أجل أن تصل ولاية الجلفة إلى المعدل الوطني فقط وهو 27 مؤسسة تكوينية عمومية بينما ترزح عاصمة السهوب في حدود 17 مؤسسة فقط !! أما بالنسبة لقضية استغلال التجهيزات النوعية ببعض المراكز فهي تحتاج فتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات فيها لأن الأمر يتعلق بحرمان الطلبة من التربص الميداني والحصص التطبيقية. وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر قضية استخدام التجهيزات مثل أجهزة الهندسة والأشغال العمومية بمركز حي مئة دار. وقضية تجهيزات الطرز بالحاسوب بمركز دار الشيوخ ... فلابد من إيجاد حل يضمن استغلال هذه التجهيزات بإدراج حصص تطبيقية للمتكونين يشرف عليها الأساتذة الحاليون أو بتوظيف أساتذة متخصصين ولو من باب التعاقد ... وليس باللجوء إلى الحلول الترقيعية والهروب إلى الأمام بتحويل تلك التجهيزات إلى مراكز أخرى ... فالتجهيز هو مكسب للمركز والبلدية وأبنائها وبناتها ولا يجب السماح بتحويله والتفريط فيه بل لابد من تثمينه!! قطاع التكوين المهني والتمهين بولاية الجلفة ... المنظومة المُنفرة وغير المستقطبة !! نأتي الآن إلى قضية استقطاب تلاميذ وتلميذات قطاع التربية من طرف قطاع التكوين المهني. وهنا سنعتمد على دراسة قام بها الأستاذ بن سالم عمر، دكتورالي في جامعة باتنة ... وأول سؤال يُطرح هنا هل قطاع التكوين المهني بولاية الجلفة له القدرة الفعلية على استقطاب منتوج قطاع التربية من حملة المستويات الدراسية في الإبتدائي والمتوسط والثانوي؟ وهذا دون الحديث عن منتوج مركز التعليم عن بعد (المراسلة) ومركز محو الأمية وكذا الأميين ممن يمكن استقطابهم في بعض المهن والتخصصات يُضاف لهم المنقطعون عن الدراسة في شتى المستويات. وبلُغة الأرقام فإن مديرية التكوين المهني بولاية الجلفة قد وفرت 08 تخصصات فقط من بين 167 تخصص تقني سامي مطلوب فيه مستوى السنة الثالثة ثانوي ... أي أن الخيارات محدودة كثيرا أمام 10766 راسب في باكالوريا 2021 مما يعني تقليص خياراتهم من 100% إلى 05% ... أي حرمان عاصمة السهوب من 95% من تخصصات تقني سامي في المدونة الوطنية !! نفس الأمر يُقال عن باقي المستويات الدراسية لا سيما منهم الراسبون في شهادة التعليم المتوسط ممن قد يوجهون إلى التكوين المهني أو ينقطعون عن الدراسة في شتى المستويات ... وهنا نجد أن مديرية التكوين المهني بالجلفة قد وفرت لهم حوالي 62 تخصصا من رتبة تقني وأقل منها من بين 328 تخصصا مستواها تقني أو أقل منه ... وهو ما يعني تقليص خياراتهم إلى حدود 19% اي حرمان شباب وشابات عاصمة السهوب من 80% من تخصصات المدونة الوطنية!! قضية مهن السكك الحديدية بولاية الجلفة ... يجهل ويتجاهل المسؤولون الولائيون والمركزيون قضية مهن السكك الحديدية بولاية الجلفة. وقد أثمرت المساعي الحثيثة لبعض المخلصين من أبناء ولاية الجلفة في انتزاع وعد من وزيرة القطاع السابقة السيدة هيام بن فريحة، في جانفي 2021، بإدراج تخصص مهن السكك الحديدية في المدونة الوطنية لقطاع التكوين المهني والتمهين. وتتعلق هذه القضية المصيرية بغياب سياسة التكوين الإستباقي في السكك الحديدية بولاية الجلفة لأنه قد يعني ضياع عشرات مناصب العمل في 16 بلدية!! وحسب تصريح مدير القطاع ل "الجلفة إنفو" على هامش افتتاح السنة التكوينية الحالية، فإنه قد تم إعداد ملف بعد الزيارة السابقة للوزيرة على أن يتم التنسيق في ذلك مع وزارة النقل مضيفا بأن الأمر متعلق باتفاقية بين قطاعين مع تحيين المدونة الوطنية للتخصصات في التكوين المهني. ويجدر بالذكر أنه لم يتم تحيين المدونة الوطنية منذ 2019 حيث كانت بتعداد 474 تخصصا ثم أضيف لها 21 تخصصا جديدا في 2019 ليصير المجموع 495 تخصصا. ومنذ ذلك الحين لم يتم إضافة أي تخصص جديد لا سيما مهن السكك الحديدية التي يطالب بها شباب ولاية الجلفة خصوصا وعلى مستوى الوطن عموما. لا سيما وأن ولاية الجلفة تضم 10% من البرنامج الوطني لخطوط السكك الحديدية الجديدة دون احتساب خط "مسعد – تقرت" الذي أمر بدراسته الوزير الأسبق للنقل والأشغال العمومية عمار غول سنة 2015. ويتعلق الأمر في قطاع السكك الحديدية بالتكوين المهني في عدة تخصصات مهنية وهي "مهن صيانة خطوط السكة الحديدية، مهن كهرباء السكك الحديدية، مهن صيانة القطارات، مهن الإشارة والتحكم، مهن الخدمات التجارية والتسويق والإدارة". مع العلم أن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية قد استلمت مشروع خط "المسيلة- تيسمسيلت" الذي يوجد فيه 03 محطات بكل من بلديات البيرين وسيدي لعجال وحاسي فدول حيث أن أطول مقطع من الخط المذكور يقع بإقليم ولاية الجلفة. في حين أن الشركة قد أعلنت عن مناصب إدارية بحتة فقط (عون شباك، عامل يومي، رئيس محطة، مؤشر وعامل على تحويل السكة الحديدية) دون الإعلان عن المناصب التقنية!! للبقاء على اطلاع دائم بالأخبار عبر جريدتكم "الجلفة إنفو" الإلكترونية و تلقي الإشعارات، قم بتحميل تطبيق الجلفة انفو